إبادة غزة تستنزف جيوب الإسرائيليين بسبب فاتورة الإنفاق العسكري

لا يزال عدوان جيش الاحتلال على قطاع غزة يلقي بظلاله على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي تأثر سلباً جراء تضخم الإنفاق العسكري، والذي جاء على حساب الدخل القومي لدولة الاحتلال. وتظهر التوقعات استمرار نزيف الخسائر في اقتصاد الكيان خلال العقد القادم كجزء من فاتورة الحرب التي تخوضها دولة الاحتلال في المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى يومنا هذا.
الميزانية الأضخم في تاريخ الكيان
صادق برلمان الاحتلال (كنيست) في الخامس والعشرين من شهر آذار/مارس الماضي، بالقراءات الثلاث على مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2025، بتأييد 66 عضوًا من الائتلاف الحاكم ومعارضة 52 من المعارضة، لتكون الموازنة الأضخم في تاريخ الكيان، حيث بلغت 755 مليار شيكل (211 مليار دولار).
وبلغ الجزء المخصص من الميزانية للإنفاق التشغيلي والتطويري والتمويلي 620 مليار شيكل (174 مليار دولار)، بزيادة قدرها 20.6 مليار شيكل عن موازنة العام 2024، مع عجز متوقع يصل لـ135 مليار شيكل (38 مليار دولار).
تسعى الميزانية إلى خفض نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي من 7 بالمئة للعام 2024، إلى 4.9 بالمئة للعام 2025، من خلال زيادة تحصيل الضرائب وخفض الإنفاق في العديد من الوزارات الخدمية. وقد أثار ذلك حفيظة المعارضة، التي اتهمت حكومة نتنياهو بسرقة أموال الشعب لإرضاء شريحة المتدينين، حفاظاً على تماسك الائتلاف الحكومي الذي كان مهدداً بالتفكك حال فشله في إقرار قانون الميزانية قبل نهاية شهر آذار/مارس الماضي، وفقاً لما ينص عليه القانون الإسرائيلي.
وقد أظهرت أرقام الموازنة تأثير الحرب التي تخوضها إسرائيل على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، على جوانب الإنفاق العسكري والدفاعي وتعبئة الاحتياط وغيرها.
حرب غزة تزيد من عبء الميزانية
سجلت ميزانية وزارة الحرب الإسرائيلية رقماً قياسياً بتخطيها عتبة 109 مليار شيكل (31 مليار دولار)، مقارنة بـ92 مليار شيكل (25 مليار دولار) في العام المنصرم و81 مليار شيكل (23 مليار دولار) في العام الذي قبله. تعكس هذه الأرقام التكاليف الباهظة التي خلفتها حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي.
وفقًا لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، فإن فاتورة حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي حتى نهاية العام 2024، بلغت نحو 250 مليار شيكل (67 مليار دولار)، منها 34 مليار دولار خسائر عسكرية مباشرة، و40 مليار دولار عجز الموازنة العامة، الذي يعد الأكبر في تاريخ الكيان. ويجب التنبيه إلى أن هذه الأرقام تمثل التكاليف المباشرة للحرب، دون احتساب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الأوسع التي أثرت على مختلف جوانب الحياة في إسرائيل.
الخسائر غير المباشرة
أدى تعطيل الاقتصاد الإسرائيلي إلى إغلاق 60 ألف شركة أبوابها خلال العام 2024، بزيادة قدرها 50% مقارنة بالعام السابق. كما انخفض عدد السياح بنسبة 70%، لتصل إجمالي خسائر قطاع السياحة إلى نحو 5 مليارات دولار. تعرض قطاع البناء لخسائر قدرت بنحو 4 مليارات دولار، فيما أعلنت 70 شركة مقاولات إفلاسها. وتظهر البيانات أن ثلث سكان الاحتلال الإسرائيلي يعيشون تحت خط الفقر، بينما يعاني ربع السكان من انعدام الأمن الغذائي.
توقعات العقد القادم
سلط تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الضوء على التوصيات التي نشرتها لجنة فحص ميزانية الأمن والدفاع المعروفة بـ"لجنة ناجل"، والتي أوصت بضرورة تخصيص مبلغ إضافي لوزارة الحرب، يقدر بـ275 مليار شيكل (74 مليار دولار) على مدار السنوات العشر القادمة كجزء من فاتورة الحرب التي تخوضها إسرائيل في المنطقة.
وأوصت اللجنة بتخصيص مبلغ سنوي كزيادة لميزانية وزارة الحرب بمقدار 7.4 مليار دولار، تذهب لشراء المزيد من الطائرات والمروحيات وناقلات الجنود المدرعة، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، فضلاً عن الاستثمار في العنصر البشري، أي الجندي الإسرائيلي نفسه.
فيما تشير الصحيفة إلى أن فشل الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة لم يقتصر على الخسائر المالية فقط، بل شمل أيضاً خسائر بشرية كبيرة، مع ارتفاع عدد القتلى والمصابين، بالإضافة إلى معاناة عائلات وأسر المصابين، الذين عانوا من آثار نفسية وعقلية جراء هذه الحرب.
ويرتكب جيش الاحتلال، بدعمٍ أمريكي وأوروبي، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 162 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد عن 14 ألف مفقود.