قصف ألواح الطاقة الشمسية.. سياسة "إسرائيلية" تزيد من معاناة الغزيين

منذ نحو أسبوعين، تواجه منطقة الكتيبة وسط محافظة خانيونس جنوب القطاع، من شح في وصول المياه، بعد أن قصف جيش الاحتلال أنظمة الطاقة الشمسية التي تغذي بئر المياه الوحيد في الحي، تاركا آلاف العائلات بلا أي مصدر للمياه.
هذا القصف هو الثالث الذي تتعرض له أنظمة الطاقة الشمسية للبئر، حيث يتعمد جيش الاحتلال استهداف مصادر الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) في القطاع، غير مكترث بما تمثله هذه الأنظمة البديلة من حلول مؤقتة تساعد الأهالي في التغلب على صعوبات الحياة.
وعلى إثر هذا القصف؛ اضطر الأهالي للسير يوميا مسافات طويلة، لإملاء "غالونات" المياه من آبار بعيدة، على الرغم من الجهد البدني الكبير، والوقت الزمني الذي يصل في كثير من الأحيان لست ساعات للحصول على بعض الغالونات من المياه.
وكان مكتب الإعلام الحكومي قد أشار إلى استهدف الاحتلال أكثر من 4 آلاف منشأة ومنزل مزودة بأنظمة الطاقة الشمسية، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ضمن سياسة ممنهجة تهدف للقضاء على مصادر الكهرباء البديلة والوحيدة في القطاع.
وأضاف البيان الحكومي أن هذه الأنظمة تٌستخدم لتوفير الطاقة البديلة لتشغيل الأجهزة الطبية في المستشفيات، وآبار المياه، ومحطات التحلية، والمدارس، والجامعات، والمخابز، والمصانع، والمرافق المنزلية، في ظل انقطاع الكهرباء التام منذ أكثر من 550 يوما بفعل الحصار والعدوان المستمر.
ولا يقتصر السلوك الإسرائيلي في مسألة استهداف أنظمة الطاقة الشمسية، من منطلق أوامر عسكرية تصدر عن الضباط أو القادة العسكرية، بل أن الأمر يتدعى ذلك بكثير، حيث ينبع ذلك من تحريض علني تتبناه الدوائر السياسية المختلفة التي تدعو إلى استهداف أي مصدر من مقومات الصمود في القطاع بهدف الضغط على المقاومة الفلسطينية وإجبارها على الخضوع.
وفي هذا الصدد نقلت صحيفة /معاريف/ العبرية، قبل أيام عن وزير الامن القومي، ايتمار بن غفير، دعوته للجيش بتصعيد العمليات العسكرية ضد القطاع، وإلى قصف مخازن الغذاء ومولدات الكهرباء، مبررا ذلك بأن الضغط على حركة حماس هو السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى.
كيف تجري عملية الاستهداف؟
تتنوع الأساليب والأدوات الإسرائيلية التي يلجأ إليها جيش الاحتلال في قصف وتدمير أنظمة الطاقة الشمسية التي عادة ما تكون على أسطح المباني والمنشآت المدنية.
أكثر هذه الأساليب استخداما هي إطلاق النار المباشر من قبل الطائرات المسيرة المعروفة "كواد كابتر"، حيث يجري استهداف الخلايا الشمسية وتعطيلها من قبل زخات كبيرة من الرصاص التي يمزق اللوح ويتسبب في تعطيله.
كما تقوم هذه الطائرات في كثير من الأحيان بإطلاق قنابل متفجرة على أنظمة الطاقة ما يتسبب بانفجارها وتفتيتها وبالتالي تخرج هذه الخلايا الشمسية عن الخدمة.
كما يلجأ الاحتلال لأسلوب أكثر عنفا وهي استهداف المنازل التي تضم أنظمة الطاقة الشمسية وهدمها على رؤوس ساكنيه.
كيف نفهم أزمة الكهرباء في غزة؟
في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصدر وزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، قرارا عسكريا بقطع كافة خطوط الكهرباء المغذية للقطاع، وعددها 12 خط قدرة كل منها 10 ميغا واط.
بموازاة ذلك، أوقفت دولة الاحتلال توريد كميات السولار المغذية لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، والتي تعطلت عن العمل منذ الأيام الأولى للعدوان جراء نفاذ مخزون الوقود لديها، وكانت القدرة التشغيلية لها تتراوح من 80-100 ميغا واط.
أما المصدر الثالث فكانت أنظمة الطاقة الشمسية والتي كانت توفر احتياجات لا تتجاوز 5 ميغا واط، بالإضافة لمولدات الكهرباء التجارية التي تنتج كميات من الكهرباء بقدرات تتراوح من 25-30 ميغا واط.
في حين بلغت احتياجات القطاع من الكهرباء قبل العدوان ـ550 ميغا واط، بنسبة عجز تتجاوز 50%، لذلك كانت تلجأ شركة الكهرباء لنظام المداورة في إمدادات الطاقة من خلال توزيع الأحمال، عبر جدول وصل8 ساعات ووصل 8 أخرى.
كيف يدير الغزيون حياتهم في ظل العدوان؟
تسببت الحرب الإسرائيلية في انتشار ما يعرف بنقاط بيع الكهرباء، وهي عبارة عن أكشاك صغيرة تنتشر في شوارع وأزقة القطاع، يقوم أصحابها بتقديم خدمة شحن الهواتف والحواسيب وبطاريات الإنارة، من خلال مبالغ مالية صغيرة تتراوح من 1-5 شيكل (سعر صرف الشيكل مقابل الدولار 3.7).
وهذه الاكشاك عبارة عن نقطة صغيرة عادة ما يتم تصميمها كغرفة صغيرة تصنع من النايلون أو الأقمشة، ويتم ربطها بعشرات مقابس الكهرباء، بنظام دائرة كهربائية صغيرة.
ويتألف هذا النظام المصغر عادة من عدد من الخلايا يتراوح (1-4 خلايا) وجهاز طاقة شمسية يتم إيصالها بشبكة كهرباء صممت خصيصا لذلك.
ومنذ 18 آذار/مارس الجاري، استأنفت دولة الاحتلال حرب الإبادة على غزة، متنصلة من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى مع "حماس" استمر 58 يوما منذ 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.
وترتكب قوات الاحتلال، بدعم أمريكي مطلق، منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إبادة جماعية في القطاع الفلسطيني المحاصر، خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.