حصار مشدد على "الأقصى" في رمضان.. ومخططات الاحتلال تتصاعد مع "عيد المساخر"

يبدأ اليوم مايسمّى "عيد المساخر" (احتفال بذكرى هزيمة المملكة الفارسية خلال القرن الخامس قبل الميلاد، حسب المعتقد اليهودي)، الذي يستمر حتى الـ16 من الشهر الجاري، في وقت يشهد فيه المسجد الأقصى تصعيدًا كبيرًا من قبل قوات الاحتلال.
وفي هذا السياق، يعتقد خبراء في شؤون القدس التقتهم "قدس برس" اليوم الخميس، أن "الاحتلال يستغل هذه المناسبات كفرص لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، حيث يسعى لتغيير الوضع القائم في المدينة المقدسة عبر تكثيف الاعتداءات والاقتحامات، ما يشكل تحديًا كبيرًا للمقدسيين ولحالة الرباط في الأقصى".
عيد المساخر.. ذريعة الاحتلال لتكثيف اقتحامات الأقصى
حيث أكّد المتخصص في شؤون القدس، زياد ابحيص، أن "هذا العيد الديني هامشي يرتبط بأسطورة توراتية تروي قصة هلاك وزير فارسي يُدعى (هامان)، الذي قيل إنه خطط لمجزرة ضد اليهود، لكنه قُتل في اليوم الذي حدده لذلك، بفعل مكيدة دبرتها (إستير)، المحظية اليهودية للملك الفارسي أحشويرش، بمساعدة ابن عمها مردخاي".
وأشار إلى أن "العيد لا يمت بصلة لأسطورة (الهيكل)، إذ تدور أحداثه المزعومة في المنفى الفارسي لليهود، ورغم ذلك، تحاول جماعات (الهيكل) المتطرفة استغلاله كذريعة لزيادة وتيرة اقتحامات المسجد الأقصى".
وأضاف أن "الاقتحامات الصهيونية للأقصى لم تتوقف طوال شهر رمضان، حيث خصصت شرطة الاحتلال الفترة بين الساعة 7 و11 صباحًا لهذه الاقتحامات، في وقت يحرص المستوطنون على أداء طقوس تلمودية داخل المسجد، أبرزها (السجود الملحمي) والصلوات الجماعية العلنية".
وأكد أن "تزامن (عيد المساخر) مع شهر رمضان يعيد إلى الأذهان المواجهات المتكررة في الأقصى بين عامي 2019 و2023، حيث تقاطعت الأعياد الصهيونية مع الشهر الفضيل، مما أدى إلى اندلاع معركتي (سيف القدس) في آيار/مايو 2021 و(الاعتكاف) في نيسان/أبريل 2023، وهو سيناريو قد يتكرر في ظل استمرار اعتداءات الاحتلال ومحاولاته فرض وقائع جديدة على الأقصى".
إجراءات مشددة
من جانبه، قال الباحث في مؤسسة "القدس الدولية" (مستقلة مقرها بيروت)، علي إبراهيم، إن "قوات الاحتلال فرضت منذ بداية شهر رمضان قيودًا مشددة على دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، إلى جانب إجراءات قمعية في محيط البلدة القديمة".
وأوضح أن "الاحتلال استبق حلول الشهر الكريم بسلسلة من القيود، شملت تشديد الدخول على الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية، ومنع الشباب من دخول الأقصى عبر قيود عمرية، إضافة إلى نشر ثلاثة آلاف شرطي وإقامة الحواجز الحديدية في أزقة البلدة القديمة، ما أدى إلى فرض ثلاثة أطواق تحاصر المسجد الأقصى".
وأشار إلى أن "هذه الإجراءات ترافقت مع تصعيد أمني استهدف المكون البشري للأقصى، حيث منعت قوات الاحتلال إدخال وجبات الإفطار والسحور، وصادرتها من داخل المسجد، كما كثفت اقتحاماتها خارج الأوقات المعتادة، وتجولت بين المصلين، لا سيما خلال صلاتي العشاء والتراويح".
وأضاف أن "الاحتلال منع الاعتكاف في المسجد الأقصى بالقوة، وطرد المعتكفين، وصادر مكبرات الصوت من المصلى المرواني، في خطوة تهدف إلى فرض حصار خانق على المسجد".
وتابع "وعلى الرغم من الإبقاء على أعداد من المصلين في صلاتي العشاء والتراويح، فإن ذلك يأتي في سياق محاولة الاحتلال امتصاص أي رد فعل شعبي على انتهاكاته".
وفي سياق متصل، حذّر إبراهيم من تزامن هذه الإجراءات مع (عيد المساخر)، الذي رغم هامشيته وعدم ارتباطه المباشر بالمعبد المزعوم، تسعى "منظمات المعبد" (منظمات متطرفة تسعى لإقامة المعبد المزعوم مكان المسجد الأقصى المبارك)، إلى "استغلاله لزيادة أعداد المقتحمين للأقصى، وأن المستوطنين اعتادوا خلال هذا العيد أداء رقصات استفزازية أمام أبواب المسجد، وارتداء الأزياء الكهنوتية، إلى جانب تنفيذ طقوس دينية علنية مثل (السجود الملحمي) و(بركات الكهنة) قرب مصلى باب الرحمة".
وأكّد أن "تزامن هذا العيد مع شهر رمضان والإجراءات الاحتلالية المشددة يشكل اختبارًا حقيقيًا لحالة الرباط في الأقصى، ويعيد إلى الأذهان المواجهات التي سبقت معركة (سيف القدس) عام 2021".
وشدد على "ضرورة تعزيز الحضور المقدسي والفلسطيني في المسجد الأقصى، لمنع الاحتلال من استغلال الأعياد اليهودية كفرص لتعزيز الاقتحامات وفرض وقائع جديدة على الأرض، وأن الجماهير الفلسطينية هي خط الدفاع الأول والأخير عن المسجد الأقصى".
وقد اقتحمت مجموعات من المستوطنين اليوم الخميس، ساحات باحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة باب المغاربة بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، تزامنا مع ما يسمى بـ "عيد المساخر".
وقالت دائرة "الأوقاف الإسلامية" بالقدس (تابعة للأردن)، إن "عشرات المستوطنين المتزمتين اقتحموا الأقصى تحت حراسة عناصر من شرطة الاحتلال، ونفذوا جولات مشبوهة في باحاته وتلقوا شروحات عن (الهيكل) المزعوم وأدوا طقوسا تلمودية استفزازية قبالة قبة الصخرة المشرفة قبل أن ينسحبوا من الساحات من جهة باب السلسلة".