بسبب تعطل المخابز.. مبادرات في غزة لتوزيع الحطب لتوفير الخبز للأهالي

منذ الثاني من أذار/ مارس الماضي، تفرض سلطات الاحتلال حصارا مشددا على قطاع غزة، تمنع من خلاله مرور أي شاحنة أو مساعدات غذائية للقطاع، ليدخل القطاع في موجة قاسية من المجاعة بعد أن نفذت غالبية أصناف الطعام من الأسواق.
كانت المخابز أكثر القطاعات تضررا من هذه الأزمة، حيث أدّى نفاذ الوقود وغاز الطهي لتعطل كافة المخابز العاملة في قطاع غزة عن العمل، وبالتالي بات توفير رغيف الخبز التحدي اليومي الأكبر الذي يواجهه أرباب الأسر لتوفير الطعام لأبنائهم.
دفعت هذه الأزمة عددا من المبادرين لإطلاق مبادرة غير تقليدية تتمثل في توفير كميات كبيرة من الحطب والأخشاب بشكل مجاني وتوزيعها على أصحاب أفران الطين الذين ينتشرون بكثرة في شوارع القطاع، والطلب منهم إعداد الخبز وتوزيعه مجانا على الأسر الفقيرة التي باتت غير قادرة على شرائه أو توفيره بسبب أزمة الوقود وشح الدقيق من الأسواق.
تشير إحدى القائمات على هذه المبادرة الناشطة أماني النجار في حديثها لـ"قدس برس" اليوم الأحد، إلى أنه "ومنذ أواخر شهر رمضان لامسنا أزمة شح الخبز بسبب تعطل المخابز، وحاولنا طوال هذه الفترة أن نبحث عن أفكار يمكن أن تخفف من هذه الأزمة وتنعكس إيجابا على المواطنين، فوجدنا أفضل طريقة متاحة يمكن العمل عليها هو تحمل التكلفة الأكبر من تجهيز الخبز من خلال شراء الحطب وتوزيعه مجانا على أفران الطين".
وتضيف "تمكن الأهالي من شراء الخبز يوميا بتكلفة صفرية، وما يقع عليهم من تكاليف تقتصر فقط على توفير الدقيق وعجنه والذهاب لأفران الطين لخبزه مجانا، ومن لا يستطيع أو لا يتوفر لديه الدقيق الكافي، فقد تكفلنا بتوزيع ألفي رغيف يوميا على أحياء منطقة شرق خانيونس جنوبي قطاع غزة".
يمثل توفير الحطب والأخشاب وأدوات إشعال النيران، إعفاء من التكلفة الأكبر التي تواجه عملية إعداد الخبز في القطاع، ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعاره جراء ازدياد الطلب عليه، بعد أن بات البديل الوحيد المتوفر أمام أهالي القطاع لإعداد الخبز والطعام؛ بعد انقطاع غاز الطهي الذي يمنع الاحتلال من مروره للقطاع منذ 42 يوما.
ويتراوح سعر الكيلو الواحد من الحطب والأخشاب من 3-7 شيكل (سعر صرف الشيكل مقابل الدولار 3.5)، ويعتمد ذلك على نوعه وجودته، فالأخشاب هي التكلفة الأقل مقارنة بالحطب الذي يتم توفيره من الأشجار.
فعلى سبيل المثال يعتبر حطب أشجار الحمضيات والكينيا والنخيل، أعلى ثمنا من حطب أشجار الزيتون والجوافة، ويصل الفارق بينهما إلى الضعف، وذلك بسبب جودته وبقائه مشتعلا لفترة أطول، هذا بالإضافة لميزة أخرى، وهي أنها لا تترك وراءها أدخنة قد تسبب تغيرا في مذاق الطعام أو الخبز عند إعداده.
ويتوفر الحطب في المناطق الزراعية التي ينسحب منها جيش الاحتلال، حيث يسبب عدوانه في تجريف الأراضي الزراعية وبالتالي تٌقلع الأشجار من جذورها، ثم يأتي الفلسطينيون لقص الأشجار وفروعها ثم تجميعها ونقلها عبر الدواب للأسواق لبيعها، على الرغم من المخاطر المحدقة بهم من ناحية وجود ألغام أو أجسام مشبوهة يتعمد جنود الاحتلال تركها وراءهم.
أما النوع الثاني من الأخشاب، فيتم توفيره من تحت ركام المنازل المدمرة، وعادة ما تكون بقايا الأثاث الذي يصعب استصلاحه فيتم نقله إلى الأسواق لبيعه والاستفادة منه.
واستأنف الاحتلال الإسرائيلي فجر الـ 18 من آذار/مارس 2025 الماضي عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار طوال الشهرين.
وبدعم أميركي أوروبي، ترتكب قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.