غزة.. إنتاج الوقود من البلاستيك.. طريقة مبتكرة للتغلب على شح الوقود

دفع إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعابر قطاع غزة منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، الفلسطينيين في القطاع إلى البحث عن حلول بديلة لتجاوز أزمة شح الوقود، والتي تسببت في شلل العديد من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع النقل والمركبات.

ورغم صعوبة إيجاد بدائل للوقود، استطاع عدد من الشبان ابتكار طرق بدائية مكنتهم من تحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود سائل، ما أعاد جزءًا من الحياة لقطاعات كادت أن تتوقف بالكامل، مثل مركبات الإسعاف والدفاع المدني، ومولدات المستشفيات، وغيرها من القطاعات الأساسية.

أفران لصهر البلاستيك

تقوم الفكرة على وضع النفايات البلاستيكية داخل أفران مخصصة حتى تنصهر، لتنتج قطرات من الوقود تُفصل لاحقًا إلى مادتي البنزين والسولار.

وفي حديث لـ"قدس برس"، أوضح الشاب الثلاثيني سائد أبو عريبان، أحد العاملين في مجال إنتاج الوقود، مراحل العملية التي تمر بها عملية استخراج الوقود من البلاستيك.

يقول أبو عريبان: "تبدأ العملية بجمع كميات كبيرة من البلاستيك، حيث يتولى فريق خاص مهمة البحث عنه في المنازل المدمرة، والذي غالبًا ما يكون على شكل خزانات مياه، إطارات سيارات، مقاعد، وأدوات منزلية تالفة، ويتم نقلها عبر عربات الكارّو".

ويضيف: "يتولى فريق آخر مهمة تقطيع البلاستيك إلى قطع صغيرة جدًا، لتسهيل صهره وتحليله إلى مادته الأصلية، وهي النفط".

أما المرحلة الثالثة، والتي تُعرف بالتحلّل الحراري، فتتم عبر تعريض النفايات البلاستيكية لدرجات حرارة عالية داخل مفاعل خاص، دون تعريضها للأكسجين، ما يجعل عملية الاحتراق داخلية وكيميائية بحتة.

ويوضح أن هذه المرحلة تتطلب صبرًا ومتابعة دقيقة، نظرًا لخطورتها، إذ يجب أن يبقى البلاستيك داخل الفرن ما بين 12 إلى 18 ساعة، ويتعين على العاملين مراقبته بحذر لتفادي أي تسرب للأكسجين أو ضغط زائد قد يؤدي إلى انفجار.

ويتابع: "بعد انتهاء عملية الحرق، يتم سحب الوقود عبر أنبوب ينتهي بوعاء خاص تتجمع فيه السوائل، ثم تُقطر لاحقًا لفصل الشوائب، ويتم عزل البنزين الذي يخرج غالبًا على هيئة غاز ويتجمع في وعاء منفصل".

وبات هذا الوقود حاليًا المصدر الوحيد لتشغيل المركبات، وعربات الإسعاف والدفاع المدني، ومولدات المستشفيات والبلديات، بالإضافة إلى مضخات المياه التي تُغذي المنازل.

ويُباع هذا الوقود بأسعار مرتفعة نسبيًا، حيث يصل سعر اللتر الواحد من السولار إلى نحو 50 شيكل (14 دولارًا)، فيما يبلغ سعر البنزين ضعف ذلك.

مخاطر وتحديات تواجه العاملين

ورغم أهمية هذه المبادرة، فإنها لا تخلو من المخاطر، سواء من ناحية الاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أو بسبب ظروف العمل الخطيرة.

ويتعرض العاملون في هذا المجال لاحتمال الإصابة بحروق خطيرة نتيجة الحرارة العالية للأفران، فضلًا عن أن هذه الأفران بدائية وتفتقر إلى معايير السلامة، ما يجعلها عرضة للانفجار، وتشبه في قوتها القنابل.

