هل تُستخدم المساعدات الإنسانية في غزة كورقة ضغط لخدمة الاحتلال؟

بينما تتفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة تحت وطأة القصف والتجويع والحصار، تتصاعد التساؤلات حول الدور الأمريكي في إدارة ملف المساعدات الإنسانية، ومدى مصداقية الأطراف الدولية في التعامل مع معاناة المدنيين.
فبدلًا من أن تكون المساعدات شريان حياة، تحولت إلى أداة ابتزاز سياسي، ومجال لتصفية الحسابات وتعزيز الهيمنة.
وفي ظل هذا المشهد، يؤكد محللون وناشطون أن "ما يجري هو تسييس فاضح للعمل الإنساني، حيث تُوظَّف المساعدات كورقة ضغط لخدمة أجندات الاحتلال، لا لإنقاذ الأرواح.
وتُطرح تساؤلات ملحة حول نوايا المجتمع الدولي، الذي يبدو في كثير من الأحيان شاهد زور على جريمة مستمرة بحق أكثر من مليوني إنسان في غزة".
ابتزاز سياسي
وقال الكاتب الفلسطيني محمد القيق إن الولايات المتحدة لا تقدم شيئاً بالمجان، مشيرًا إلى أن المساعدات الإنسانية التي تسوّق لها واشنطن حاليًا ليست أكثر من ورقة سياسية توضع على طاولة التفاوض، وليست دافعها النية الإنسانية.
وأوضح القيق في حديثه لـ"قدس برس" أن هذه المساعدات تُستخدم كأداة ابتزاز سياسي، لتنفيذ خطة بنيامين نتنياهو المعلنة بشأن "اليوم التالي"، ولكن هذه المرة بصيغة أمريكية وغطاء من بعض الأطراف العربية.
وأضاف: "يحاولون تعزيز الهيمنة في الميدان من خلال كيس الطحين، في مشهد يكرّس منطق الاحتلال لا يرفعه".
وأكد أن العجز العسكري في تحقيق الأهداف خلال العدوان على غزة دفع الاحتلال ومن خلفه واشنطن إلى الانتقال إلى سلاح التجويع، وهو ما يعدّ – بحسب القانون الدولي – جريمة حرب.
وتابع: "ما يجري هو استخدام ممنهج للتجويع كسلاح حرب، حتى بعد الإفراج عن الأسير الأمريكي ألكسندر، لم تُبدِ الولايات المتحدة أي حسن نية حقيقية تجاه إدخال المساعدات لغزة، بل لا تزال تماطل، وتُخطّط لتأجيل دخولها حتى نهاية الشهر".
وأشار القيق إلى أن هذا التأخير يكشف عن نوايا أمنية واستثمار سياسي في ملف المساعدات، مضيفًا: "الهدف ليس إنقاذ الناس، بل استثمار المساعدات لتحقيق ترتيبات ميدانية وأمنية تخدم الاحتلال، لا الشعب الفلسطيني".
اختبار أخلاقي
واعتبر أستاذ العلوم السياسية اياد القطراوي في جامعة الأمة المفتوحة بغزة، أن "المساعدات الإنسانية في الحرب على غزة تمثل مسألة ملحة ذات أبعاد إنسانية وأخلاقية بالغة الحساسية".
وأكد في حديثه لـ"قدس برس" على أن "المجتمع الدولي مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالتحرك الجاد والفاعل لضمان تدفق المساعدات دون قيود، وحماية المدنيين، وتجنيبهم ويلات حرب لا يد لهم فيها، فالقضية لم تعد مسألة سياسية فحسب، بل اختبار حقيقي للضمير الإنساني العالمي".
وأشار الى أن "قضية المساعدات الإنسانية في الأصل يجب أن تكون قضية غير مشروطة من الناحية القانونية والأخلاقية، إذ ينص القانون الدولي الإنساني، لاسيما اتفاقية جنيف، على أن المساعدات يجب أن تُقدم للمدنيين في الحروب دون تمييز أو شروط سياسية".
وأوضح أن "الخطابات التي تُدلي بها الأطراف الدولية قد تبدو إنسانية، لكنها في جوهرها مواقف سياسية مغلّفة بعبارات أخلاقية، لتبرير التقاعس والانحياز الدولي لـ (إسرائيل)، والجريمة بحق المدنيين والأبرياء في غزة".