غزة... حرب تجويع من الدرجة الخامسة على مؤشر IPC

بورتريه

التجويع سلاح يفتك بالجميع

وكأنه فيلم بالأسود والأبيض ...يلخص كل مآسي الحروب السابقة في بقعة تلخّص كبائر القصف ... وأكثر الأسلحة تحريما وتجريبا وفتكا ... وأحقر خطط تهجير وتجويع الجميع ...يوزعون كل ذلك على أهل غزة ، بالتساوي ...
في غزة ... من يسمع صوت الصاروخ ، يعرف أنه حيّ ، ومن لم يسمعه ، فقد كُتبت له شهادة وفاة ...
في غزة الآن ...لا تكاد ترى غزة ...
بقايا بيوت مقصوفة و خيام محروقة ...عائلات بلا مأوى ولا طعام ولا دواء ولا كهرباء ولا ماء نظيف ، ولا ماء للتنظيف ولا استحمام...
أمراض توزعها روائح وقمامة ... بعوض وذباب وزواحف... النوم ممنوع مرضا وقصفا وحرقا ، وجوعا
إذا ...هي حرب تجويع وحشية ...المجاعة سلاح فتّاك ...تستهدف قصف شريين الحياة من آبار ومزروعات ...
على الهواء مباشرة قصفت المخابز وتكايا الطعام إذ كانت الملاذ الأخير لآلاف الأسر الجائعة....يُقصف المتطوعون ... تختلط صلصة الطماطم بدم العاملين عليها...

تجويع لأجل التهجير
في غزة ...العشرات يموتون جوعا رغم آلاف المنظمات العالمية وشاحنات وسفن المساعدات العاجزة عن المساعدة
في غزة ... يبحثون طويلا وسط الدمار عن حطب ... وأحيانا من تكسير أثاث بيوتهم أو من بقايا ملابسهم ...ثم يبحثون عن وسيلة لإيقاد نار طبخ ... وقد لا يجدونها إلا من بقايا شعلة تركها صاروخ القصف. ...
أوزان الناس تتدهور إلى النصف وأكثر.. وانتظار خبر الوفاة من سوء التغذية مرجّح... طواقم طبية وإعلامية وإغاثية، منهكة شاحبة. مفقودون تحت الردم ماتوا جوعا ويأسا ولم يسمعهم قريب ولا أقارب. .. الأقارب يزيلون الردم بمشاعر مخدرة ...عيون لا تجد ما تذرفه.
ممرضون يلجأون لاختراع محلول ملحي، بسحق البطاطس وصنع سائل مؤقت للتغذية الأنبوبية.
وعلى هامش الحياة... أطفال رُضّع تناثروا وسط ركام القصف ... التصق نِثارُهم بالجدران... أطفال صاروا لحم شواء يجذب سادية الجيش المسعور... جيشُ عدوٍ بربري يملك مِكبس تجويع مميت.

طوابير من الوجوه الشاحبة والهياكل العظمية تنظر في قدور فارغة... حرب وحشية مبرمجة لتهجير من بقي ومن يستطيع المشي باتجاه واحد، يحدّده اتجاه رصاص العدو.

