"حرب نفسية ضد غزة: من "هربوا وتركوكم" إلى "أخرجوا حماس"

بين شعارين متناقضين، "قادة حماس هربوا وتركوكم" في بداية العدوان على غزة إلى "أخرجوا حماس من غزة" بعد نحو 17 شهرا من العدوان، تتكشف خيوط حملات إعلامية منظمة تشنها وحدات متخصصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي. فالقادة الذين تنعتهم تلك الحملات بالهاربين، استشهد معظمهم في ميادين المعركة، ومحاولات النيل من الحركة عبر تأليب الشارع الغزي ضدها لا يبدو أنها ستجد صدىً واسعاً.

وشهد يوم أمس الثلاثاء خروج تظاهرات في غزة تطالب بوقف العدوان الإسرائيلي، بالتزامن مع احتجاجات طالبت حركة "حماس" بإنهاء إدارتها للقطاع. لكن خلف هذه التظاهرات، طُرحت تساؤلات عديدة حول احتمال تورط أجهزة أمن الاحتلال في تحريك حملة ممنهجة تستهدف المقاومة، عبر استغلال معاناة المدنيين لتأليب الحاضنة الشعبية عليها.

ورغم صدور بيانات عن عدد من مخاتير العشائر في وسط القطاع وشماله تؤكد دعمهم للمقاومة ورفضهم محاولات بث الفتنة، إلا أن الشعارات التي أُطلقت من بعض المشاركين ضد المقاومة و"حماس"، دفعت مراقبين إلى الاعتقاد بأن المشهد لم يكن عفويًا، بل ربما جرى التمهيد له مسبقًا.

ويؤكد المختص في الشؤون الإسرائيلية، محمد بدر، وجود وحدة متخصصة في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، تُعرف باسم "ملات" (مركز العمليات النفسية). ويقول بدر: "تأسست هذه الوحدة في العام 2005 وقد بدأت بالعمل كوحدة تابعة للاستخبارات العسكرية قبل أن تبدأ العمل كوحدة مختصة في جيش الاحتلال".

ويضيف بدر في حديثه لـ "قدس برس": "إن أردنا الحديث عن مهام وحدة (ملات)، فكما تشير العديد من المصادر الإسرائيلية، فإنّ دورها يتمثل في التأثير على مواقف ومشاعر وسلوك الجمهور المستهدف، مستخدمةً في ذلك وسائل متعددة، من بينها منشورات التواصل الاجتماعي والحملات الإلكترونية".

ولا يستبعد بدر أن تكون هذه الوحدة أو غيرها قد لعبت دورًا في إطلاق الحملات الإلكترونية الأخيرة ضد المقاومة في غزة، بل وربما سبق ذلك. ويُعتقد أن "ملات" قد أعدت حملة إعلامية بإشراف مستشارين نفسيين، تضمنت رسائل مثل "قادة حماس هربوا وتركوكم" و"حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية وتسرق المساعدات الإنسانية".

وتحدث بدر عن نشاط "ملات" خلال الحرب الجارية على قطاع غزة، موضحًا: "نشطت (ملات) بإرسال رسائلها وإعادة نشر رسائل من الجمهور المستهدف، حيث ينخرط بعض الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين، عن قصد أو بدونه، في هذه العمليات النفسية. ويظهر ذلك في انتقاداتهم لخيار المقاومة المسلحة، وتحميلهم الفصائل مسؤولية الدمار والمجازر التي يرتكبها الاحتلال".

من جانبه، يشير الباحث في الشؤون الإسرائيلية، شادي الشرفا، إلى أن الاحتلال يعوّل على التجويع والحصار كأدوات ضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة في غزة.

ويقول الشرفا لـ "قدس برس": "في ظل هذه الضغوط، من الطبيعي أن يطالب الناس بإنهاء الحرب، لكن استغلال هذا المطلب الإنساني لضرب الوحدة الوطنية واستهداف من يحمي الشعب الفلسطيني أمر يستوجب الحذر والمراجعة".

ويتابع: "إذا راجعنا تغطية الصحافة العبرية لما جرى البارحة في غزة، نلاحظ أن المحللين الإسرائيليين يروجون لفكرة أن زيادة الضغط يؤدي إلى انقلاب الحاضنة الشعبية على المقاومة وحماس".

ويضيف الشرفا: "القراءة الإسرائيلية للمشهد تؤكد أن الضغط ضرورة لتحقيق أهداف الاحتلال، ومن سيدفع الثمن في حال حدوث أي انقلاب على المقاومة، هي الحاضنة الشعبية ذاتها. فالشعب الفلسطيني هو المستهدف بالمقام الأول".

ويختم بالقول: "حتى لو سلمت المقاومة سلاحها وتراجعت، فإن الاحتلال سيواصل عدوانه لتنفيذ مخططاته التهجيرية، كما يصرّح بها علنًا الائتلاف الحاكم".

