بعد تشديد القيود الأمنية.. ما مصير الحراك الأردني المناهض للاحتلال؟

في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الغضب الشعبي في الأردن احتجاجًا على عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تتزايد الإجراءات الأمنية الحكومية لكبح جماح هذا الحراك، وسط انتقادات واسعة من نشطاء وسياسيين التقهم "قدس برس "، يرون في هذه السياسات "استجابة لضغوط خارجية، وتضييقًا متعمّدًا على الصوت الشعبي المناهض للاحتلال".
حيث كشف نائب رئيس لجنة الحريات في حزب "جبهة العمل الإسلامي" (حزب سياسي أردني)، المحامي عبد القادر الخطيب أن "عدد المعتقلين على خلفية دعم غزة بالأردن يزيد على 100 شخص".
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد إن "الحكومة الأردنية تُبدي حساسية شديدة تجاه أي تحرك شعبي يتجه نحو الأغوار أو الحدود مع فلسطين المحتلة، خصوصًا إذا حمل طابعًا احتجاجيًا في مواجهة قوات الاحتلال، الأمر الذي يدفعها إلى تشديد الإجراءات الأمنية وعرقلة أي نشاط في هذا الاتجاه".
وأضاف في تصريح لـ"قدس برس" اليوم السبت، أن "السلطات الأردنية تنظر إلى هذه التحركات على أنها مصدر قلق دبلوماسي، إذ قد تقود إلى اشتباكات تُعقّد المشهد وتُعرض الأردن لضغوط أمريكية وإسرائيلية، وتضعه في موقف يُشكك في قدرته على ضبط المشهد الداخلي".
وأوضح أن "رغم وجود مساحة للحراك المناهض للاحتلال، إلا أن الحكومة أظهرت في الأسابيع الأخيرة مزيدًا من التشدد، خصوصًا تجاه التحركات التي ارتبطت بدعوات الإضراب أو تلك التي انسجمت مع حراك دولي أوسع، شمل عصيانًا مدنيًا في أوروبا والعواصم العربية، إضافة إلى الدعوات لمحاصرة السفارة الأمريكية في عمّان".
وأشار إلى أن "هذا التوجه الرسمي انعكس على التضييق على الاحتجاجات، بل وحتى على المبادرات الإنسانية مثل حملات التبرع لغزة، والتي يرى النشطاء أن الحكومة تسعى لتقييدها، ضمن مساعٍ لضبط إيقاع الشارع ومنع تحوله إلى حالة إقليمية أو دولية تُحرج الدولة وتفقدها السيطرة".
وتابع: "ورغم تصاعد القبضة الأمنية، لا يُتوقع أن تصل الأمور إلى مراحل خطيرة، فالقيود ليست جديدة لكنها تصاعدت مؤخرًا مع تصاعد الزخم الشعبي والضغط الإقليمي والدولي على الاحتلال".
من جهته قال الناشط عمر العبادي إن "الأجهزة الأمنية لم تكتفِ بمنع المسيرات، بل أصبحت تُضحي بأبناء البلد لحماية سفارة العدو الصهيوني".
وأضاف العبادي في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "الاعتقالات لم تكن لحفظ الأمن كما يُقال، بل كانت تنفيذًا حرفيًا لتعليمات إيدي كوهين وتل أبيب".
من جانبه، اعتبر الناشط علاء القضاة أن "الهتاف الشعبي لمحاربة الكيان الذي يجري في عمّان يُقابل بالقمع، وتُمنع التحضيرات الشعبية لأي مواجهة قادمة مع العدو".
وأشار في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) إلى أن "السلطات تسعى لتفكيك البنى السياسية والنقابية، واعتقال الشرفاء، لتجريد المجتمع من قوته وجعله هشًّا وسهل السحق".
وكانت الأجهزة الأمنية الأردنية قد منعت، ظهر الجمعة، إقامة وقفة شعبية قرب منطقة الجندي المجهول في الأغوار، رفضًا لاستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وسارعت الأجهزة الأمنية بعد صلاة الجمعة بفض وقفة شعبية أمام مسجد أبو عيشة بالقوة، وتم اعتقال عدد من المتواجدين في المكان، ومنهم أحمد بركات عضو المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي، ومصطفى الصقر، عضو المكتب التنفيذي للحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون)، والنشطاء الشبابيين: أسامة الحردان وعيسى الجيتاوي، وغيرهم.
كما قامت مساء الثلاثاء الماضي بفضّ تظاهرة احتجاجية قرب سفارة الاحتلال في عمّان، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المشاركين، فيما تداول ناشطون صورًا تُظهر اعتداء عناصر أمن، وآخرين بزي مدني، على المحتجين بالضرب والسحل، إضافة إلى اعتقال عدد منهم، من بينهم الناشط الشبابي محمد صيام.