مزيج من التصريحات ومزيد من التجويع
مع أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ينص على أن "تجويع المدنيين عمدا وعرقلة الإمدادات الغوثية ، يشكل جريمة حرب".
إلا أن وزيرا في حكومة العصابات الصهيونية وباحتقار للقوانين الدولية ، يقول: تل أبيب لن تسمح بإدخال حبة قمح واحدة إلى قطاع غزة .
ووزير دفاع الفاشية الصهيونية يقول: "فرضنا حصارًا شاملاً على قطاع غزة. لا كهرباء.. لا وقود.. لا ماء.. لا طعام.. كل شيء مغلق". "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف بناء على ذلك" .
ذات مرة ... ومع شدة المجاعة استيقظ ضمير جيش العدو ، فسمح بإرسال شاحنة استهزاء وشماتة ... شاحنة مليئة ب( أكفان الموتى) ...
وذات مرة ... وفي نشوة هستيرية يقوم العدو بقصف سفن المساعدات الغذائية والطبية داخل أوروبا ، رغم أنه يعرف أن هذا ( إرهاب ) داخل العزيزة أوروبا .
ويبلغ جيش الاحتلال الإسرائيلي قمة الاحتقار للأعراف المعمول بها عالميا حين يقصف ويقتل مجموعة من العاملين الأمميين في منظمة المطبخ المركزي العالمي World Central Kitchen؛ فيفرح جيش العدو بردة فعل هذه المنظمة وغيرها من منظمات الغذاء والمساعدات حيث قامت بتجميد عملها في غزة؟!
لا غرابة ...فهو عدو لئيم يستخدم سلاح تجويع الجميع ... يدوس المجتمع الدولي ومؤسساته...
المجوّعون والموجوعون في غزة يصرخون : "تصريحات وقلق مدراء المنظمات ( الإنسانية ؟) لا تسمن ولا تغني من جوع...فليحتفظوا بتصريحاتهم الباردة التي تغري الاحتلال بالمزيد والمزيد من الجرائم والتجويع ".
المفوض السامي في الأمم المتحدة فولكر تورك يصف سلاح التجويع بأنه "يرقى؟" إلى مستوى "العقاب؟" الجماعي، و"قد يصل؟" إلى حد استخدام التجويع كـ"أسلوب؟" حرب.
هل تعلم يا حضرة المفوض السامي أن البنك الدولي يعتبر أن 100 بالمئة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر ؛وأهل غزة يقولون لك : إننا كلنا تحت خط الموت ، جوعا.

كواليس ... على الهواء مباشرةً
مؤلم جدا أن يولد في الحرب سبعون ألف طفل... ويتعرضون لأمراض مزمنة وسوء التغذية حادّ ... بلا مناعة من جوع ، وبلا خوف من قصف ...
مؤلم جدا ... امرأة في حالة وضْعٍ تُركت وحيدةً ... اتخذت مكانا قصيا عمن فقدتهم... لا زمزم تحت أقدام الصغير... صوتها الواهن لا يكفي لنداء من تساعدها... مولودها يخرج وهو يعاني من وهن العظم ، ووهن العضلات.
وما أشد حسرة أمهاتٍ يعانين سوء التغذية ولا يستطعن الإرضاع... وكأن الموسم في أثداء الأمهات ...دماء

حصار عربي ... إغلاق معابر غزة ومساعدات للعدو
مع أن جولة في تاريخ المجاعات في بلادنا العربية (ومنها : مجاعة بلاد الشام 1915م ومجاعة المغرب 1944م ومجاعة الصومال 1992 ومجاعة السودان 1998 والمجاعة الحالية ) يجد أن الاستعمار أو تجار الحروب ، هم وراء هذه المجاعات .
لكن ما يحصل في غزة هو حرب تجويع تجاوزت الدرجة الخامسة ،وهي الأكثر خطورة في مؤشر IPC ( التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) ... يعني أنها تجاوزت مرحلة سوء التغذية الحادّ، ومرحلة الأمن الغذائي المزمن.
فطوفان من الصور الصادمة وفيديوهات البثّ الحي تخاطب الضمير الغائب في الأنظمة العربية ذات المعابر والمنابر ... وتخاطب الضمير المنفصل عن الصوت المكبوت لبقية حكومات كانت تسمح بالتعاطف مع حرب التجويع ... ثم تابت وصبأت وانصاعت لأوامر أبرهة الأشقر ... وظلّوا يتزاحمون ويتسابقون لرضى ( كابينت) البيت الأبيض... جهرا وجهرا.
ورغم أننا نرى دم أهل غزة المراق على وجوههم ؛فإنهم لا يستطيعون رفع أصبع الاعتراض أو الانسحاب لخمس دقائق من محور ( العالم الحر؟ ) !!
أو حتى مقايضة دخول شاحنات المساعدات المتكلسة بوقف تدفق سلاسل الغذاء للجيش الإسرائيلي عبر أراضينا ، العربية.
وتكون الصدمة والغيبوبةٍ معا : حين نرى ( حكومات من بلاد العرب أوطاني ، تقوم بدور الحبل السري الذي يوصل سلاسل الغذاء والذخيرة لجيش عدوها الذي يهددها )
ويا ليتها تدرك هذه الحكومات ـ ولو بعد فوات الأوان ـ أنها بحكم قانون محكمة العدل (شريكة في الإبادة الجماعية).

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
لازاريني: خطة المساعدات الإنسانية الجديدة في غزة وُضعت لهدف عسكري أكثر منه إنسانيًّا
مايو 24, 2025
أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أن مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح في غزة لن ينجح. وقال لازاريني، في منشور على حساب "أونروا" على منصة "فيسبوك" اليوم السبت: "ليس من الممكن لمنظمة إنسانية تحترم حقًّا المبادئ الإنسانية الأساسية، أن تلتزم بمثل هذا المخطط". وأعرب عن اعتقاده أن "مثل هذا
"الإعلام الحكومي": 84 يوماً من حصار غزة الشامل.. الاحتلال ينفذ إبادة جماعية ويهندس سياسة تجويع المدنيين
مايو 24, 2025
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال "الإسرائيلي" يواصل، لليوم الـ84 على التوالي، فرض حصار خانق ومُحكم على قطاع غزة، من خلال الإغلاق التام لكافة المعابر، وتنفيذ سياسة تجويع جماعي ممنهجة ترتقي إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، إلى جانب تنفيذ إبادة جماعية وقتل يومي مستمر. وأشار المكتب، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته
"الديمقراطية": المساعدات حق لا أداة للابتزاز في غزة.. وخطة التوزيع تهدف لحشر السكان
مايو 24, 2025
أكدت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، أن سياسة التقطير في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لن تُنهي أزمة الجوع المتفاقمة، ولا تلبّي الحاجات الأساسية لمليونين ونصف المليون فلسطيني محاصرين منذ قرابة ثلاثة أشهر بلا طعام أو دواء أو ماء. وطالبت الجبهة، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته "قدس برس"، المجتمع الدولي بـ "تحمل مسؤولياته الإنسانية
"حماس": الاحتلال يرتكب مجزرة وحشية بقتل تسعة أطفال لطبيبة أثناء تأديتها واجبها الإنساني
مايو 24, 2025
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن جيش الاحتلال الفاشي ارتكب مجزرة مروّعة، عبر استهدافه بغارة جوية منزل الدكتورة آلاء النجار، الطبيبة في "مستشفى ناصر" بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى ارتقاء جثامين أطفالها التسعة شهداء، بينما كانت تؤدي واجبها الإنساني على رأس عملها في المستشفى. وأكدت الحركة، في تصريح صحفي اليوم الشسبت، تلقته
رئيس الحكومة الإسبانية: غزة للفلسطينيين وستبقى كذلك
مايو 24, 2025
وصف رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الوضع في قطاع غزة بأنه "غير مقبول"، مطالبًا "إسرائيل" بوقف عمليتها العسكرية في القطاع على الفور. وأكد أن "اللامبالاة ليست خيارًا للمجتمع الدولي"، مضيفًا: "لن نصمت". جاءت تصريحات سانشيز خلال مشاركته في اجتماع الأممية الاشتراكية المنعقد في إسطنبول، اليوم السبت، حيث تساءل: "هل يجب أن نظل غير مبالين تجاه
صحة غزة: 79 شهيدا و211 جريحا وصلوا المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية
مايو 24, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة نقل 79 شهداء فلسطينيين، و211 جريحا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية. وأضافت الوزارة، في تصريح صحفي، اليوم الخميس، أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/مارس 2025، وصلت إلى 3,747 شهيدا و10,552 جريحا، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع