تقرير: الفلسطينيون يتعرضون للإذلال على حواجز الاحتلال العسكرية بالضفة الغربية

باتت الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية جزءا أساسيا من سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تهدف إلى السيطرة على حركة الفلسطينيين والتنقل بين مدنهم وقراهم، حيث باتت تعد الحواجز المنتشرة على مداخل المدن والقرى الفلسطينية نقاط تفتيش دائمة تعرقل حركة المواطنين الفلسطينيين بشكل يومي، وتُعطل حياتهم في مختلف المجالات ووسيلة لإذلالهم.
وفي الوقت الذي كانت تستغرق الطريق بين منطقتين ساعة مثلا، أصبحت اليوم تحتاج إلى ثلاث أو أربع أضعاف، وهذا تماما ما يؤكده أحمد الساعي، الذي يقطن في مدينة طولكرم والذي يعمل مدرسا في جامعة النجاح بنابلس، مشيرا إلى أنه يضطر للمرور عبر عدة حواجز في ذهابه وإيابه، ولكنه يحاول جاهدا تفاديها، من خلال متابعته الدائمة لـ"مجموعات الطرق" التي تنشر الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، عله يعثر على خبر حول حاجز يسمح بحركة السيارات، لكن من دون جدوى.
ويضيف "نخرج من الصباح الباكر لضمان وصولنا إلى الجامعة في الوقت المحدد، ولكن أمزجة الجنود وإجراءاتهم المتقلبة تمنعنا في كثير من الأحيان من الوصول إلا متأخرين، وأحيانا لا نصل أبدا"، مشيرا إلى أن “هذا يسبب لنا مشاكل في الجامعة وخسارة محاضرات مهمة، وقد اضطر الكثير منا لجعل دوامه متأخرا بعض الشيء لتجنب تأخير الصباح".
أما بالنسبة للوضع في شهر رمضان الفضيل، فيلفت منصور موقدي، وهو من بلدة "الزاوية" في محافظة سلفيت، إلى أن المعاناة قد تفاقمت، وخاصة عند حواجز "زعترة ودير شرف" جنوب وغرب نابلس، حيث الحركة البطيئة جدا لعبور المركبات التي تخضع لأمزجة الجنود. ويقول "أحيانا نمكث ساعتين أو ثلاثا وربما أكثر، حتى نتمكن من الخروج من نابلس، فنضطر إلى الإفطار عند الحواجز قبل وصول البيت".
ومساء أمس جلس "موقدي" على قارعة الطريق برفقة زميله في العمل الذي يقطن بالقرب منه يتناولان وجبة الإفطار، وهو الذي كان قد جهز بعض الطعام في سيارته لعلمه المسبق أن الوصول إلى بيته مروراً عبر الحاجز لن يكون قبل أذان المغرب، ويقول بنبرة ساخرة: "اتعودنا على الحال.. كله فدا قيادتنا اللي بدها تجيب إلنا دولة".
وشارك الرجلان مئات المواطنين الذين افترشوا الأرض قرب الحاجز وتناولوا طعام الإفطار، وسط حالة من الحسرة في قلوبهم".
بدورها، تقول ميسون الشيخ "أخرج من بيتي بعد صلاة الفجر مباشرة، ولا أصل رام الله إلا بعد ثلاث أو أربع ساعات، وأحيانا تأخذ النهار كله، وأحيانا لا يمكن الوصول أبدا، ونضطر للعودة إلى بعد طول معاناة وانتظار".
وتتحدث عن تعنت جنود الاحتلال وسعادتهم بتعقيد حياة الفلسطينيين، بحجة "تنفيذ الأوامر"، قائلة "نعيش أبشع صور الاحتلال، وبالمقابل لا تجد اهتماما من المسؤولين ولا من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لتخفيف معاناة المواطنين ووقف إذلالهم، والمس بكرامتهم وتعقيد حياتهم".
ويقول المختص بالشؤون العبرية عمر جعارة إن الحواجز العسكرية تعد واحدة من أصعب الإجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتسعى من خلالها إلى السيطرة على حركتهم وفقاً لدواع أمنية حسب التبريرات. مشيرا إلى أنه منذ إعلان وقف إطلاق النار في غزة، نصبت قوات الاحتلال نحو ثلاثين حاجزاً عسكرياً جديداً في مواقع مختلفة من الضفة الغربية، إضافة إلى أكثر من عشرين بوابة حديدية تعمل "عن بعد"، ويتحكم بها الجنود من أبراجهم، أو من داخل معسكراتهم.
ويرى جعارة أن "مستقبلاً قاتماً ينتظر الضفة الغربية، فهناك خطط استيطانية معلنة وأخرى سرية لإجبار الفلسطينيين على الهجرة، وهذه الحواجز هدفها إذلالهم، ودفعهم للتفكير في ترك أرضهم، وهذا لا يقابله أي رؤية فلسطينية من طرف السلطة أو الفصائل السياسية، سوى بيانات شجب واستنكار لا تسمن ولا تغني من جوع".