خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة يهدد حياة العشرات من الأطفال "الخدج"

كاد قلب السيدة نسرين الطويل أن يتوقف عن النبض، بعد أن تلقت خبر قصف الاحتلال لمستشفى غزة الأوروبي، حيث يمكث طفلها محمود الذي وُلِد قبل موعده في الأسبوع 36 من حملها، في إحدى حضانات "الأطفال الخدج" داخل المستشفى.
بعد تلقيها لنبأ القصف الإسرائيلي للمستشفى، استقلت نسرين سيارة وطلبت منه الذهاب على عجل للمستشفى، على الرغم من الخطر الأمني، بسبب استمرار القصف الإسرائيلي لمحيطه والذي لم يتوقف منذ 13 من الشهر الجاري وحتى يومنا الحالي.
ما أن وصلت نسرين للمستشفى، حتى ذهبت مسرعة لغرفة طفلها للاطمئنان عليه، ليبلغها الأطباء بضرورة إخلاء المستشفى وإخراج كافة الجرحى والمرضى منه، بعد تسرب في موصلات الأكسجين، وهو ما يهدد حياة الأطفال الخدج في الحضانات.
ويعرف "الأطفال الخدج"، بأنهم الأطفال الذين يولدون قبل موعد الولادة الطبيعية المحدد بأربعين أسبوعا.
سارع المسعفون لإخلاء المرضى والجرحى على عجل بمركبات مدنية و"تكاتك" وعربات "كارّو"، لعدم توفر عدد كافٍ من مركبات الإسعاف.
مع حلول الساعة العاشرة من المساء، سمح الاحتلال بإجراء تنسيق لنقل الأطفال الخدج، بسيارات إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث جرى نقلهم لمجمع ناصر الطبي، ومستشفى الأمل.
تحديات تواجه الأطباء
أدى الضغط المتزايد في عدد الأطفال الخدج المتواجدين في حضانات المستشفيات، لصعوبات في عمل الطواقم الطبية، التي باتت عاجزة عن التعامل بشكل كافٍ مع نقص الإمكانيات وقلة الموارد الطبية.
ويشير طبيب الأطفال وحديثي الولادة، تامر الغرابلي، أن "ما يتوفر حاليا من حضانات للأطفال في كافة مستشفيات القطاع لا يزيد عن 75 حضانة، مقارنة بـ167 حضانة كانت متوفرة قبل الحرب، وذلك بسبب تدمير الاحتلال لغالبية المستشفيات".
وتابع "بالنسبة لنا كأطباء، فنحن نعمل بثلاثة أضعاف إمكاناتنا المتوفرة، حيث زاد عدد الولادات المبكرة للسيدات الحوامل، ويعود ذلك لأسباب متعددة منها سوء التغذية، وتعرض السيدات الحوامل لصدمات من هول القصف الإسرائيلي، بالإضافة للضغط العصبي والنفسي الواقع عليهم بسبب استمرار الحرب".
وينوه الطبيب، إلى أن "الضغط الواقع على الأطباء دفعهم لوضع (3-5 أطفال) في الحضانة الواحدة، على الرغم من أن ذلك لا يعد التزاما بالبروتوكول الطبي المعمول به والذي يحدد طفلان أو ثلاثة كحد أقصى في كل حضانة، لمنحهم وقتا وراحة كافية لإكمال نموهم خصوصا في الرأس والرئتين".
واستدرك الطبيب، "في بعض فترات الحرب والتي توقفت مولدات الكهرباء عن العمل داخل المستشفيات، توقفت مضخات الأكسجين عن العمل، واضطررنا لضخ الأكسجين بشكل يدوي دون توقف، وقد نعود لمثل هذه التجربة حال لم يتم إدخال الوقود والمعدات الطبية اللازمة للمستشفيات".
تجدر الإشارة إلى أن مدير المستشفى الطبيب عماد الحوت، قال في تصريحات صحفية، أن حرم المستشفى تعرض لأكثر من 15 غارة جوية، وهو ما أدى لتدمير واسع النطاق في العديد من مرافقه الحيوية وبنيته التحتية.
وأضاف الطبيب الحوت أن القصف تسبب بخروج 8 غرف عمليات عن الخدمة، كما أدى لتصدعات شديدة في جدران المستشفى ما أثار حالة شديدة من الهلع بين المرضى والطواقم الطبية.
وتابع: تسبب القصف أيضا في تدمير كامل في البنية التحتية بما في ذلك شبكات الصرف الصحي، وتدمير عدد من سيارات الإسعاف، وتلف أنظمة الكهرباء والأكسجين، لتضطر إدارة المستشفى لإخلاء من تبقى من المرضى والجرحى وعددهم (222) مريضا وجريحا، حيث جرى نقلهم لمجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 173 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.