تصعيد خطير في عيد الفصح اليهودي: قفزة في اقتحامات الأقصى ومخاوف من فرض واقع دائم

انقضى يوم الخميس الماضي أحد أبرز مواسم العدوان على المسجد الأقصى المبارك، والمتمثل في عيد الفصح اليهودي (من 1 - 9 نيسان/أبريل الجاري)، بعد أسبوعٍ حافل بالاقتحامات والانتهاكات ومحاولات تغيير الوضع القائم، عبر السعي إلى تقسيمه زمانيًا ومكانيًا.
قفزة في الأعداد برعاية شرطة الاحتلال
يرى الباحث في مؤسسة "القدس الدولية" (مستقلة، مقرها بيروت) علي إبراهيم، أن ما يميز هذا العام هو "إعلان شرطة الاحتلال نيتها تأمين اقتحام فوج جديد كل عشر دقائق"، وهو ما أدى إلى زيادة ملحوظة في أعداد المقتحمين خلال أيام العيد خاصة، وخلال عيد الفصح بشكل عام، مشيرًا إلى أن هذا هدف أساسي تسعى إليه أذرع الاحتلال.
وأضاف إبراهيم في حديثه لـ "قدس برس": "خلال عيد الفصح اليهودي، تمكنت أذرع الاحتلال من تحقيق قفزة في عدد مقتحمي الأقصى بلغت نحو 55 بالمئة مقارنة بعام 2024، ونحو 84 بالمئة مقارنة بعام 2023".
تفريغ الأقصى من الوجود الإسلامي
ترافقت هذه الاقتحامات مع تعزيزات كثيفة لقوات الاحتلال عند مداخل البلدة القديمة، ونصب حواجز في محيطها، لا سيما في بلدتي "سلوان" و"الطور" وحي "وادي الجوز"، ما تسبب في أزمات مرورية خانقة داخل القدس.
وتصف الصحفية المقدسية سماح الدويك المشهد في المسجد الأقصى بأنه كان "مخجلًا"، مشيرة إلى أن "قوات الاحتلال تمركزت داخل الأقصى وكأنه ساحة حرب، ورفعت الأعلام الصهيونية على كافة الحواجز المنصوبة على أبوابه".
وتضيف دويك في حديثها مع "قدس برس": "شهدنا هذا العام زيادة كبيرة جدًا في أعداد المقتحمين خلال عيد الفصح، بينما خلا المسجد تمامًا من أي وجود إسلامي، بعد تفريغه ومنع شدّ الرحال إليه، إضافة إلى إبعاد المئات من المرابطين والمرابطات، من حراس ومصلين وصحفيين".
طقوس توراتية ومسميات استيطانية
نفذت الاقتحامات تحت مسميات مختلفة لمجموعات استيطانية مثل: "نساء من أجل الهيكل"، و"عبّاد الكهنة"، إضافة إلى مشاركة أعضاء من الكنيست.
وتقول دويك: "كان المقتحمون يتحركون داخل الأقصى بأريحية تامة، وأدوا طقوسًا علنية شملت الصلوات التلمودية، والرقص، والغناء عند باب الرحمة، والسجود الملحمي. رأيتهم يدخلون حفاة الأقدام، تحت غطاء ما يُعرف بالسياحة من باب المغاربة".
ويؤكد علي إبراهيم أن هذا النمط من التصعيد "يشكّل تطورًا نوعيًا يوازي القفزة في أعداد المقتحمين"، لافتًا إلى أن "الأيام الماضية شهدت أداء جماعيًا علنيًا للطقوس التوراتية في الساحات الشرقية من الأقصى، بمشاركة عدد من أعضاء الكنيست، ما يستوجب تحركًا عاجلًا من الجهات القادرة على التأثير، لإعادة بناء حالة المواجهة في القدس، لأن ما يفرضه الاحتلال اليوم من واقع، سيتحول غدًا إلى سياسة ثابتة".
استباحة كاملة ومخاوف جدية
من جانبه، وصف الباحث زياد ابحيص، المختص في الشأن المقدسي، اقتحامات هذا العام بأنها "غير مسبوقة منذ عام 1967"، وهو ما تؤكده أيضًا دويك، قائلة: "الوضع في الأقصى يزداد سوءًا. نحن نخشى فعليًا من أن يُقدِم الاحتلال قريبًا على ذبح القربان داخله، وسط صمت عربي وإسلامي مطبق".
وأضافت أن "البلدة القديمة في القدس باتت موحشة، والتواجد الإسرائيلي فيها طاغٍ، مع انتشار مئات من عناصر الشرطة والمستوطنين المسلحين في أزقتها، وإغلاق شبه تام للمحال التجارية".
وحذّر علي إبراهيم في ختام حديثه من أن "الزيادة المطّردة في أعداد المقتحمين قد تغري الاحتلال بمزيد من التقدم على الأرض، سواء من حيث الأعداد أو الطقوس أو السيطرة الفعلية على المسجد الأقصى وأبوابه، وهو ما يعني أننا أمام مرحلة بالغة الخطورة، تستدعي حشد الطاقات وبلورة استراتيجية عاجلة للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك".