محللون: تنصل واشنطن من التفاهمات مع "حماس" يكشف ضعف نفوذها في إنهاء حرب غزة

اعتبر محللون سياسيون أن تنصل الولايات المتحدة من التفاهمات مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بعد إطلاق سراح الأسير الأمريكي-الإسرائيلي عيدان إليكسندر، يعكس هشاشة الالتزامات الأميركية وضعف مصداقيتها كوسيط في الحرب على غزة.
واعتبروا في حديثهم لـ"قدس برس"، أن واشنطن قدّمت الغطاء السياسي والأمني لإسرائيل طوال العدوان، دون أن تكون قادرة على فرض الحد الأدنى من التفاهمات الإنسانية، مما يثير الشكوك حول جدوى الرهان على دورها في أي تسوية قادمة.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي خالد شنيكات، إن "إسرائيل هي صاحبة القرار النهائي في تحديد موعد انتهاء الحرب، على الرغم من الجهود التي يبذلها الوسطاء، سواء من الجانب المصري أو القطري"، مضيفاً أنه "حتى الولايات المتحدة تبدو عاجزة عن التأثير في هذا القرار، في ظل التطابق الواضح بين سياسات إدارة بايدن وسلفه دونالد ترامب تجاه إسرائيل".
وأوضح شنيكات في حديث لـ"قدس برس" أن هذا التماهي بين الإدارتين يعكس واقعًا راسخًا في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، مفاده أن "الولايات المتحدة لا تفرض على إسرائيل ما لا ترغب به، وهو ما يشكل جوهر العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين".
وأشار إلى أن قرار إنهاء الحرب مرتبط بالداخل الإسرائيلي، وليس بأي ضغوط خارجية، موضحًا أن "احتمالات توقفها تزداد في حال تعرضت إسرائيل لضربة مؤلمة، أو خسائر بشرية ومادية كبيرة، أو تغيّر في المزاج الشعبي، أو تحوّلات في أولويات الحكومة، كإجراء انتخابات مبكرة أو اهتزاز موقعها السياسي".
وأضاف أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية تنطلق من خلفية أيديولوجية متشددة، وتعتبر الحرب فرصة لمعالجة ملفات داخلية عالقة، ما يجعل هذه الاعتبارات الداخلية أكثر تأثيرًا من أي موقف دولي"، مشيرًا إلى أن "الموقف الأوروبي بدوره لا يزال ضعيفًا وغير مؤثر".
وتابع شنيكات أن "المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ربما تحرك بمبادرة فردية دون ضمانات إسرائيلية واضحة، أو أنه أراد تقديمها كبادرة حسن نية"، بينما الأصل – حسب رأيه – "أن تأتي هذه الخطوة ضمن صفقة متكاملة تضمن إدخال المساعدات الإنسانية، وتُظهر أن ثمة جهودًا أميركية جادة لإنهاء الحرب".
وختم بالقول إن "الاعتقاد السائد في بعض وسائل الإعلام العربية بوجود فجوة بين واشنطن وتل أبيب لا يعكس حقيقة العلاقات بين الطرفين"، مؤكدًا أن "التنسيق بينهما عميق، وأن الخلافات – إن وُجدت – تُدار داخل الغرف المغلقة دون أن تؤثر على متانة التحالف".
من جهته، قال المحلل السياسي أحمد الحيلة، إن "إخلال دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقها مع الحركة ولا تلتزم بإدخالها المساعدات إلى غزة مقابل إطلاق سراح الأسير الأمريكي - الإسرائيلي عيدان إليكسندر، فهذا إشارة إلى أن العالم لا يحترم إلا القوّة".
وأضاف الحيلة في تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أن "التعامل بسياسة نزع الذرائع مع المحتلّين والفاشيين مجرد استهلاك سياسي خادع".
وأعربت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن استيائها من تنصل واشنطن من التفاهمات التي أعقبت الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر، والتي تمحورت حول بدء دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدة أن أي مفاوضات مستقبلية للإفراج عن مزيد من الأسرى ستكون صعبة التحقيق في ظل هذا التنصل.
وشددت الحركة، في بيان صدر، الخميس، على أن قرار الإفراج عن الأسير "جاء في إطار التخفيف عن شعبنا من خلال وقف العدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية"، موضحة أن هذه المبادرة سبقت زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة.
وأضافت "حماس": "نتوقّع، حسب التفاهمات التي جرت مع الطرف الأمريكي وبعلم الوسطاء، أن يبدأ دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل فوري، إلى جانب الدعوة لوقف إطلاق نار دائم، وإجراء مفاوضات شاملة حول مختلف القضايا بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما نتطلّع إلى تحقيقه".
إلا أن البيان استدرك بالقول: "غير أن عدم تنفيذ هذه الخطوات، وعلى وجه الخصوص عدم إدخال المساعدات الإنسانية لشعبنا، يلقي بظلال سلبية على أي جهود لاستكمال المفاوضات بشأن عملية تبادل الأسرى".
وكانت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، قد أفرجت يوم 12 أيار/مايو الجاري عن الجندي الإسرائيلي - الأمريكي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر، وذلك عقب اتصالات مع الإدارة الأمريكية.
وأشار بيان صادر عن "حماس" آنذاك إلى أن هذا الإفراج جاء "في إطار الجهود التي يبذلها الوسطاء لوقف إطلاق النار، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات والإغاثة لأهلنا وشعبنا في قطاع غزة".
وأكد البيان أن "هذه الخطوة جاءت بعد اتصالات مهمة أبدت فيها حركة حماس إيجابية ومرونة عالية".
واختتمت الحركة بيانها بالتأكيد على أن "المفاوضات الجادة والمسؤولة تُفضي إلى نتائج في ملف الإفراج عن الأسرى، أما استمرار العدوان، فإنه يطيل من معاناتهم وقد يودي بحياتهم".