تقرير: ازدياد حدة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين بالضفة برعاية الاحتلال

لم يكن يعتقد المزارع حسني فرعونية أن وجوده في أرضه لقطف عشبة الزعتر في قرية "برقة" شمال غرب نابلس، كادت أن تكلفه حياته، بعدما نجى من الموت بأعجوبة عل أيدي عصابة من المستوطنين هاجمته بقضبان حديدة، ما أدى إلى إصابته بكسر في يده وخلع في كتفه، إضافة لرضوض.
يقول شقيقه حمد فرعونية لـ"قدس برس" إن أخيه استغل الوقت المتبقي لأذان المغرب أمس الأربعاء وتوجه لأرضه لجمع الزعتر، لكن عصابة من مستوطنين مستوطنة "حومش" المقامة على أراضي قريتهم والقرى المحاذية رصدته وهبطوا من الجبل وهاجموه وضربوه بقضبان حديدية على يده اليسرى ما أدى إلى كسرها كما أصيب بخلع في كتفه، إضافة لرضوض صعبة في كتفة وأنحاء جسده.
وأشار إلى أن شقيقه دافع عن نفسه رغم أنه كان أعزلا، وصدهم، ولولا ذلك لقتلوه دون أن يعلم أحدا بالأمر، كون المنطقة نائية نسبيا ولا يصل لها أحد، مؤكدا أن هجمات المستوطنين باتت أكثر دموية وعنف، دون حسيب أو رقيب.
وأوضح أن أحدا من "شرطة الاحتلال" لم يتواصل معهم، "نسمع أنهم يأتون ويحققون مع الضحية، لملاحقة الجناة. هذه نكتة فعلا. هل يمكن أن نصدق أن الاحتلال سيلاحق المستوطنين؟ طبعا هذا مستحيل".
قفزة كبيرة
من جهته، قال الناشط في رصد اعتداءات المستوطنين رائد موقدي لـ"قدس برس" إن المعطيات المتوفرة لديهم تشير إلى تسجيل زيادة بنسبة 30% في الجرائم القومية والاعتداءات التي يرتكبها مستوطنون وجنود ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، في وقت يضع الاحتلال عراقيل وصعوبات في وجه الفلسطينيين الذين يقدّمون شكاوى عقب تعرضهم لاعتداءات.
وعادة ما يزعم جيش الاحتلال التحقيق مع جنوده، لأسباب من بينها خشية ملاحقتهم في الخارج أو رفع قضايا ضدهم وضد قادة الجيش، ولذلك يوجد في صفوفه من يخشى من عواقب مثل هذه الاعتداءات. "لكن هذه القضايا لا تُعالج بالجدّية المطلوبة، هذا إن عُولجت أصلاً، سواء من الوحدات أو الشرطة العسكرية، حتى في الحالات النادرة التي تصل إلى تحقيقاتها"، كما يؤكد موقدي.
ويشدد الباحث موقدي على أن شرطة الاحتلال "لا تكاد تفعل شيئاً ضد الجرائم القومية والإرهاب من المستوطنين منذ سنوات، وتحت قيادة الوزير "إيتمار بن غفير" توقفت تماماً. وفي الحالات التي لا يوجد فيها تصوير، يتّبع الجيش نهجاً مشابهاً، حيث يضع عقبات كبيرة أمام الفلسطينيين لمنعهم من تقديم شكاوى في الوقت المناسب، ما يؤدي إلى عدم معالجة حالات الاعتداء عليهم أو على ممتلكاتهم بشكل فعلي".
ووفق الاحصائيات، شهد أول شهرين من عام 2025 ارتفاعاً حاداً في حالات الجرائم القومية التي ارتكبها مستوطنون وإسرائيليون يهود آخرون ضد الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، مقارنة ببيانات عام 2024. ويُظهر المتوسط الشهري زيادة بنسبة 30% تقريباً، حيث وقع منذ بداية العام 139 اعتداء، ما قد يستشرف معدلاً سنوياً يزيد عن 800 اعتداء إن بقيت الاعتداءات بهذه الوتيرة.
ويعقب موقدي قائلا "إن هذه البيانات تستند لما أفصحت عنه قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، ما يعني أن عدد الاعتداءات الحقيقي على أرض الواقع قد يكون أكبر فعلياً".
أحداث موثقة
وتكذّب الوقائع على الأرض ادعاء جيش الاحتلال معالجة الاعتداءات بحزم، خاصة في ظل العدوان الواسع الذي يشنه في الأشهر الأخيرة على الضفة الغربية ومخيماتها، والانتهاكات الكثيرة التي يرتكبها جنوده. وقبل بضعة أيام، على سبيل المثال، تم توثيق جنود يدفعون سيارة فلسطيني من على منحدر في منطقة الخليل. ورد الجيش بأنه لم يفتح تحقيقاً لدى الشرطة العسكرية، بزعم أن السيارة كانت معدّة للتدمير مسبقاً ولا تحمل أي قيمة مالية. وأوضح أن فتح تحقيق يتطلب حداً أدنى من القيمة المالية للممتلكات المتضررة.
في اعتداء موثّق آخر وقعت في مخيم "العروب"، يظهر فلسطيني جاثياً على ركبتيه بينما يقوم جندي إسرائيلي بضربه بقوة باستخدام سلاحه، ثم يصفعه بشدة على وجهه. ورد جيش الاحتلال بأن "الحادثة معروفة للقادة وتم التحقيق فيها من قائد اللواء. بالإضافة إلى ذلك، تم فتح تحقيق من الشرطة العسكرية، وستُحال نتائجه إلى النيابة العسكرية عند الانتهاء منه. وبطبيعة الحال، لا يمكننا التعليق على تفاصيل تحقيق جارٍ".