كما حذّر الأطباء من خطورة استنشاق الغازات المنبعثة خلال عملية الحرق، لما لها من آثار مدمرة على الجهاز التنفسي، وقد تؤدي إلى الإصابة بأمراض مزمنة، مثل السرطان، نتيجة امتصاص البلاستيك للبارود والمواد السامة الناتجة عن انفجارات الصواريخ.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف، فجر 18 آذار/ مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد هدنة دامت شهرين في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ سريانه في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طيلة فترة التهدئة.

وبدعم أمريكي وأوروبي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ارتكاب مجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 168 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الأطفال يدفعون ثمن الحصار "الإسرائيلي".. مزيد من الشهداء جوعاً في غزة
مايو 24, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد طفل آخر بسبب المجاعة وتداعيات الحصار "الإسرائيلي" المستمر على القطاع، في حين حذّر برنامج الغذاء العالمي من أن عشرات الآلاف من الأطفال يواجهون مستويات حادة من سوء التغذية. وقالت الوزارة في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم السبت، إن "الطفل مصطفى ياسين استشهد نتيجة سوء التغذية والجفاف في
إصابة فلسطينيين بهجوم للمستوطنين على مغاير الدير برام الله
مايو 24, 2025
هاجم مستوطنون تجمع مغاير الدير شرق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، واعتدوا على ساكنيه، ما أدى لوقوع إصابات. وأفاد الناشط فارس كعابنة في تصريح صحفي اليوم السبت، أن "مستوطنين هاجموا التجمع بحماية قوات الاحتلال وأطلقوا الرصاص الحي، واعتدوا على ساكنيه أثناء إخلائهم للمكان، ما أدى لإصابة عشرين فلسطينيا". وأضاف أن "المستوطنين لاحقوا السكان
لبنان.. أنشطة ثقافية في المخيمات الفلسطينية تؤكد على التمسّك بحق العودة
مايو 24, 2025
في كل عام، تُعيد النكبة الفلسطينية إنتاج حضورها في ذاكرة اللاجئين، لا كذكرى فقط، بل كواقع مستمرّ من الشتات والاقتلاع والحرمان. ومع حلول الذكرى الـ77 لتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم عام 1948، تبرز المبادرات الشبابية والثقافية كأداة مقاومة معرفية، تسعى إلى صون الذاكرة الجماعية، وترسيخ مفاهيم الهوية والانتماء، خاصة في أوساط
"إسرائيل" تكرر سرديتها: قتلنا أطفال الطبيبة في خان يونس بسبب وجود "مسلحين"
مايو 24, 2025
في واحدة من أكثر الجرائم إيلامًا منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة، فجعت الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، أخصائية الأطفال في "مجمع ناصر الطبي"، بوصول جثامين وأشلاء تسعة من أطفالها إلى المستشفى الذي تعمل فيه، بعد أن قضوا حرقًا نتيجة غارة جوية من قبل جيش الاحتلال استهدفت منزل العائلة في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان
لازاريني: خطة المساعدات الإنسانية الجديدة في غزة وُضعت لهدف عسكري أكثر منه إنسانيًّا
مايو 24, 2025
أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أن مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح في غزة لن ينجح. وقال لازاريني، في منشور على حساب "أونروا" على منصة "فيسبوك" اليوم السبت: "ليس من الممكن لمنظمة إنسانية تحترم حقًّا المبادئ الإنسانية الأساسية، أن تلتزم بمثل هذا المخطط". وأعرب عن اعتقاده أن "مثل هذا
"الإعلام الحكومي": 84 يوماً من حصار غزة الشامل.. الاحتلال ينفذ إبادة جماعية ويهندس سياسة تجويع المدنيين
مايو 24, 2025
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال "الإسرائيلي" يواصل، لليوم الـ84 على التوالي، فرض حصار خانق ومُحكم على قطاع غزة، من خلال الإغلاق التام لكافة المعابر، وتنفيذ سياسة تجويع جماعي ممنهجة ترتقي إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، إلى جانب تنفيذ إبادة جماعية وقتل يومي مستمر. وأشار المكتب، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته