تقرير: الاحتلال يخطط للسيطرة الكاملة على "قبر يوسف" في نابلس

في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، يتخذ المستوطنون خطوات عملية لتعزيز وجودهم الدائم في "قبر يوسف" الواقع شرق مدينة نابلس، في محاولة لفرض سيطرة إسرائيلية كاملة على الموقع، رغم تأكيد خبراء الآثار أنه مسجل لدى وزارة الأوقاف الفلسطينية كوقف إسلامي، وأن تكوينه الأثري يعود إلى العهد العثماني، حيث اعتادت النساء زيارته للصلاة وتقديم النذور.

تحركات المستوطنين بمباركة حكومة الاحتلال:
كشفت صحيفة /يديعوت أحرونوت/ الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن تحركات مكثفة للمستوطنين تستند إلى عمليات الجيش الإسرائيلي العسكرية في شمال الضفة، وسط تنسيق مع جهات حكومية في دولة الاحتلال.

وأوضحت الصحيفة أن شخصيات بارزة في المستوطنات تقود هذه التحركات، وعلى رأسها الحاخام دودو بن ناتان، رئيس المعهد الديني "بري هاؐرتس" في مستوطنة "رحاليم"، الذي قُتل ابنه شوفال في الحرب الأخيرة على غزة. وينضم إليه يوسي داغان، رئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة، بالإضافة إلى تسفي سوكوت، النائب السابق في برلمان الاحتلال عن حزب "الصهيونية الدينية".

ويُعتبر داغان شخصية مؤثرة داخل حزب "الليكود" اليميني، ويحظى بنفوذ بين ناخبيه، فيما ينتمي سوكوت إلى حزب "الصهيونية الدينية"، الذي يضم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، المعروف بمواقفه المتطرفة، والذي يمتلك صلاحيات واسعة في إدارة المستوطنات بالضفة.

ووفق التقديرات، فإن سموتريتش مطلع على هذه التحركات. وقد بدأ المستوطنون منذ كانون ثاني/يناير الماضي بتنفيذ خطوات ميدانية "تحت الرادار"، مثل تنظيم احتجاجات أسبوعية كل يوم جمعة عند مداخل نابلس، وإقامة صلوات جماعية. وفي الوقت ذاته، تجري تحركات في الكواليس للضغط على الجهات الأمنية والسياسية من أجل تكريس السيطرة الإسرائيلية على "قبر يوسف".

القبر بين الرواية التاريخية والادعاءات الإسرائيلية
يؤكد الباحث في الآثار، ضرغام الفارس، في حديثه مع "قدس برس"، أن الموقع الأثري في حي "بلاطة البلد"، شرق نابلس، يتألف من عدة غرف، إحداها تضم ضريحًا يُعتقد أنه يعود إلى رجل صالح من عشيرة "دويكات"، وفق ما ترجح بعض الدراسات. غير أن المستوطنين يدّعون أنه قبر النبي يوسف، ويقتحمونه مرارًا بحماية جيش الاحتلال، لأداء طقوس دينية، ما يؤدي إلى مواجهات مع الفلسطينيين الذين يتصدون لهذه الاقتحامات.

وأشار الفارس إلى أن القبر خضع للسيطرة الإسرائيلية بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، وفي عام 1986 أُقيمت داخله مدرسة دينية يهودية لتدريس التوراة، قبل أن يتحول إلى بؤرة استيطانية كاملة في التسعينيات.

لكن بعد توقيع اتفاق أوسلو، انتقلت إدارة المقام إلى السلطة الفلسطينية، باعتباره يقع ضمن المناطق المصنفة "أ"، مع السماح لليهود بزيارته بتنسيق مسبق مع السلطة. ومع ذلك، أعاد الاحتلال سيطرته الكاملة على الموقع خلال اجتياح نابلس عام 2002. ورغم أن السلطة الفلسطينية تسلمت المكان لاحقًا، فإن قواتها الأمنية المتمركزة في محيطه لا تسمح للفلسطينيين بدخوله.

قبل احتلال الضفة، كان "قبر يوسف" موقعًا شعبيًا للزيارات العائلية والصلاة والتنزه في الأراضي المجاورة، لكن الاحتلال حوله إلى بؤرة توتر مستمرة.

مساعٍ إسرائيلية لفرض السيطرة الكاملة
يسعى قادة المستوطنين إلى استغلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على الضفة لتعزيز وجودهم الدائم في نابلس، زاعمين أن ذلك سيحقق "الأمن" للمستوطنين وسيوفر "الردع". ويروجون لفكرة أن الانسحاب من "قبر يوسف" بعد الانتفاضة الثانية كان "خطأً استراتيجياً"، ويطالبون بإعادة السيطرة الكاملة عليه.

وكانت /يديعوت أحرونوت/ قد كشفت أن جيش الاحتلال يعتزم البقاء بشكل دائم في مخيمات اللاجئين بشمال الضفة، بما في ذلك جنين وطولكرم، حيث أصدر وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، توجيهات للجيش بـ"الإقامة المطولة في المخيمات التي تم تطهيرها"، في خطوة قد تمهّد لتكرار السيناريو في نابلس.