وفي السياق ذاته، يرى المختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، أحمد مولانا، أن "في ظل المجازر وحرب الإبادة والخذلان، يصبح من الطبيعي أن يشعر أهالي غزة بالإرهاق ويتمنوا وقف الحرب، لكن الاحتلال وأعوانه يسعون لتحويل هذا التطلع الإنساني إلى أداة لتجريم المقاومة".

ويؤكد مولانا في حديثه لـ "قدس برس" على ثلاث استراتيجيات لمواجهة محاولات استغلال مطالب إنهاء الحرب في ضرب المقاومة: "تفهم احتياجات الناس، عدم القسوة عليهم، وتوجيه الغضب نحو الاحتلال عبر نقاشات مباشرة وخطاب إعلامي، إلى جانب التصدي لأدوات الاحتلال التي تغذي الفتنة".

من جهتها، أعلنت منصة "خليك واعي" المتخصصة في رصد الحملات الإلكترونية المعادية، أنها رصدت حملة تحريض ممنهجة ضد المقاومة في قطاع غزة، عقب خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار وشنه هجمات على منازل ومراكز إيواء، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء.

وأوضحت في بيان لها أن "من خلال تقنيات البحث والتحليل في الشبكات الاجتماعية، تبين أن حملة التحريض تُدار بشكل مركزي، حيث تصدر توجيهات عامة من جهة مركزية، ثم تُحوّل إلى محتوى تحريضي عبر وسائل إعلام وصحفيين ونشطاء، من خلال منشورات أو مقاطع فيديو أو تقارير في قنوات فضائية ومواقع إلكترونية".

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الاحتلال يهدم غرفة سكنية وبركسا في بلدة "عناتا" بالقدس
أبريل 2, 2025
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، غرفة سكنية، وبركسا في بلدة "عناتا" شمال شرق القدس المحتلة. وذكرت مصادر محلية فلسطينية، أن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، وهدمت غرفة سكنية وبركسا للأغنام والدجاج، وتبلغ مساحة كل منهما 100 متر متربع، يعودان للمواطن الفلسطيني زياد الفهيدات، كما جرفت أرضا زراعية. وتصعد قوات الاحتلال من انتهاكاتها واقتحاماتها لمدن الضفة
مشروع "نسيج الحياة" الاستيطاني.. المسمار الأخير في نعش حلم "الدولة الفلسطينية"
أبريل 2, 2025
صادق المجلس الوزاري الأمني المصغر لحكومة الاحتلال "كابينت"، يوم 30 آذار/مارس المنقضي، على مخطط استيطاني جديد تحت اسم "نسيج الحياة"، يستهدف محيط مستوطنة "معاليه أدوميم"، أكبر مستوطنات الاحتلال في مدينة القدس المحتلة.   يربط الطريق الاستيطاني الجديد عبر نفق بين بلدتي "الزعيّم" و"العيزرية"، شمال شرق القدس المحتلة، مما سيؤدي إلى نقل حركة الفلسطينيين في محيط
21 شهيدا في قصف الاحتلال لمناطق متفرقة في قطاع غزة
أبريل 2, 2025
استشهد 21 فلسطينيا على الأقل وأصيب آخرون، في قصف إسرائيلي استهدف مختلف مناطق قطاع غزة منذ فجر اليوم الأربعاء. وأفادت مصادر محلية فلسطينية باستشهاد 13 فلسطينيا جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة عبد الباري وسط مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأشارت إلى ارتقاء خمسة فلسطينيين في مدينة رفح جنوب القطاع، في غارتين لطائرات الاحتلال، استهدفت
استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في مدينة نابلس
أبريل 2, 2025
استشهد صباح اليوم الأربعاء، شاب فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي، خلال اقتحامها البلدة القديمة من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية. وأعلنت وزارة الصحة، عن استشهاد الشاب حمزة محمد سعيد خماش (33 عاما) برصاص الاحتلال في البلدة القديمة بنابلس. وقال شهود عيان لـ"قدس برس" إن جنود الاحتلال داهموا منزلا يعود لعائلة الخماش في حارة الياسمينة
الأمم المتحدة: "إسرائيل" لا تحترم القانون.. وغزة على حافة المجاعة
أبريل 1, 2025
قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، الثلاثاء، إن المخابز في غزة أُغلقت، ما يعني أن القطاع على حافة المجاعة. وأضاف فخري، أن "محكمة العدل الدولية اعترفت بوجود مجاعة في غزة"، موضحا أن "إسرائيل تستخدم الغذاء كسلاح وترتكب إبادة جماعية". وأكد أن "إسرائيل لا تحترم القانون الدولي ولا قرارات الأمم المتحدة، وأنه
"حماس": جريمة قتل عنصر من شرطة غزة تخدم أهداف الاحتلال
أبريل 1, 2025
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، إنه لن تنجح "محاولات العدو الصهيوني في تنفيذ مخططاته عبر ضرب السلم الأهلي وإشاعة الفلتان، ونقف بقوة خلف الأجهزة الأمنية في إنفاذ القانون". وأضافت الحركة في بيان، أن "إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر الشرطة الشهيد البطل إبراهيم شلدان (النجار) في مدينة دير البلح اليوم الثلاثاء،