وفد أممي رفيع يزور التجمعات الفلسطينية في الشمال السوري

في زيارة هي الأولى من نوعها، أوفدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعثة رسمية إلى مناطق الشمال السوري، للاطلاع على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في تلك المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، والبعيدة عن تغطية خدمات الوكالة خلال السنوات الماضية.
وشملت الزيارة قرية "حيفا الكرمل" الواقعة في منطقة جبل كلّي بريف إدلب، إضافة إلى تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في بلدتي (عقربات وأطمة)، وصولًا إلى مخيم "ديربلوط" التابع لناحية جنديرس بريف عفرين شمال محافظة حلب، حيث التقى الوفد بعدد من العائلات الفلسطينية واطّلع على أوضاعهم المعيشية والخدمية.
وضم وفد الأونروا كلا من برافولا ميشرا، نائب المدير العام للأونروا في سوريا لشؤون البرامج وميرفت أبو راشد، مديرة المنطقة الشمالية للأونروا والدكتور خالد أبو علي رئيس القسم الطبي في المنطقة الشمالية وأيسر موسى، رئيس قسم التربية في المنطقة الشمالية وقاسم حبيب، رئيس قسم الشؤون وعبيدة المعتصم، رئيس قسم الأمن والسلامة، وعمران لطفي، مسؤولة الحماية وأيمن رسمي، مسؤول الأمن والسلامة في سوريا.
وخلال الزيارة، أجرى الوفد جولات ميدانية على التجمعات الفلسطينية، وزار عدداً من المنازل والمدارس والمرافق الصحية البديلة، وأجرى لقاءات مباشرة مع عدد من الأهالي لتوثيق شهاداتهم ومعرفة احتياجاتهم.
وفي تصريح خاص لـ "قدس برس"، قال الناشط أحمد منصور، أحد مرافقي الوفد خلال جولته، إن الزيارة تمثل "خطوة نوعية تُنتظر منذ سنوات"، مؤكدًا أن الهدف الأساسي من الزيارة هو "إجراء تقييم أولي لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، وإعداد قاعدة بيانات دقيقة تشمل أعدادهم وتوزعهم الجغرافي، واحتياجاتهم الخدمية، بغرض مخاطبة الدول والجهات المانحة لتوفير الدعم اللازم لهم".
وأضاف منصور أن "الأونروا تمرّ بأزمة مالية خانقة منذ عدة سنوات بسبب السياسات الأمريكية وتوقف التمويل، إلا أنها رغم ذلك أبدت اهتمامًا واضحًا بهذه المناطق، وهي عازمة على تقديم ما يمكن تقديمه من خدمات في حدود الإمكانيات المتاحة".
وأشار إلى أن "عدد الفلسطينيين في الشمال السوري يُقدّر بأكثر من ألف عائلة، موزعين على عدة مخيمات وتجمعات، يعيشون في ظروف صعبة للغاية دون تغطية من الأونروا أو مؤسسات أممية أخرى".
من جهته، عبّر اللاجئ الفلسطيني إبراهيم أبو خالد، المقيم الحي الفلسطيني في قرية عقربات عن أمله الكبير في أن تكون هذه الزيارة "بداية حقيقية لعودة الأونروا إلى مسؤولياتها في الشمال السوري"، مؤكدًا أن الفلسطينيين هناك يعيشون "في عزلة تامة عن خدمات الوكالة منذ تهجيرهم من مخيماتهم الأصلية في الجنوب السوري".
وأضاف أبو خالد: "نواجه تحديات قاسية، من غلاء الإيجارات وغياب الرعاية الصحية والتعليم المجاني، إلى انعدام فرص العمل، وكل ذلك دون أي دعم من الأونروا. نحن لا نطلب المستحيل، فقط نأمل بأن تُفتح مكاتب خدمية وتعليمية وصحية تابعة للوكالة في الشمال السوري، لتُعيد للاجئ بعضًا من حقوقه".
وأشار إلى أن معظم العائلات الفلسطينية في الشمال السوري لا تفكر بالعودة إلى مخيماتها الأصلية لعدة اعتبارات تتعلق بالعمل والمدارس ووضع المخيمات الإنساني الذي لا يقل صعوبة عن أوضاع الفلسطينيين في الشمال من الافتقار للخدمات
منوها إلى أن الفلسطينيين في الشمال السوري يملون للاستقرار في مناطقهم مما يشكل حافزا للأونروا لفتح فروع ومكاتب لها في المنطقة تعنى بالشؤون الطبية والتعليمية
بدورها تحدّثت اللاجئة الفلسطينية سماح ميعاري وهي من قاطني الحي الفلسطيني عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين اليومية، لا سيما النساء والأطفال، في ظل تردي الخدمات الأساسية، قائلة: "نعاني من غياب المدارس المجانية، وارتفاع تكاليف التعليم الخاص وأجور المواصلات المرتفعة الذي لا يستطيع معظم الأهالي تحمّله، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية، وتكاليف العلاج والدواء ".
وشددت على أن الفلسطينيين في الشمال بحاجة إلى حلول مستدامة وليس مجرد زيارات رمزية".
ويُشار إلى أن زيارة وفد "أونروا" لاقت ترحيبا واسعا بين اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، واعتُبرت بارقة أمل في ظل الانقطاع الطويل في خدمات الأونروا عن هذه المناطق. ويأمل اللاجئون الفلسطينيون في الشمال السوري أن تثمر هذه الجولة عن إجراءات ملموسة على أرض الواقع، تعيد للاجئ شيئًا من كرامته، وتحفظ له الحد الأدنى من حقوقه المشروعة كجزء من الشعب الفلسطيني في الشتات.