ماذا تعني عودة الحرب الإسرائيلية على غزة؟

في خطوة تعكس استخفافًا بجهود الوسطاء والعملية التفاوضية، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استئناف الحرب على قطاع غزة.
 
ويرى مراقبون سياسيون أن هذا التصعيد "لم يكن مجرد خطوة عسكرية، بل هو انعكاس لأزمة سياسية داخلية تعصف بحكومة نتنياهو، التي تواجه ضغوطًا متزايدة من الشارع الإسرائيلي والأجهزة الأمنية".
 
فبينما "تسعى أطراف دولية وإقليمية لاحتواء الموقف عبر المسار التفاوضي، يصرّ نتنياهو على فرض معادلات جديدة بالقوة، في محاولة لترميم صورته السياسية، وكسب مزيد من الوقت في السلطة".
 
ويشير المراقبون إلى أن "هذا العدوان يأتي في سياق أوسع، يتجاوز غزة إلى الحسابات الإقليمية، حيث يتزامن مع التصعيد الأمريكي في اليمن، ما يعكس تنسيقًا استراتيجيًا بين واشنطن وتل أبيب لإعادة رسم المشهد في المنطقة".
 

مخاطر جسيمة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد، أن "استئناف الحرب في المنطقة يرفع مستوى التوتر إلى درجة غير مسبوقة، ويعيد فتح الملفات الأكثر خطورة، وعلى رأسها ملف التهجير، الذي قد يتحول إلى واقع ملموس بيد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير".

واعتبر أن "الانتقال إلى هذا المستوى من التصعيد يحمل مخاطر جسيمة، لا سيما في ظل التوجهات الإسرائيلية المتطرفة نحو تنفيذ مخططات التهجير التي سبق أن روج لها نتنياهو".

وعلى الصعيد الداخلي الإسرائيلي، أوضح عياد في حديثه لـ"قدس برس" أن "الحرب الحالية لا تتجاوز في جوهرها مساعي نتنياهو للحفاظ على حكومته وتمرير الموازنة، خصوصًا في ظل الإنهاك الشديد الذي أصاب الجيش الإسرائيلي والدولة ككل جراء الحرب الممتدة منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا".

وأشار إلى أن "المغامرة بتكرار السيناريو ذاته ستؤدي إلى مزيد من الإنهاك للكيان الإسرائيلي وتعميق الخلافات الداخلية، خاصة في ظل غياب توافق إسرائيلي حول أهداف هذه الحرب، مما يزيد من حالة الارتباك والانقسام داخل مؤسسات الاحتلال".

 
صفعة لجهود الوسطاء
 
ويؤكد الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي سعيد زياد أن إعلان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو استئناف الحرب على قطاع غزة، رغم استمرار العملية التفاوضية، "يشكل صفعة لجهود الوسطاء وخرقًا فاضحًا للاتفاق، بغطاء أمريكي واضح".
 
وفي تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أوضح زياد أن هذا التصعيد "يكشف فشل الاحتلال في استخدام أدوات الضغط السياسي على المفاوض الفلسطيني، ما دفعه إلى آخر أوراقه، وهي التصعيد العسكري".
 
وأضاف أن "استئناف العدوان يرتبط أيضًا بمحاولة تأمين مرور موازنة الحكومة الإسرائيلية للعام الجديد، في ظل مخاطر حقيقية تهدد قدرة الحكومة على تمريرها، مما قد يؤدي إلى انهيارها".
 
وأشار إلى أن "سيناريو استئناف الحرب كان متوقعًا ومألوفًا، حيث بدأ الاحتلال بضربة جوية واسعة بمشاركة الجيش والشاباك، مستخدمًا عشرات المقاتلات الحربية، بهدف خلق حالة من الردع وبثّ الرعب في نفوس السكان، في محاولة لإعادة ترهيبهم".
 
وأكد أن "هذا النهج يؤكد صوابية موقف المقاومة بعدم تقديم أي تنازلات، بما في ذلك تسليم الأسرى، قبل إقرار وقف دائم لإطلاق النار".
 
هروب من أزمة داخلية
 
من جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة، في منشور عبر حسابه في "فيسبوك"، أن "استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة يخدم عدة أهداف، أبرزها: الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار.
 
وقال الحيلة، إن "نتنياهو يهدف إلى إطالة بقائه في السلطة، وتأجيل محاسبته على فشله في معركة (طوفان الأقصى)".
 
وأضاف: "نتنياهو يسعى إلى صرف الأنظار عن التوترات داخل المؤسسة الأمنية، لا سيما خلافه مع رئيس الشاباك رونين بار، فضلًا عن الاحتجاجات الواسعة التي تستعد لها المدن الإسرائيلية ضده".
 
كما أشار إلى أن "الهجوم الأمريكي على اليمن يمنح نتنياهو فرصة استراتيجية لتنسيق التصعيد مع واشنطن، ما يتيح لإسرائيل والولايات المتحدة العمل كحلف موحّد ضد خصومهما الإقليميين، في محاولة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وتمهيد الطريق نحو مشروع “إسرائيل الكبرى”".
 
