بلدية ساو باولو تلغي فعالية لإحياء ذكرى النكبة.. وحزب العمال يستنكر "الرقابة الخاضعة لضغوط صهيونية"

ألغى رئيس مجلس بلدية ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، ريكاردو تيكسيرا، فعالية كانت مخصصة لإحياء الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية، كانت مقررة في قاعة داخل المجلس مساء أمس الأربعاء، تحت عنوان "77 عاماً على النكبة: درسٌ في المقاومة"، في خطوة أثارت احتجاجات سياسية وشعبية في الأوساط البرازيلية.
وجاء القرار في مذكرة رسمية صادرة عن تيكسيرا، أكد فيها أن الفعالية تم تعليقها استنادًا إلى المادة الأولى، الفقرة الثالثة من النظام الداخلي للمجلس، موضحا أن التعليق جاء بهدف "إجراء تحليل أعمق بشأن مدى توافق الحدث مع المهام المؤسسية للمجلس البلدي".
وأشار تيكسيرا في خطابه الذي اطلعت عليه "قدس برس"، إلى أنه سبق تنبيه مكتب النائبة لونا زاراتيني – منظّمة الفعالية – إلى ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من رئاسة المجلس قبل تنظيم أي فعالية "غريبة عن وظائف المجلس"، حسب تعبيره.
وجاء في نص الخطاب:"تهدف هذه الإجراءات إلى ضمان توافق كل الأنشطة التي تُقام ضمن المجلس مع المبادئ المؤسسية، خاصة فيما يتعلق بالاحترام المتبادل، والدبلوماسية، والسلامة العامة. ويستمر تعليق الفعالية إلى حين انتهاء التحليلات والتدقيقات المطلوبة."
وتعود الفعالية الملغاة إلى مبادرة من النواة الفلسطينية في حزب العمال البرازيلي (PT) وكتلة حقوق الإنسان في المجلس، وكان من المقرر أن تستضيف شخصيات سياسية وحقوقية، وأفرادًا من الجالية الفلسطينية في البرازيل.
وفي هذا السياق، قال محمد القادري، رئيس المنتدى اللاتيني الفلسطيني في البرازيل، في تصريح نشره عبر الحساب الرسمي للمنتدى على منصة "إنستغرام": إن "الضغوط الصهيونية تحدث في جميع أنحاء البلاد، ومن الضروري تنبيه البرلمانيين والمجتمع، لأن الإبادة الجماعية يجب أن تُدان، لا أن تُستخدم كذريعة للدفاع عن (إسرائيل) أو مبررًا لممارسة الرقابة وملاحقة الأشخاص المتضامنين مع فلسطين."
وبالتوازي مع صدور القرار، أعربت الهيئة التنفيذية لفرع حزب العمال في ساو باولو عن استنكارها الشديد للمنع، واعتبرته مظهرا من مظاهر الرقابة السياسية المتزايدة بحق التضامن مع القضية الفلسطينية.
وفي بيان صدر عن الحزب، جاء ما يلي:"الهيئة التنفيذية لفرع حزب العمال (PT) في ساو باولو تدين موقف رئيس المجلس البلدي، ريكاردو تيكسيرا، الذي حظر فعالية كانت مقررة بعنوان ’77 عاما على النكبة – درس في المقاومة‘. الفعالية كانت ستجمع شخصيات من المجتمع الفلسطيني وناشطين في مجال حقوق الإنسان."
وأضاف البيان الذي تلقته "قدس برس"، أن هذا الإجراء يأتي في سياق يتسم بتصاعد الهجمات الإسرائيلية، قائلاً: "نُدين القصف الإسرائيلي الذي أودى هذا الأسبوع بحياة 9 أطفال فلسطينيين، في سياق مجازر أودت بحياة أكثر من 52 ألف فلسطيني خلال الأشهر الـ18 الماضية. وقد دعا البابا ليون الرابع عشر إلى وقف فوري لإطلاق النار، في موقف يعكس مدى فداحة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني."
وذكّر حزب العمال بأن واقعة مشابهة حصلت العام الماضي، حين منع رئيس المجلس السابق، ميلتون لايتي، فعالية عن فلسطين، مشيرا إلى أن المنع حينها جاء بطلب مباشر من القنصلية الإسرائيلية، وهو ما يعزز، حسب البيان، فرضية "وجود تدخل صهيوني مباشر في قرارات المجلس".
وأكد الحزب أن ما حصل يعكس تصاعدا خطيرا في محاولات إسكات الأصوات المتضامنة مع فلسطين، مجددا التأكيد على التزامه بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. وأنه "لن نصمت أمام هذا النوع من الرقابة، وفلسطين ستبقى حرة من النهر إلى البحر."
وتزامن منع الفعالية داخل مجلس بلدية ساو باولو مع تنظيم فعاليات أخرى في الولاية، حيث أبقت الجمعية التشريعية لولاية ساو باولو على فعالية مشابهة، بدعوة من حزب الاشتراكية والحرية (PSOL)، في مشهد يعكس التباين في المواقف بين المؤسسات الرسمية حيال القضية الفلسطينية.
كما أعلنت "جبهة التضامن مع فلسطين-ساو باولو"، عن تنظيم فعالية سياسية ثقافية في فضاء مركز "الجانية"، مساء اليوم (15 أيار/مايو)، بالإضافة إلى مسيرة شعبية يوم السبت (17 أيار/مايو) ستنطلق من أمام متحف الفن الحديث (MASP) وسط المدينة.
ويُذكر أن مشروع قانون مثيرا للجدل يُناقش في الكونغرس البرازيلي، اقترحه النائب إدواردو بازويلو، يسعى إلى اعتماد تعريف "معاداة السامية" الصادر عن "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)"، ما يثير مخاوف واسعة من استخدامه لتجريم الانتقادات الموجهة إلى "إسرائيل" واعتبارها "خطاب كراهية ضد اليهود".
كما أحيا البرلمان التشريعي لولاية ساو باولو، مطلع الشهر الجاري، "يوم الأرض الفلسطيني"، في جلسة رسمية دعت إليها عضو البرلمان، مونيكا سيشاس، بحضور واسع من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية، إلى جانب عدد من النشطاء والسياسيين والأكاديميين البرازيليين المتضامنين مع القضية الفلسطينية.