السلطة الفلسطينية تصنف قطاع غزة "منطقة مجاعة".. ماذا يعني ذلك من الناحية القانونية؟

أعلن رئيس حكومة السلطة الفلسطينية، محمد مصطفى، في مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء الماضي في رام الله، تصنيف قطاع غزة "كمنطقة مجاعة"، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي، وإدخال المساعدات الإنسانية دون إبطاء، ورفع الحصار المفروض على القطاع.
ووصف وزير العدل في ذات الحكومة، شرحبيل الزعيم، هذا التصنيف بأنه "تطور قانوني خطير"، مؤكداً أنه "يستدعي تفعيل آليات دولية، من بينها تدخل مجلس الأمن الدولي، واتخاذ الأمين العام للأمم المتحدة الإجراءات اللازمة، وفقاً للقانون الدولي الإنساني".
ويواجه 2.2 مليون من سكان القطاع خطر المجاعة، نتيجة استمرار إغلاق الاحتلال للمعابر منذ الثاني من آذار/مارس الماضي، ما أدى إلى نفاد أكثر من 90 بالمئة من أصناف الغذاء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 1400 بالمئة.
وفي هذا السياق، يشير مجدي أبو زيد، المدير التنفيذي السابق لـ "الإئتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان" (إحدى المنظمات المعتمدة لدى منظمة الشفافية الدولية)، إلى أن تصنيف منطقة ما على أنها "منطقة مجاعة" يتطلب توفر عدة شروط ومعايير، تستند إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وبحسب أبو زيد، تشمل هذه المعايير "وجود نقص حاد في الغذاء يؤثر على نسبة كبيرة من السكان، وتسجيل معدل وفيات يتجاوز حالتي وفاة لكل 10 آلاف شخص يومياً، بالإضافة إلى تأثير سوء التغذية الحاد على أكثر من 30 بالمئة من الأطفال".
وأضاف أبو زيد، في حديثه لـ "قدس برس"، أن "الإعلان الفلسطيني الرسمي يُعد تصنيفاً سياسياً وقانونياً وإنسانياً لحالة قطاع غزة، بهدف لفت انتباه المجتمع الدولي إلى أن الوضع تجاوز حدود الأزمة الإنسانية ووصل إلى مرحلة المجاعة".
وأوضح أن الهدف من هذا الإعلان هو "تحفيز آليات الطوارئ الدولية، وإجبار الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية على تطبيق خطط الاستجابة السريعة".
التبعات القانونية لتصنيف غزة كمنطقة مجاعة
أما عن التبعات القانونية لهذا التصنيف، فيشير أبو زيد إلى أنه "وفقاً للقانون الدولي الإنساني، تُعد المجاعة جريمة حرب إذا كانت نتيجة حصار أو منع متعمد لوصول المساعدات"، مستنداً إلى اتفاقيات جنيف، والبروتوكول الإضافي الأول، والمادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأضاف: "إذا ثبت أن المجاعة تُستخدم كأداة من أدوات الحرب، فإن المسؤولين عنها يمكن محاسبتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية".
كما يؤكد أنه "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يحق لكل إنسان الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والحياة، وإذا منعت دولة الاحتلال، بصفتها قوة احتلال، دخول الغذاء والمساعدات، فإنها تتحمل المسؤولية القانونية المباشرة".
ماذا يترتب على الدول والمجتمع الدولي؟
يشدد أبو زيد على أن "الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، وخصوصاً الأطراف السامية، مُلزمة بالتحرك الفوري لمنع خروقات القانون الدولي الإنساني".
ويضيف: "يستوجب هذا الإعلان تفعيل آليات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بما في ذلك إرسال لجنة تحقيق وفرض عقوبات على الجهات التي تعرقل عملها".
وتابع: "كما يتطلب الإعلان اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة، تشمل فتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء والماء والدواء، ودعم وكالات الإغاثة الدولية مثل برنامج الغذاء العالمي ووكالة أونروا لتوسيع نطاق عملياتها في القطاع".
وتمنع سلطات الاحتلال منذ ما يقرب من عشرة أسابيع إدخال أي إمدادات إلى قطاع غزة، ما أدى إلى إغلاق المخابز والمطابخ المجتمعية والجمعيات الخيرية، في وقت أعلنت فيه المنظمات الدولية العاملة في القطاع عن نفاد مستودعاتها من المواد الغذائية الأساسية وحليب الأطفال.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة فجر 18 آذار/مارس 2025، بعد توقف دام شهرين في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طيلة فترة التهدئة.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبمساندة أميركية وأوروبية، ترتكب "إسرائيل" إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.