واعتبر الحيلة أن "المنطقة مقبلة على تحولات استراتيجية عميقة"، مؤكدًا أن "الصمت في هذه المرحلة لا يعني السلامة، بل الوهم".
 
بدوره أكد الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "يستغل التصعيد العسكري للهروب من أزمته الداخلية المتفاقمة، مستفيدًا من الغطاء الأمريكي المطلق".
 
وأضاف الزعاترة في تغريدة عبر حسابه على "منصة "إكس"، أن "هذه الجولة من العدوان تأتي بوحشية مضاعفة، إذ ترافقها سياسة خنق شاملة عبر الحصار والتجويع، في محاولة لفرض واقع جديد على الأرض".
 
وأشار الزعاترة إلى أن "صمت الوسطاء والعالم العربي أمام هذا التصعيد يمثل جريمة كبرى، لا سيما في ظل اتساع رقعة الاستهداف الإسرائيلي، الذي لم يعد يقتصر على غزة، بل يمتد ليطال سوريا ولبنان أيضًا".
 

وشنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الثلاثاء، عدوانا واسعا على غزة، مستأنفة حرب الإبادة مجددا على القطاع، حيث قصفت عدة مناطق، ما أدى لارتقاء 322 فلسطينيا بينهم أطفال وأصيب أكثر من 440 بينها حالات خطيرة.

وترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.​​​​​​​

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"إسرائيل" تكرر سرديتها: قتلنا أطفال الطبيبة في خان يونس بسبب وجود "مسلحين"
مايو 24, 2025
في واحدة من أكثر الجرائم إيلامًا منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة، فجعت الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، أخصائية الأطفال في "مجمع ناصر الطبي"، بوصول جثامين وأشلاء تسعة من أطفالها إلى المستشفى الذي تعمل فيه، بعد أن قضوا حرقًا نتيجة غارة جوية من قبل جيش الاحتلال استهدفت منزل العائلة في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان
لازاريني: خطة المساعدات الإنسانية الجديدة في غزة وُضعت لهدف عسكري أكثر منه إنسانيًّا
مايو 24, 2025
أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أن مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح في غزة لن ينجح. وقال لازاريني، في منشور على حساب "أونروا" على منصة "فيسبوك" اليوم السبت: "ليس من الممكن لمنظمة إنسانية تحترم حقًّا المبادئ الإنسانية الأساسية، أن تلتزم بمثل هذا المخطط". وأعرب عن اعتقاده أن "مثل هذا
"الإعلام الحكومي": 84 يوماً من حصار غزة الشامل.. الاحتلال ينفذ إبادة جماعية ويهندس سياسة تجويع المدنيين
مايو 24, 2025
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال "الإسرائيلي" يواصل، لليوم الـ84 على التوالي، فرض حصار خانق ومُحكم على قطاع غزة، من خلال الإغلاق التام لكافة المعابر، وتنفيذ سياسة تجويع جماعي ممنهجة ترتقي إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، إلى جانب تنفيذ إبادة جماعية وقتل يومي مستمر. وأشار المكتب، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته
"الديمقراطية": المساعدات حق لا أداة للابتزاز في غزة.. وخطة التوزيع تهدف لحشر السكان
مايو 24, 2025
أكدت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، أن سياسة التقطير في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لن تُنهي أزمة الجوع المتفاقمة، ولا تلبّي الحاجات الأساسية لمليونين ونصف المليون فلسطيني محاصرين منذ قرابة ثلاثة أشهر بلا طعام أو دواء أو ماء. وطالبت الجبهة، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته "قدس برس"، المجتمع الدولي بـ "تحمل مسؤولياته الإنسانية
"حماس": الاحتلال يرتكب مجزرة وحشية بقتل تسعة أطفال لطبيبة أثناء تأديتها واجبها الإنساني
مايو 24, 2025
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن جيش الاحتلال الفاشي ارتكب مجزرة مروّعة، عبر استهدافه بغارة جوية منزل الدكتورة آلاء النجار، الطبيبة في "مستشفى ناصر" بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى ارتقاء جثامين أطفالها التسعة شهداء، بينما كانت تؤدي واجبها الإنساني على رأس عملها في المستشفى. وأكدت الحركة، في تصريح صحفي اليوم الشسبت، تلقته
رئيس الحكومة الإسبانية: غزة للفلسطينيين وستبقى كذلك
مايو 24, 2025
وصف رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الوضع في قطاع غزة بأنه "غير مقبول"، مطالبًا "إسرائيل" بوقف عمليتها العسكرية في القطاع على الفور. وأكد أن "اللامبالاة ليست خيارًا للمجتمع الدولي"، مضيفًا: "لن نصمت". جاءت تصريحات سانشيز خلال مشاركته في اجتماع الأممية الاشتراكية المنعقد في إسطنبول، اليوم السبت، حيث تساءل: "هل يجب أن نظل غير مبالين تجاه