وفي حال توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية لتشمل نابلس، فإن فرض الوجود الدائم في "قبر يوسف" سيصبح أكثر ترجيحًا، أما إذا لم تصل الحملة إلى المدينة، فقد يواجه المستوطنون صعوبة أكبر في تنفيذ مخططهم.

تصريحات متطرفة تدعو إلى إعادة الاستيطان
يعكس خطاب قادة المستوطنين نزعة متطرفة لإعادة السيطرة على الموقع، حيث صرّح يوسي داغان، رئيس مجلس المستوطنات، قائلاً: "عندما نعود إلى قبر يوسف، سنعيد إنشاء المعهد الديني هناك. هذه رسالة واضحة بأن إسرائيل ستنتصر، فالفرار لا يجلب السلام".

أما النائب المتطرف السابق تسفي سوكوت، فادّعى أن إسرائيل "تخلت عن قبر يوسف وتركت المكان لحشود عربية عبثت به"، مضيفًا: "من هنا بدأنا الهروب من الإرهاب، وحان وقت التصحيح"، في إشارة إلى إعادة احتلال الموقع بالكامل.

وفي ظل هذه التطورات، تتجه إسرائيل إلى فرض واقع جديد على الأرض، عبر استغلال التصعيد الأمني في الضفة الغربية لتمرير مشاريع استيطانية جديدة، بما في ذلك تكريس السيطرة على "قبر يوسف"، وتحويله إلى بؤرة استيطانية رسمية، ضمن مخطط أوسع يستهدف تهويد المواقع التاريخية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
في غزة.. الموت يفيض وبيوت العزاء تبهت
يوليو 4, 2025
637 يوماً، وما يزال الموت يطرق أبواب الغزيين دون رأفةٍ بقلوب أنهكها الفقد، وذابت أرواحها من لوعة الفراق. هنا، في كل زاوية احتضنت شهيداً، لم يعد هناك متّسع في المقابر لتضم المزيد، في ظل استمرار آلة الاستهداف وتفنّن جيش الاحتلال في طرق قتل الغزيين. لا وقت هنا لتقبّل العزاء، فما إن تُستكمَل إجراءات دفن الشهيد
الأمم المتحدة: القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يتعرضان للانتهاك
يوليو 4, 2025
أكدت الأمم المتحدة، أن ميثاقها والقانون الدولي، يتعرضان للانتهاك مرارا وتكرارا من قبل بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة وغيرها. وقال الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك في تصريح صحفي، الليلة الماضية، إنه "يجب على الدول الإيمان وتنفيذ الالتزامات التي وقعت عليها بنفسها". وحول التصور السائد في الشرق الأوسط
إصابة عدد من الفلسطينيين في اعتداءات نفّذها مستوطنون وقوات الاحتلال على بلدة "بيتا" جنوب نابلس
يوليو 4, 2025
أصيب ثلاثة مواطنين فلسطينيين، فجر اليوم الجمعة، إثر الاعتداء عليهم بالضرب من قبل المستوطنين، و8 آخرين جراء استنشاقهم الغاز السام الذي أطلقه جنود الاحتلال خلال هجوم على قرية "بيتا" جنوب نابلس. وأفادت مصادر محلية، بأن عددا من المستوطنين هاجموا منزل المواطن سامر أبو زيتون في منطقة "قماص" القريب من "جبل صبيح"، وحاولوا إحراق المنزل، واعتدوا
"يونيسف": أزمة سوء تغذية تهدد آلاف الأطفال في غزة
يوليو 3, 2025
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الخميس، إن آلاف الأطفال في قطاع غزة يعانون من سوء التغذية الحاد نتيجة استمرار الحصار "الإسرائيلي" ونقص الإمدادات الأساسية. وأوضحت المنظمة أن النقص الحاد في الوقود والمياه النظيفة يعيق قدرتها على تقديم المساعدات الغذائية والرعاية الصحية المنقذة للحياة للأطفال في القطاع، محذّرة من أن الوضع الإنساني يواصل التدهور بشكل
الاحتلال يواصل التصعيد في الضفة.. اقتحامات في عزون والعيزرية
يوليو 3, 2025
واصلت قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، مساء الخميس، تصعيد حملتها العسكرية في الضفة الغربية، باقتحامها بلدتي "عزون" شرق قلقيلية و"العيزرية" جنوب شرق القدس المحتلة، حيث داهمت منازل المواطنين واعتدت على الأهالي. ففي بلدة عزون، أفادت مصادر محلية فلسطينية أن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة من المدخل الشمالي وانتشرت في شارع البريد، قبل أن تبدأ بمداهمة وتفتيش عدد من
غوتيريش: آخر شرايين الحياة في غزة على وشك الانقطاع
يوليو 3, 2025
عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن صدمته العميقة إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. وفي تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم الخميس، نقلا عن غوتيريش، حذر من أن استمرار إغلاق معابر القطاع من قبل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" يهدد بقطع آخر شرايين البقاء على قيد الحياة لسكان غزة. وقال