عفو عام عن مفصولي "فتح".. مصالحة داخلية أم تمسك بالسلطة؟

أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال كلمته في القمة العربية الطارئة التي عُقدت يوم الثلاثاء (4 آذار/مارس)، إصدار عفو عام عن المفصولين من حركة "فتح"، كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، مبررًا هذه الخطوة بـ "الحرص على وحدة الحركة".

وأثار هذا القرار جدلًا واسعًا بين المحللين والمراقبين، الذين وصفوه بـ "الغريب" و"المفاجئ"، نظرًا لتوقيته ومكان إعلانه، خاصة أنه جاء بالتزامن مع استحداث منصب جديد وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية و"دولة فلسطين".

وشمل قرار العفو قادة بارزين في الحركة، جرى فصلهم خلال السنوات الأخيرة بسبب خلافات شخصية واتهامات متبادلة حول آليات اتخاذ القرار داخل الحركة، كان أبرزهم محمد دحلان وناصر القدوة.

ورأى الباحث الفلسطيني والعضو السابق في المجلس الثوري لحركة "فتح"، معين الطاهر، أن هذا القرار جاء استجابةً لضغوط عربية رسمية على السلطة الفلسطينية، بهدف ضمان استقرار القيادة في ظل تقدم عباس في السن وتدهور حالته الصحية، إلى جانب التطورات السياسية الإقليمية والتهديدات الإسرائيلية المتزايدة بتهجير أهالي قطاع غزة وضم الضفة الغربية.

وانتقد الطاهر، في حديثه لـ "قدس برس"، إعلان العفو خلال القمة العربية الطارئة، معتبرًا أن "العفو العام عادةً ما يُمنح لمرتكبي الجرائم، وهو ما لا ينطبق على المفصولين من الحركة، الذين جرى إقصاؤهم بسبب تباينات سياسية وليس أخطاء قانونية".

وأكد الكاتب الفلسطيني حاتم رشيد أن القرار لا يعكس مبادرة وطنية مستقلة، بل يعزز تمسك السلطة الفلسطينية بدورها السياسي. وأوضح أن تنفيذ هذه الخطوة، إن تم، سيخدم الجهود العربية لإفشال خطة التهجير الأميركية الإسرائيلية.

واعتبر القيادي والدبلوماسي الفلسطيني السابق في حركة "فتح"، ربحي حلوم، أن القرار سيترك أثرًا بالغًا على مسار المصالحة الفلسطينية والواقع السياسي للسلطة. وأشار إلى أن الاتصالات السرية بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي تتصاعد يومًا بعد يوم، مؤكدًا أن الاحتلال يبقى صاحب الكلمة الفصل في رسم ملامح المشهد السياسي الفلسطيني.

هل يشكّل العفو العام خطوة نحو توحيد "فتح"؟
استبعد معين الطاهر أن يساهم العفو العام أو استحداث المناصب القيادية في توحيد صفوف حركة "فتح"، مشددًا على أن أي خطوة نحو الوحدة الداخلية تتطلب برنامجًا سياسيًا واضح المعالم، يهدف إلى الحفاظ على وحدة النظام السياسي الفلسطيني، والتصدي لمخططات التهجير والإبادة الجماعية في قطاع غزة، دون أن يكون على حساب طرف دون آخر.

ورأى الطاهر أن تحقيق وحدة النظام السياسي الفلسطيني لا يقتصر على "فتح"، بل يستدعي مصالحة وطنية شاملة تشمل كافة الفصائل، من خلال تشكيل قيادة موحدة وحكومة وفاق وطني، حتى لو كانت من التكنوقراط.

وفي السياق ذاته، استبعد حاتم رشيد إمكانية التوصل إلى مصالحة فلسطينية حقيقية، مشيرًا إلى أن "فتح" و"حماس" لا تبديان رغبة جدية في تحقيقها، بسبب تعارض المرجعيات السياسية والتحالفات، إضافة إلى الموقف الدولي والإقليمي الذي يميل نسبيًا لصالح السلطة الفلسطينية على حساب حركة "حماس". وبدلًا من المصالحة، توقع رشيد استمرار التنسيق الحذر بين الطرفين في المرحلة المقبلة.

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيًا في غزة خلال شهر
يوليو 4, 2025
قال جوزيب بوريل، الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، إن "مرتزقة أمريكيين" قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر واحد، متهما "مجلس أوروبا" و"المفوضية الأوروبية" بالتزام الصمت إزاء هذه الأحداث. وأشار بوريل، في منشور عبر حسابه على منصة /إكس/ يوم الخميس، إن هؤلاء المدنيين، الذين يعانون من الجوع، قُتلوا أثناء محاولتهم الوصول إلى
27 شهيداً بنيران الاحتلال بغزة منذ فجر اليوم بينهم 5 من منتظري المساعدات
يوليو 4, 2025
أفادت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة باستشهاد 27 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم، بينهم خمسة من منتظري المساعدات. وأفاد مراسل "قدس برس"، في قطاع غزة، باستشهاد ثلاثة فلسطينيين (أب وزوجته وطفلهما)، وأصيب ثلاثة آخرون بجروح جراء قصف طائرات الاحتلال لأحد المنازل في حي "الصبرة" جنوب غرب مدينة غزة. وأضاف أن طائرات الاحتلال
الخارجية الفلسطينية ترحب بقرارات 4 بلديات بلجيكية تدعو لمعاقبة "إسرائيل"
يوليو 4, 2025
رحّبت "وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية"، باعتماد أربع بلديات بلجيكية قرارات رسمية تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتدين حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. وأوضحت الوزارة، في بيان لها اليوم الخميس، أن بلديات "موسكرون، وشومون-جيستو، وديرجيم، وإيدن"، صادقت خلال شهر حزيران/يونيو الماضي على قرارات رسمية تُعرب عن تضامنها مع
جيش الاحتلال يعترف بمقتل جندي بنيران المقاومة شمالي قطاع غزة
يوليو 4, 2025
اعترف جيش الاحتلال بمقتل الجندي "يائير إلياهو" (19 عاما)، في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، في وقتٍ تشهد فيه مناطق متفرقة من القطاع اشتباكات عنيفة وأحداثًا أمنية متلاحقة. كما تحدثت منصات للمستوطنين عن حدث أمني خطير شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وسط اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، كما سُجل هبوط طائرات
"حماس" تواصل مشاوراتها والإعلام العبري: ترامب قد يعلن الإثنين هدنة في غزة
يوليو 4, 2025
أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أنها تجري مشاورات داخلية مع قادة القوى والفصائل الفلسطينية لبحث العرض الذي تلقته من الوسطاء القطريين والمصريين. وقالت الحركة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس" اليوم الجمعة، إنه "في إطار حرص الحركة على إنهاء العدوان الصهيوني على شعبنا، وضمان دخول المساعدات بحرية، فإن الحركة تجري مشاورات مع قادة القوى والفصائل
في غزة.. الموت يفيض وبيوت العزاء تبهت
يوليو 4, 2025
637 يوماً، وما يزال الموت يطرق أبواب الغزيين دون رأفةٍ بقلوب أنهكها الفقد، وذابت أرواحها من لوعة الفراق. هنا، في كل زاوية احتضنت شهيداً، لم يعد هناك متّسع في المقابر لتضم المزيد، في ظل استمرار آلة الاستهداف وتفنّن جيش الاحتلال في طرق قتل الغزيين. لا وقت هنا لتقبّل العزاء، فما إن تُستكمَل إجراءات دفن الشهيد