هل يمكن "نزع سلاح المقاومة" بغزة؟.. محللون يجيبون

أثار المقترح الذي نقلته الوسطاء المصريون إلى حركة حماس – والذي تضمّن نصا صريحا بشأن "نزع سلاح المقاومة" – ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والفكرية الفلسطينية والعربية، وسط تساؤلات حول جدوى التفاوض على هذا الشرط الذي وصفه مراقبون بأنه "دعوة للاستسلام تحت غطاء الوساطة"، وليس خطوة نحو التهدئة.

ففي حين أكدت "حماس" رفضها المطلق لأي نقاش حول سلاح المقاومة، اعتبر سياسيون ومحللون أن إدراج هذا البند يمثل انحرافًا خطيرًا في مسار الوساطة، بل ومساهمة في شرعنة الحرب المستمرة على غزة، واستهدافًا مباشرًا لأحد أركان الهوية الوطنية الفلسطينية.

المحلل السياسي محمد الأخرس علّق بالقول: "من المخزي أن يتبنى أي فلسطيني أو عربي مطالب الاحتلال بشأن سلاح المقاومة"، مشيرا إلى أن الاحتلال نفسه كان قد عرّف هذا السلاح – منذ بداية الحرب – بأنه يشمل الأنفاق الهجومية، وصواريخ الكورنيت المضادة للدروع، والصواريخ التي تستهدف العمق الإسرائيلي.

وأضاف في منشور على حسابه بـ"فيسبوك" أن "الاحتلال زعم في منتصف عام 2024 أنه حيد هذا السلاح ودمّر كتائب المقاومة، لا سيما عندما أعلن في 12 سبتمبر القضاء على "لواء رفح"، متسائلًا: "إذا كانت إسرائيل تعتبر أنها أنجزت هذه المهمة، فلماذا يصرّ البعض على مطلب نزع السلاح؟!".

واعتبر الأخرس أن "الحديث عن نزع سلاح المقاومة هو تبنٍّ واضح للرؤية الإسرائيلية، وشرعنة لاستمرار العدوان"، مؤكدًا أن "السلاح ليس قرارا تنظيميًا، بل حق لشعب يقاوم الاحتلال".

ما تريده إسرائيل فعلًا

الباحث العراقي لقاء مكي ذهب أبعد من ذلك، واعتبر أن "مطلب نزع السلاح ليس هدفًا حقيقيًا لإسرائيل، بل وسيلة لإطالة أمد الحرب".

وقال في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "مشكلة إسرائيل ليست في المقاومة، بل في غزة ذاتها. ولأن البحر لن يغرقها كما تمنى رابين، فلماذا لا يتم إفراغها من سكانها؟".

وأضاف مكي: "إسرائيل تعرف أن نزع السلاح غير قابل للتطبيق، بل وتدرك أنه سيقود إلى مقاومة أشدّ. ما تريده فعلًا هو تشتيت الشعب الذي صنع المقاومة واحتضنها، وخلق واقع جديد في غزة".

وعبر المحلل السياسي ياسر الزعاترة عن استغرابه من تضمين البند المتعلق بالسلاح في المقترح المصري، رغم غيابه عن وثيقة "ويتكوف" الأمريكية، متسائلًا: "هل يُعقل أن يضغط كل قادة الكيان على نتنياهو لوقف الحرب دون التطرق لسلاح المقاومة، ثم يأتي الشقيق ليُهديهم هذا الشرط على طبق من ذهب؟!".

وأضاف في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أن "نتنياهو لا يزال يتحدث عن سلاح الجيش المصري نفسه، ويتوسع في عدوانه على الضفة وسوريا ولبنان، ثم يُطلب من حماس أن تُسلّم سلاحها، كأنها تملك قنابل نووية!".

من جانبه، شدد الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي سعيد زياد في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، على أن سلاح المقاومة "قضية تحظى بإجماع وطني، ومبدأ لا يقل قدسية عن حق العودة والقدس"، معتبرًا أن غزة تمثّل حاجزًا استراتيجيًا يحمي الأمن القومي المصري، وأن سلاح المقاومة هو "السدّ الأخير في وجه التهجير".

