من أمريكا إلى غلاف غزة: "عيدان ألكسندر" نموذج للجنود المرتزقة في إسرائيل

شكّل الإفراج عن الأسير الإسرائيلي – الأمريكي عيدان ألكسندر، أمس الإثنين، من قبل "كتائب القسام"، حدثًا استثنائيًا، إذ أزاح الستار عن ملف لطالما أحاطته "إسرائيل" بالسرية التامة وأبعدته عن الإعلام، وهو ملف "المرتزقة" الأجانب العاملين في جيش الاحتلال.

كان الجندي عيدان ألكسندر واحدًا من هؤلاء المرتزقة، وقد خدم في صفوف جيش الاحتلال حتى أَسَرته المقاومة الفلسطينية صباح السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، خلال معركة طوفان الأقصى، وذلك في إحدى نقاط الحراسة التابعة لموقع استيطاني قرب كيبوتس نيريم، ضمن مستوطنات غلاف غزة.

خدم ألكسندر في إحدى وحدات النخبة التابعة للواء غولاني، الذي يُعد من أبرز ألوية المشاة في جيش الاحتلال. ويضم هذا التشكيل العسكري جنودًا إسرائيليين وآخرين أجانب جُنّدوا ضمن برامج استقطاب، قدمت لهم الدولة حوافز وإغراءات مالية بغرض إدماجهم في الخدمة العسكرية.

نشأة المرتزقة في جيش الاحتلال
تأسست دولة الاحتلال عقب نكبة عام 1948، بجيش تشكّل من عصابات مسلّحة ضمّت يهودًا ومرتزقة من مختلف دول العالم. ومن أبرز هذه العصابات: "الهاغاناه"، "الإرغون"، "إتسيل"، "شتيرن"، و"ليحي".

وقد تأسست هذه التشكيلات شبه العسكرية بدعم من الاستعمار البريطاني، وتنسيق مع الوكالة اليهودية، وبإشراف مباشر من الجيل المؤسس لدولة الاحتلال، مثل: دافيد بن غوريون، ويتسحاق بن تسفي، وغولدا مائير، وإسحاق شمير.

وتُشير مصادر تاريخية متعددة إلى أن هذه العصابات نشأت بعد الثورة الفلسطينية التي قادها الحاج أمين الحسيني بين عامي 1936-1939، إثر مقتل عز الدين القسام في أحراش يعبد قرب جنين، ورفضًا لسياسات بريطانيا في تشجيع الهجرة اليهودية وتمليك الأراضي للمهاجرين اليهود.

مهام جيش المرتزقة
كان الهدف الأساسي لتشكيل العصابات اليهودية، كما خططت له بريطانيا، هو تمهيد الطريق لإقامة دولة يهودية مستقلة على أرض فلسطين، من خلال شن هجمات على الفلسطينيين، وترهيبهم، ودفعهم إلى الهجرة، إضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال وتفجير في الأسواق والسفن والفنادق.

وقد قاد هذه العصابات لاحقًا قادة أصبحوا رؤساء لحكومات الاحتلال، مثل دافيد بن غوريون، ومناحم بيغن، ويتسحاق شمير.

واقع المرتزقة في الجيش الإسرائيلي
تفرض "إسرائيل" الخدمة العسكرية الإلزامية على مواطنيها، من الذكور والإناث، عند بلوغ سن الثامنة عشرة، وتتراوح مدة الخدمة بين 18 - 36 شهرًا.

إلى جانب ذلك، تفرض الدولة الخدمة العسكرية على بعض المقيمين من غير اليهود، مثل الدروز، والمهاجرين الأفارقة من أثيوبيا وأرتيريا، وآخرين من آسيا مثل فيتنام والهند وبنغلادش، إضافة إلى الأكراد من شمال العراق، ومهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقًا، مثل لتوانيا ولاتفيا وبولندا.

وفي الوقت الذي تروّج فيه "إسرائيل" لظاهرة الارتزاق على أنها نوع من "التطوع"، تستخدم مصطلح "المتطوعين" بدلاً من "المرتزقة"، في محاولة لإضفاء بُعد ديني أو قومي على الظاهرة، والزعم بأنهم من أصول يهودية يقاتلون بدافع إيماني.

مشروع تجنيد المرتزقة الأجانب
سلّطت صحيفة /هآرتس/ العبرية الضوء على أعداد "المرتزقة" الأجانب في صفوف قوات الاحتلال، وقدرتهم بما يتراوح بين 50 - 60 ألفًا، منهم نحو 7 آلاف يخدمون في القوات النظامية، فيما يُستدعى الباقون كجنود احتياط.

وخلال الحرب الجارية على غزة، تم الزج بهؤلاء المرتزقة في الطلائع الأولى لاقتحام المدن والمخيمات، حيث يُستخدمون في مهام انتحارية عالية الخطورة، في محاولة لتقليل الخسائر في صفوف الجنود اليهود.

مشروع الجندي الوحيد
يعتمد هذا البرنامج، الذي تشرف عليه هيئة الأركان الإسرائيلية، على تجنيد مرتزقة من الجنسين، ويفضل أن يكونوا من اليهود، دون أن يكون ذلك شرطًا حاسمًا. ويُقدّر عدد المقاتلين ضمن "مشروع الجندي الوحيد" بنحو 7 آلاف، معظمهم من غير اليهود.

