المواجهة بين واشنطن والحوثيين.. هل دخلت مرحلة حاسمة في الصراع الإقليمي؟

يرى خبراء ومحللون سياسيون يمنيون حاورتهم "قدس برس"، اليوم الأحد، أن "التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة والحوثيين يدخل مرحلة جديدة، حيث تكثّف واشنطن ضرباتها الجوية في محاولة لاحتواء التهديدات القادمة من اليمن، بينما يواصل الحوثيون استهداف المصالح الأمريكية والغربية في البحر الأحمر".
ويؤكد المحللون أن "هذه المواجهة تعكس صراعًا أوسع بين واشنطن ومحور المقاومة، وسط تساؤلات حول مدى قدرة الضغوط العسكرية على تغيير موازين القوى في اليمن والمنطقة".
تحول في الاستراتيجية الأمريكية
حيث أكّد الكاتب والباحث السياسي اليمني ياسين التميمي أن "الضربات الأمريكية للحوثيين تأتي ضمن نهج مستمر منذ انخراطهم في معركة دعم غزة، في إطار تنسيق إقليمي تقوده إيران".
وأوضح أن "واشنطن تبنت سابقًا سياسة مهادنة تجاه الحوثيين، ما أتاح لهم تنمية قوتهم العسكرية، خاصة في ظل الإدارات الديمقراطية".
وأضاف أن "إدارة بايدن، رغم توجيهها ضربات قوية لقدرات الحوثيين العسكرية، لم تسعَ إلى تحييدهم سياسيًا وعسكريًا، بل اكتفت بتعطيل التسوية التي فرضتها على السعودية لإنهاء الحرب".
وأشار التميمي إلى أن "نهج إدارة ترامب يبدو مختلفًا، حيث تتجه واشنطن نحو تقويض الدور السياسي والعسكري للحوثيين، وهو تحوّل قد يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة، نظرًا لارتباطهم بالمشروع الإيراني".
لكنه استبعد "إمكانية تحقيق هذا الهدف عبر الضربات الجوية وحدها"، مؤكدًا أن "الحسم يتطلب تدخلاً بريًا لا يبدو أن ترامب مستعد له بقوات أمريكية مباشرة".
مواجهة معقدة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني أحمد الحسني، إن "اليمن يمثل حالة استثنائية بين (دول محور المقاومة)، نظرًا لموقعه الجغرافي الذي يعقّد قدرة الولايات المتحدة على مراقبته أمنيًا واستخباراتيًا".
وأوضح الحسني أن "اليمن يحتفظ بقراره الوطني المستقل، رغم علاقاته مع دول المحور، ما جعله في مواجهة مباشرة ومعقدة مع واشنطن".
وأضاف أن "الولايات المتحدة، رغم ضغوطها على إيران ولبنان والعراق وسيطرتها على سوريا، لا تزال تجد نفسها أمام مواجهة منفصلة تمامًا مع اليمن".
وأشار الحسني، وهو الناطق باسم "المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي"، إلى أن "واشنطن أوكلت طوال العقد الماضي ملف الحوثيين للتحالف السعودي-الإماراتي، ولم تتدخل فيه بشكل مباشر، باستثناء قضايا (مكافحة الإرهاب) في الجنوب وتأمين الملاحة الدولية".
وأكد أن "الولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات حقيقية ومباشرة ضد الحوثيين، ما جعلها تواجه اليوم صعوبة في التعامل معهم عسكريًا، حتى أن الخبراء الأمريكيين باتوا يصفون المواجهة بـ(غير المجدية)".
وأشار إلى أن "اليمن يخوض مواجهة مع الولايات المتحدة منذ أكثر من 15 شهرًا، وأثبت خلالها قدرتَه على استنزاف القوات الأمريكية وعرقلة عملياتها في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وصولاً إلى التأثير على حاملة الطائرات الأمريكية في المنطقة".
وأضاف أن "واشنطن لن تتمكن من تغيير الواقع في اليمن أو تعزيز نفوذ حلفائها المحليين، ممثلة بما يسمى بالمجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي وقوات طارق صالح، أو وكلائها الإقليميين كالسعودية والإمارات، إلا عبر تدخل عسكري مباشر يشمل حربًا برية واسعة، بمشاركة أمريكية ودولية".
لكنه استبعد نجاح هذا السيناريو في إحداث تغيير جذري، موضحًا أن "صنعاء بنت خلال العقد الماضي جيشًا قويًا مستعدًا لحرب طويلة، وقادرًا ليس فقط على الدفاع عن المناطق الخاضعة لسيطرتها، بل أيضًا على التوسع نحو معاقل القوى الموالية للولايات المتحدة، مثل مأرب وشبوة وتعز والمناطق الجنوبية الأخرى".