تجارب نزع السلاح

الكاتب القطري جابر الحرمي حذّر من الوقوع في "فخ نزع السلاح"، مستشهدًا بتجربتين قريبتين: الأولى، حين أقنعت واشنطن وأوروبا أوكرانيا بالتخلي عن سلاحها النووي، لتُترك لاحقًا فريسة لروسيا، والثانية، عندما رفضت طالبان نزع سلاحها رغم الضغوط، لتُجبر أمريكا لاحقًا على التفاوض معها.

وأضاف الحرمي في تغريدة على منصة "إكس": "حماس أو غيرها لن تقع في هذا الفخ، لأن التجارب تُثبت أن السلاح هو الضامن الوحيد للكرامة والسيادة".

الناشط الفلسطيني بلال ريان وصف مطلب نزع السلاح بأنه "وصفة لإبادة جماعية تُمرر بغطاء عربي"، مشيرًا إلى أن التخلي عن السلاح سيفتح الباب لمطالب أكثر خطورة، كإجبار المقاتلين على تسليم أنفسهم، ومحاكمة قيادات المقاومة، وتفكيك البنية التنظيمية، وفرض رقابة أمنية شاملة على السكان.

واستحضر ريان عبر حسابه على منصة "إكس"، نماذج تاريخية مشابهة، مثل مجزرة صبرا وشاتيلا بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، ومذبحة سربرنيتسا في البوسنة عام 1995، مؤكدًا أن "تسليم السلاح لم يؤدِّ يومًا إلى الأمان، بل مهّد للمجازر".

ونقلت قناة /الجزيرة/ الفضائية، الإثنين، عن قيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قوله إن "مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة، وأبلغناها أن نقاش مسألة سلاح المقاومة مرفوض جملة وتفصيلا".

وأضاف في تصريح، أن "المقترح الذي نقلته مصر لنا يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال بالأسبوع الأول من الاتفاق، ويشمل تهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء".

وأشار إلى أن "وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة، وأن الحركة أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب وليس السلاح".

وكان القيادي في "حماس"، طاهر النونو، قد صرّح أن "استعداد الحركة لإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، في إطار صفقة تبادل شاملة، مشروطة بوقف إطلاق نار جاد وانسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع".

واتهم النونو الاحتلال الإسرائيلي بـ"تعطيل" التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن العقبة الأساسية لا تكمن في أعداد الأسرى، بل في "تنصّل الاحتلال من التزاماته، وتعطيله تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، واستمراره في شن العدوان".

وأوضح أن "حماس" أبدت "مرونة كبيرة وتعاملت بإيجابية" مع مختلف المقترحات التي طُرحت خلال جولات التفاوض الأخيرة، مشدداً على أن الحركة أبلغت الوسطاء بـ"ضرورة وجود ضمانات تُلزم الاحتلال بتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه".

وأشار النونو إلى أن الاحتلال يسعى إلى "إطلاق سراح أسراه دون التطرق إلى قضايا المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً من قطاع غزة".

وفي ما يتعلق بالموقف من سلاح المقاومة، شدّد النونو على أنه "خط أحمر، وليس مطروحاً للتفاوض"، موضحاً أن "بقاء هذا السلاح مرتبط باستمرار وجود الاحتلال".

وكان الوفد المفاوض التابع لحركة "حماس"، برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد أجرى أمس سلسلة لقاءات في العاصمة المصرية القاهرة، مع مسؤولين مصريين، وبمشاركة مسؤولين قطريين، ضمن المساعي المشتركة بين القاهرة والدوحة لتقريب وجهات النظر وتثبيت اتفاق الهدنة.

وتأتي هذه التحركات في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، واستمر لمدة 58 يوماً، قبل أن يتنصل الاحتلال من بنوده ويستأنف عدوانه فجر 18 آذار/مارس 2025، مع فرض حصار مشدد على القطاع.

