عباس يجري سلسلة تعيينات وتغييرات لإحكام السيطرة على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية

كشفت مصادر فلسطينية خاصة لـ"قدس برس" أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبو مازن)، يواصل إصدار قرارات تعيين في مختلف الأجسام التابعة لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، دون أي مشاورات مع الجهات الفلسطينية الأخرى.
وأكدت المصادر أن عباس وفريقه الضيق، وتحديدًا ما يُعرف بـ"القيادة المتنفذة"، نفّذوا سلسلة تعيينات وتعديلات وإقالات بهدف إحكام السيطرة المطلقة على هذه المؤسسات، بحيث يكون المسؤولون الجدد من الموالين تمامًا لسياسات عباس ونهجه الأحادي.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع الأخير للمجلس الثوري واللجنة المركزية لحركة "فتح" أسفر عن قرارات تعيين بارزة، من بينها تعيين رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء ماجد فرج، أمينًا لسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلفًا للراحل صائب عريقات، كما تم تعيين المشرف العام على الإذاعة والتلفزيون، أحمد عساف، خلفًا للراحل جمال محيسن.
وشملت القرارات أيضًا تعيين اللواء منير زعبي مسؤولًا عن المحافظين خلفًا للفريق إسماعيل جبر، بالإضافة إلى إحالة وزير الداخلية، اللواء زياد هب الريح، إلى التقاعد وتعيينه مستشارًا للرئيس، بينما تم تعيين اللواء زكريا مصلح وزيرًا للداخلية.
وسبق هذه التعديلات تعيين العميد نضال شاهين قائدًا لجهاز الاستخبارات العسكرية، بعد ترقيته إلى رتبة لواء، ليخلف اللواء زكريا مصلح في المنصب.
وأشارت المصادر إلى أن عباس، رغم تصريحاته خلال القمة العربية الطارئة التي عُقدت مطلع مارس الجاري في القاهرة حول "إعادة هيكلة الأطر القيادية للدولة" وضخ دماء جديدة في المنظمة وحركة "فتح" وأجهزة السلطة، يواصل إصدار مراسيم وقرارات تُحكم قبضته على السلطة، ما يعكس تناقضًا بين تصريحاته وإجراءاته الفعلية.
وتوالت المراسيم الرئاسية منذ سبتمبر الماضي، حيث أصدر عباس قرارات بتعيين عناصر من جهاز حرس الرئاسة في مواقع قيادية مختلفة ضمن الأجهزة الأمنية، مثل الارتباط العسكري، وهيئة التنظيم والإدارة العسكرية، وهيئة الإمداد والتجهيز العسكرية، إلى جانب تعيين مدير عام الشرطة، وقائد قوات الأمن الوطني، وقائد جهاز الدفاع المدني، وجميعهم من أفراد حرس الرئاسة، وهو الجهاز الذي يتولى حماية الرئيس ويحظى بثقته المطلقة. كما امتدت هذه التعيينات لتشمل جهاز الضابطة الجمركية وهيئة التدريب العسكري في أريحا.
وفي هذا السياق، ترجّح التقديرات أن التغييرات ستطال قريبًا بقية الأجهزة الأمنية، مثل "الأمن الوقائي" و"المخابرات" و"الاستخبارات"، ليتم تعيين قيادات جديدة من حرس الرئاسة. ورغم حديث عباس عن تجديد القيادات وضخ دماء جديدة، فإن أعمار معظم المسؤولين المُعيّنين والمستشارين الجدد تتراوح بين 55 و75 عامًا.
ويذكر أن عباس انتُخب رئيسًا للسلطة الفلسطينية في 15 كانون ثاني/يناير 2005، ومنذ ذلك الحين لم تُجرَ انتخابات رئاسية، ما جعله يحكم بسلطة مطلقة، متحكمًا في السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وكان من المفترض إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أيار/مايو وتموز/يوليو 2021، لكن عباس قرر إلغاءها قبل انطلاق الدعاية الانتخابية، مبررًا ذلك بمنع الاحتلال الإسرائيلي تنظيم الانتخابات في القدس. وأدى إلغاء الانتخابات إلى تفاقم الخلافات داخل حركة "فتح"، حيث انشقّت قيادات وازنة وشكّلت قوائم انتخابية مستقلة، ما دفع السلطة لاحقًا إلى معاقبتهم وإقصائهم من مواقعهم.