رسالة قناة "الأقصى" بعد حجبها عن جميع الأقمار الصناعية (بروفايل)

يعتبر القرار الغربي بحجب قناة "الأقصى" الفضائية عن البث جريمة إعلامية، حيث تتم محاولة اغتيالها واتهامها بالإرهاب لمنعها من نشر وبث جرائم الجيش الإسرائيلي المستمرة في فلسطين منذ سنوات.
تواجه قناة "الأقصى" تضييقات خارجية مستمرة ضمن سلسلة تصعيد دولي ضد الإعلام الفلسطيني. وفي خطوة جديدة قررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوم الجمعة 14 آذار/مارس 2025 حجب قناة "الأقصى" عن جميع الأقمار الصناعية. وهو ما يعتبر "اعتداءً صارخاً على حرية الرأي التعبير، وقمعا ممنهجا للرواية الفلسطينية" كما وصفه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وقد وصف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، سلامة معروف، القرار بأنه "تواطؤ مع العدوان الإسرائيلي"، مؤكداً أن هذا القرار يهدف إلى طمس الحقيقة وحرمان العالم من معرفة معاناة الشعب الفلسطيني.
استنكار واسع لقرار حجب قناة "الأقصى" الفضائية
استنكر قرار حجب القناة استنكار جهات إعلامية وأخرى سياسية وجهات حقوقية، ومنهم: الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في جنيف، المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
ومن الجهات الإعلامية: نقابة الصحفيين الفلسطينيين، الاتحاد الدولي للصحفيين، المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى)"، منتدى الإعلاميين الفلسطينيين. أما سياسيا فقط استنكر القرار: حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة. ووصفوا هذه الخطوة بأنها اعتداء صارخ على حرية الرأي والتعبير وقمع ممنهج للرواية الفلسطينية.
وقد جاء في بيان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، يوم أمس السبت انتقادات حادة للقرار، معتبرًا القرار جزءًا من الحرب المفتوحة التي يشنها الاحتلال على الإعلام الفلسطيني، والتي بلغت ذروتها في استهداف الصحفيين وتدمير المقرات الإعلامية. وأشار البيان إلى أن الاحتلال قتل 205 صحفيين، بينهم 24 من طاقم قناة الأقصى، ودمر جميع مقرات القناة في قطاع غزة.
وأكد رئيس المكتب، سلامة معروف، أن القرار يمثل "تواطؤًا مع العدوان الإسرائيلي، ويهدف إلى طمس الحقيقة ومنع العالم من سماع معاناة الشعب الفلسطيني". وأضاف أن القرار "يأتي في وقت يُسمح فيه لوسائل الإعلام الإسرائيلية بنشر خطاب الكراهية والعنصرية، مما يعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع حرية الإعلام".
من جانبها، استنكرت قناة الأقصى الفضائية القرار بشدة، مؤكدة أنه "خضوع للإملاءات الصهيونية وتواطؤ مع العدوان الإسرائيلي".
وأوضحت القناة أن القرار يتضمن فرض غرامة مالية كبيرة على أي قمر صناعي يستضيف القناة، وتهديدًا بتوجيه تهمة "رعاية الإرهاب" للأقمار التي تواصل بث القناة. وأكدت القناة أن هذا القرار يعكس حربًا على الإعلام الفلسطيني، في الوقت الذي يتم فيه استهداف الصحفيين بشكل مباشر.
وصرح المدير التنفيذي لقناة الأقصى، وسام عفيفة، أن القناة تفاجأت بهذا القرار بعدما تلقت رسالة إلكترونية من إحدى الشركات الوسيطة التي تقدم خدماتها للقناة. والقرار يتضمن فرض غرامات مالية كبيرة على أي قمر صناعي يستضيف القناة، ويهدد بتوجيه تهمة "رعاية الإرهاب" للأقمار التي تستمر في بث القناة.
جولة في النشأة والتأسيس
تُعد قناة الأقصى الفضائية إحدى أبرز القنوات الإعلامية الفلسطينية التي تأسست عام 2006 لتكون منبرًا للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. مع كل ما مرّت به من تحديات وصعوبات، فقد أثبتت القناة قدرتها على الاستمرار في نقل معاناة الشعب الفلسطيني للعالم، وفضح جرائم الاحتلال.
وقد تأسست قناة "الأقصى" الفضائية على يد فتحي حماد (نائب ووزير سابق في قطاع غزة)، كجزء من شبكة "الأقصى" الإعلامية. ومنذ انطلاقتها، كانت القناة تهدف إلى نقل معاناة الشعب الفلسطيني، فضح جرائم الاحتلال، وتعزيز الوعي بالمخططات الإسرائيلية.
وتُعد القناة منبرًا إعلاميًا لحركة "حماس"، وتوفر مساحة حرة للتعبير عن الرأي حول القضية الفلسطينية. من أبرز شعاراتها "عينك على الوطن" و"لتعلو الراية"، ما يعكس التزامها الوطني بقضية الشعب الفلسطيني.
التحديات والاعتداءات الإسرائيلية
منذ تأسيسها، تعرضت قناة الأقصى لعدة استهدافات من الاحتلال الإسرائيلي. كان أبرزها قصف مقر القناة خلال الحرب على غزة في 28 كانون أول/ديسمبر 2008، مما أدى إلى انقطاع بثها مؤقتًا. ورغم ذلك استعادت القناة بثها بسرعة، مواصلةً أداء رسالتها الإعلامية.
,كذلك الحظر الذي فرضته السلطات الفرنسية في 10 كانون ثاني/يناير 2009، نتيجة لضغوط من اللوبي الإسرائيلي في فرنسا وأمريكا. وجاء الحظر بدعوى أن القناة تنتهك المعايير الأوروبية المتعلقة بـ"التحريض على التعصب والعنف".
كما توقفت شركة "يوتلسات" الفرنسية عن بث القناة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد بداية العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي أواخر 2018، تعرضت القناة لمحاولات إسرائيلية للتشويش على بثها، في محاولة لمنع وصول محتواها إلى شباب الضفة الغربية. وفي شباط/فبراير 2015، حظر الاحتلال الإسرائيلي بث القناة في الضفة الغربية بذريعة أنها تتبع حركة "حماس" وتساهم في "زعزعة الأمن والاستقرار".
تضييقات السلطة الفلسطينية
لم تقتصر التحديات التي واجهتها قناة "الأقصى" على الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل تعرضت أيضًا لضغوط من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. حيث تم إغلاق مكتب القناة في الضفة الغربية، واعتُقل مدير المكتب الصحفي محمد شتيوي أكثر من مرة بتهمة "إثارة الكراهية والتحريض ضد السلطة".
وتمثل قناة الأقصى الفضائية أكثر من مجرد وسيلة إعلامية؛ فهي صوت الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب الإعلامية التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي فرضها. ورغم كل محاولات التضييق والحظر، فإن قناة الأقصى تواصل أداء رسالتها الإعلامية بكل الوسائل المتاحة، وتبقى شاهدًا حيًا على معاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال.
ورغم كل التحديات التي واجهتها قناة الأقصى من الاعتداءات الإسرائيلية، التضييقات الدولية، والضغوط من السلطة الفلسطينية، فإن القناة وجماهيرها مدعوون ـ في عصر الإعلام الرقمي ـ لقلب هذه المحنة إلى منحة وبتكاليف إنتاجية أقل، ولا بد من اجتراح طرق لاستمرار إيصال صوت المقاومة وفضح جرائم الاحتلال إلى حين زواله مع تهديداته.