 

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"العودة الصحية": الموت والخراب يحيطان بقطاع غزة من كل جانب.. نطالب بوقف العدوان وحماية للمستشفيات
أبريل 16, 2025
قالت "جمعية العودة الصحية والمجتمعية" (فلسطينية طبية بغزة)، إن "الموت والخراب يحيطان بقطاع غزة من كل جانب"، مطالبة بوقف العدوان المستمر على القطاع وتوفير الحماية للمستشفيات. وطالبت الجمعية، في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء، بـإرسال مستشفيات ميدانية مجهزة لإغاثة المرضى والجرحى، والضغط من أجل إدخال كافة المستلزمات لإعادة تشغيل المنظومة الصحية وترميمها. ودعت الجمعية إلى فتح
"أطباء بلا حدود": غزة أصبحت مقبرة جماعية ورائحة الموت في كل مكان
أبريل 16, 2025
أكدت منظمة "أطباء بلا حدود" أن "قطاع غزة تحول إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ومن يحاول أن يساعدهم"، في ظل الهجمات الإسرائيلية المتواصلة والحصار الخانق المفروض منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على القطاع. وقالت المنظمة، في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء، إن القوات الإسرائيلية شنت سلسلة هجمات قاتلة أظهرت تجاهلًا صارخًا لسلامة العاملين في المجالين الإنساني والطبي،
استشهاد الكاتبة والمصورة الصحفية فاطمة حسونة وعشرة من أفراد عائلتها في مجزرة إسرائيلية جديدة بغزة
أبريل 16, 2025
استشهدت فجر اليوم الأربعاء، المصورة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة، إثر قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلتها في حي التفاح، شرق مدينة غزة، ما أدى إلى ارتقائها مع عشرة من أفراد عائلتها، بينهم أطفال ونساء. وذكرت مصادر صحفية أن طائرات الاحتلال شنت غارة عنيفة على منزل عائلة حسونة في شارع النفق شرق مدينة غزة، ما أسفر عن
الأردن.. محامي المتهمين بـ"التآمر": موكليّ ينتمون إلى "حماس" وليسوا من "الإخوان"
أبريل 16, 2025
استنكر الناشط الحقوقي والمحامي الأردني عبد القادر الخطيب ما وصفه بحملة التشهير التي تطال المتهمين في قضايا دعم المقاومة، قبل صدور أحكام قضائية قطعية بحقهم، مؤكدًا أنّ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته". وقال الخطيب في تصريحات نقلها موقع /البوصلة/ الإخباري الأردني، اليوم الأربعاء، إن "الدستور وأصول المحاكمات الجزائية ينصّان بوضوح على أن المتهم بريء حتى
وزير أمن الاحتلال يقود اقتحام المستوطنين للمسجد لإبراهيمي
أبريل 16, 2025
اقتحم وزير الأمن في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، صباح اليوم الأربعاء، المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وسط إجراءات أمنية مشددة. وأدى بن غفير وعشرات المستوطنين رقصات تلمودية في باحات المسجد. ويأتي ذلك، بالتزامن مع قرار سلطات الاحتلال إغلاق المسجد الإبراهيمي أمام المسلمين منذ يوم أمس وحتى مساء اليوم، بمناسبة
مستوطنون يشرعون بأعمال تجريف لأشجار الزيتون في أراضي قرية "أم صفا" شمال غرب رام الله
أبريل 16, 2025
قالت منظمة "البيدر للدفاع عن حقوق البدو" في الضفة الغربية المحتلة، إن مجموعات من المستوطنين شرعت بأعمال تجريف في أراضي تعود لأهالي قرية "أم صفا" شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، مستهدفة مساحات زراعية مزروعة بأشجار الزيتون، وذلك تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي. ونوهت المنظمة في بيان تلقته "قدس برس" اليوم الأربعاء، إلى