يشمل المشروع فئتين: مجندين من داخل "إسرائيل" لا عائلات لهم أصلًا، ومجندين من خارجها لهم عائلات لا تقيم في "إسرائيل".

ويحظى هؤلاء بمزايا مادية متعددة، منها رواتب مرتفعة، منح زواج، طرود غذائية، تمويل زيارات عائلية، مساعدات سكنية، إعفاءات ضريبية، وإتاحة مزاولة أعمال خاصة، فضلًا عن دعم اجتماعي بديل عن العائلة.

ويخضع المرتزقة الوحيدون لتدريبات عسكرية مكثفة، ويتميزون بالشراسة والخطورة، كما تُنسب إليهم العديد من جرائم الحرب والانتهاكات خلال المعارك.

مشروع الجنود مزدوجي الجنسية
يشمل هذا المشروع مجندين يحملون جنسيات مزدوجة، مثل الأمريكية، البريطانية، الفرنسية، الروسية، والأوكرانية، وغيرهم. ويُعتبر هؤلاء مواطنين أجانب يحملون الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي تسري عليهم قوانين الخدمة الإلزامية والاحتياطية.

وتُعد حالة الجندي المُفرج عنه عيدان ألكسندر مثالًا واضحًا لذلك، إذ يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، وخدم في الجيش رغم أن عائلته تقيم في الولايات المتحدة ولا تحمل الجنسية الإسرائيلية.

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الحرب الإيرانية – "الإسرائيلية".. ردع متبادل ولا نصر أو هزيمة
يونيو 24, 2025
طويت صفحة من أعنف جولات التصعيد بين إيران والاحتلال "الإسرائيلي" بعد تدخل أميركي مباشر أدى إلى وقف إطلاق النار. ومع انتهاء العمليات العسكرية، تبرز تساؤلات متزايدة حول الحصيلة الفعلية لهذه الحرب القصيرة، وفيما إذا كانت قد أسفرت عن فوز واضح لطرف على حساب آخر، أو أنها عكست توازن ردع جديد في المنطقة. وقال خبراء ومحللون
"حماس": آلية توزيع المساعدات "الصهيونية–الأميركية" مصائد موت مدروسة
يونيو 24, 2025
أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، أن ما يُسمى بـ"آلية توزيع المساعدات الصهيونية–الأميركية" في قطاع غزة، ليست سوى "مصائد موت" مدروسة. وأضافت الحركة في بيان، أن هذه المصائد "تستخدم لإدارة التجويع والإذلال ضمن سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية"، محمّلة الاحتلال "الإسرائيلي" والإدارة الأميركية المسؤولية المباشرة عن تصاعد أعداد الضحايا بين صفوف المدنيين. وأوضحت الحركة أن إجمالي
أردوغان: تصرفات "إسرائيل" المتهورة غير مقبولة
يونيو 24, 2025
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، ضرورة الوقف الكامل للعدوان "الإسرائيلي" في منطقة الشرق الأوسط. وأشار أردوغان في مؤتمر صحفي عقده قبيل توجهه إلى هولندا للمشاركة في القمة، إلى أن مجازر الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ستكون محور تركيزه خلال قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو". ورحب أردوغان بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وإيران،
مقتل 3 جنود من جيش الاحتلال وإصابة 7 آخرين في كمينين بغزة
يونيو 24, 2025
أعلنت وسائل إعلام "إسرائيلية"، الثلاثاء، مقتل ثلاثة جنود وإصابة سبعة آخرين، بعضهم بجروح "خطرة جدا"، إثر كمينين منفصلين تعرضت لهما قوات جيش الاحتلال في قطاع غزة. وبحسب وسائل الإعلام، فإن "مقاتلين فلسطينيين نصبوا كمينا لقوة عسكرية (إسرائيلية)، تبعه كمين آخر استهدف وحدة الإنقاذ التي حاولت التدخل". وأشارت التقارير إلى أن المصابين تم نقلهم إلى أحد
خسائر متتالية للاحتلال.. "القسام" تعرض وجها آخر لمعركة في خان يونس
يونيو 24, 2025
نشرت كتائب "القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، صورا توثق تنفيذ عدد من العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال "الإسرائيلي" في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ضمن سلسلة عمليات "حجارة داود". وأظهرت الصور عملية قنص وقعت في منطقة السناطي بعبسان الكبيرة شرقي خان يونس يوم 16 حزيران/يونيو الجاري، وأسفرت عن مقتل رقيب "إسرائيلي"
ارتفاع عدد شهداء "مصائد الموت" في غزة إلى 516
يونيو 24, 2025
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الثلاثاء، عن حصيلة مروعة جديدة لضحايا "مصائد الموت" المتمثلة في مراكز توزيع المساعدات الأميركية–الإسرائيلية، منذ بدء عملها في 27 أيار/مايو 2025. ووفق الإحصائية الصادرة، بلغ العدد الإجمالي للضحايا المدنيين الذين ارتقوا خلال محاولتهم الوصول إلى هذه المراكز للحصول على الغذاء: 516 شهيدا، 3799 مصابا، 39 مفقودا. وأكد المكتب أن