"العربية لحماية الطبيعة" جمعية أردنية تدعم غزة عبر التمكين الزراعي

مع تواصل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من عام ونصف، وفي ظل الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها أهل القطاع، شهد الأردن طوال تلك الفترة انطلاق عدد من المشاريع والمبادرات، بدعم من مؤسسات مجتمع مدني وأخرى شبه حكومية. من بين هذه المبادرات، برزت المبادرات التي أطلقتها "الجمعية العربية لحماية الطبيعة".
وتقول المديرة التنفيذية لـ "العربية لحماية الطبيعة"، مريم جعجع، إن فلسفة مؤسستها تقوم على "الربط بين حماية البيئة والسيادة الوطنية".
وأعربت جعجع، في حديث مع "قدس برس"، عن قناعتها بأن "الدفاع عن الموارد الطبيعية كالأرض والمياه هو جزء لا يتجزأ من النضال ضد الاحتلال، الذي يستخدم هذه الموارد كسلاح للسيطرة والتهجير".
وأضافت موضحة: "الزراعة ليست مجرد نشاط اقتصادي أو بيئي، بل شكل من أشكال المقاومة الشعبية؛ حيث تُعد زراعة الأرض في وجه القصف والمصادرة والتجريف شكلاً من أشكال مقارعة الاحتلال".
وتؤكد جعجع أنّ الجمعية ترفض الاعتماد على التمويل الأجنبي الحكومي، "لما قد يفرضه من أجندات خارجية تتعارض مع أولويات المجتمعات المحلية واحتياجات المنطقة". وتعتمد الجمعية في تمويل مشاريعها ومبادراتها على التبرعات المقدمة من شركات ومؤسسات أردنية، بالإضافة إلى المتطوعين والشركاء.
وأردفت: "تحمل الجمعية رسالة واضحة تتمثل في إعادة إحياء الأراضي الفلسطينية التي تعرضت للتدمير أو خطر المصادرة، وتسعى إلى دعم المزارعين وتعزيز قدرتهم على الثبات في أرضهم، عبر توفير مستلزمات الزراعة مثل البذور، والمعدات، والبيوت البلاستيكية، وأنظمة الري الحديثة، واضعة تعزيز السيادة الغذائية في صلب أهدافها".
وأكدت جعجع أن "العربية لحماية الطبيعة" كانت ولا تزال تعمل في قطاع غزة قبل العدوان الأخير وخلاله، مشيرة إلى أنه "خلال 20 عاماً زرعنا نحو 495 ألفاً و493 شجرة مثمرة، كما شملت مشاريعنا إنشاء وترميم بيوت بلاستيكية للمزارعين المتضررين، وتزويدهم بأنظمة ري حديثة لمواجهة شح المياه، بالإضافة إلى دعم زراعة المحاصيل الموسمية لزيادة الدخل".
وتابعت قائلة: "لم تتوقف مشاريع العربية لحماية الطبيعة عند الجانب التقليدي من دعم القطاع الزراعي في غزة، بل نفذنا حزمةً من المشاريع لتعزيز الأمن الغذائي، مثل مشاريع لتربية الدواجن والحمام والأرانب والنحل، إلى جانب توزيع أدوات الإنتاج الغذائي المنزلي، كأدوات تصنيع الألبان والمخللات، فضلاً عن شباك وقوارب صيد الأسماك".
وأوضحت جعجع أنّ الجمعية كانت تطلق، عقب كل موجة من موجات العدوان على غزة، حملات طارئة لإعادة إعمار ما دُمّر زراعياً، عبر تقديم دعم مباشر للمزارعين والمنكوبين. كما اتجهت الجمعية إلى تطبيق فكرة الزراعة الحضرية من خلال مبادرات للزراعة المنزلية وحدائق الأسطح وساحات المنازل، باستخدام أدوات بسيطة، مع توفير مستلزمات مثل البذور العضوية، التربة المحسّنة، وصناديق الزراعة.
وأضافت جعجع: "أطلقنا بالتزامن مع يوم الأرض الفلسطيني في آذار/مارس 2024 مشروع (إحياء مزارع غزة) استجابة لنداءات المزارعين في القطاع، وأعلنا نيابة عن شركائنا وأصدقائنا المساهمين التزامنا تجاه المزارعين الغزيين القادرين على العمل في بساتينهم وأراضيهم، وبدأنا مع بلدية غزة بزراعة نحو 6.5 دونم بالبذور والأشتال".
وواصلت قائلة: "تمكنا مع شركائنا خلال فترة العدوان من زراعة ألف و19 دونماً (الدونم يعادل ألف متر مربع) في مختلف مناطق القطاع، وتنوعت المحاصيل بين الكوسا والباذنجان والبندورة والزهرة والخيار والملفوف والسلق والذرة والبطاطا والبصل والثوم والبطيخ والملوخية. كما قمنا بترميم 17 بيتاً زراعياً، مما وفر الدعم لـ 573 مزارعاً يعيلون نحو 3370 نسمة، إضافة إلى توفير شباك الصيد لـ 30 صياداً".
وتحدثت جعجع عن التحديات التي تواجه الجمعية، مشيرة إلى أن من أبرزها تقييد سلطات الاحتلال لدخول المواد الزراعية الأساسية مثل البذور والمعدات ومواد البناء، وقالت: "تعاني الجمعية من صعوبات في إدخال طواقم العمل والمتطوعين العرب والدوليين إلى غزة... ويُضاف إلى ذلك الخطر الدائم من القصف والتجريف الذي يستهدف الأراضي الزراعية والمزارعين وفرق العمل".
والجدير بالذكر أن "الجمعية العربية لحماية الطبيعة" هي جمعية أردنية غير ربحية تأسست عام 2003، وتعمل في كل من الأردن وفلسطين ولبنان، مع تركيز خاص على تعزيز السيادة على الموارد الطبيعية والغذاء في العالم العربي، ولا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاعات والاحتلال. وتؤمن الجمعية بأن السيادة على الغذاء هي حق الشعوب والدول في السيطرة على أنظمتها الغذائية وإنتاج غذائها عبر الوصول لمواردها الإنتاجية.