البرازيل.. شارع "باوليستا" يهتف لفلسطين في ذكرى "النكبة"

تواصلت في مختلف أنحاء البرازيل، على مدار يومي السبت والأحد، فعاليات ومسيرات شعبية حاشدة، إحياءً للذكرى السابعة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، التي توافق 15 أيار/مايو من كل عام، وتنديدًا بالإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة، وتضامنًا مع حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
وشهد شارع "باوليستا" الرئيسي، وسط مدينة ساو باولو، العاصمة الاقتصادية للبرازيل، الفعالية المركزية التي نظّمتها الجاليات الفلسطينية والمتضامنون البرازيليون، بمشاركة مؤسسات داعمة للقضية الفلسطينية.
بدورها، قالت رواء الصغير، منسقة "شبكة صامدون في البرازيل"، إنهم تجمعوا في أكبر شارع بأمريكا اللاتينية لإحياء ذكرى النكبة المستمرة منذ 77 عامًا، ولتذكير العالم بأن معاناة الشعب الفلسطيني لم تتوقف، بل تتجدد يومًا بعد يوم من خلال سياسات الاحتلال والإبادة والاعتقال الجماعي.
وأضافت، في تصريحاتها لـ"قدس برس"، أنهم استيقظوا اليوم على تحرك نوعي نفّذه فلسطينيون برازيليون باختراقهم 30 موقعًا رسميًا في ولاية ميناس جيرايس، احتجاجًا على حرب الإبادة في غزة.
وخلال المسيرة، ألقت سيلفيا فيرّارو، عضوة المجلس البلدي في "ساو باولو" عن كتلة "النسوية في ساو باولو"، كلمة قالت فيها: "لا يوجد أيّ سلاح حربي أشد فتكًا من السلاح الذي تستخدمه "إسرائيل" اليوم ضد الشعب الفلسطيني: سلاح الجوع. "إسرائيل" تقتل الأطفال الفلسطينيين جوعًا. ولا يوجد ألم في هذا العالم أعظم من ألم أمّ ترى طفلها ينام جائعًا، ولا يستيقظ لأنه مات".
وأضافت، في حديثها أثناء المسيرة، أن لا شيء أقسى من مشاهدة الأطفال الفلسطينيين يعانون من سوء تغذية حاد، مؤكدة أن العالم يشهد اليوم واحدة من أبشع المجازر في التاريخ، يرتكبها الكيان الإسرائيلي. وأشارت إلى أن الأمر لا يتعلق بالدين، بل بالطمع الإمبريالي الذي يسعى إلى ابتلاع قطاع غزة وكل ثروات الأراضي الفلسطينية.
وتابعت: "إسرائيل تقوم بذلك بدعم من الولايات المتحدة، وبتأييد من ترمب. لكن الشعب الفلسطيني مقاوم، ولهذا تخرج اليوم في مدن كثيرة حول العالم مظاهرات تضامن. علينا أن نُضاعف ونُثلّث أصواتنا لفضح ما يحدث، وأن تصل أصواتنا إلى عدد أكبر من الناس."
وأوضحت أنها انتُخبت قبل أسبوعين لعضوية اللجنة الدولية في المجلس البلدي، حيث صوّتت ضد رئاسة اللجنة ونائبها، لأنهما يدافعان عن "إسرائيل". وأضافت: "سأجعل من وجودي في هذه اللجنة منبرًا لأكون صوت الشعب الفلسطيني، وصوت من يفضح الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال."
من جهته، قال محمد القادري، رئيس "المنتدى اللاتيني الفلسطيني"، إن النكبة لم تنتهِ بعد، بل تتجلى اليوم في أكبر المجازر التي تشهدها البشرية في غزة.
وأوضح في حديثه لـ"قدس برس"، أن دعم مقاومة الشعب الفلسطيني أصبح ضرورة، داعيًا الحكومة البرازيلية إلى اتخاذ موقف حاسم بقطع العلاقات التجارية والثقافية والتعليمية مع "إسرائيل".
أما المحامية البرازيلية أريادن، المتطوعة في "أسطول الحرية"، فأكدت أنها كانت على متن القارب الذي هاجمته "إسرائيل" بطائرات مسيّرة في المياه الإقليمية لمالطا، أثناء محاولة إيصال مساعدات إنسانية لغزة.
وأشارت في حديث لـ"قدس برس" إلى أنها تشارك اليوم في مسيرة باوليستا تضامنًا مع غزة، ورفضًا للإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني.
وسرد سيزر، وهو محامٍ وأحد المشاركين في المسيرة، تجربته الشخصية، قائلًا إنه كان متعاطفًا مع الرواية الإسرائيلية بسبب أصدقائه، لكنه بدأ يبحث بعد أحداث أكتوبر 2023، وقرأ القرآن، فاكتشف كم كان مضلّلًا.
وقال لـ"قدس برس" إن ما يعانيه الفلسطينيون اليوم يُشبه إلى حد كبير ما تعرّض له اليهود قبل أقل من قرن، والمفارقة المؤلمة أن من يرتكب هذه الجرائم اليوم هي "إسرائيل نفسها". مؤكدا أن التضامن مع الشعب الفلسطيني بات، بالنسبة له، موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا لا يمكن التراجع عنه.
فيما قالت دانييلا روسو لـ"قدس برس" إن الحصار يجب أن يتوقف، والاحتلال يجب أن ينتهي، وأن الأطفال بحاجة إلى الماء والغذاء، وأن الحياة يجب أن تزدهر من جديد.
وقال الناشط البرازيلي فابيو بوسكو، مؤسس حملة المقاطعة "BDS" في البرازيل، إنهم حضروا إلى ساو باولو لتوجيه رسالة تضامن إلى الشعب الفلسطيني، ومطالبة القوى الدولية الكبرى — الولايات المتحدة، القوى الأوروبية، روسيا، والصين — بإجبار "إسرائيل" على وقف الإبادة الجماعية التي تُرتكب حاليًا في غزة والضفة الغربية، إضافة إلى الهجمات على جنوب لبنان وجنوب سوريا.
وأوضح في تصريحه لـ"قدس برس" أن ما يحدث يستدعي تحركًا دوليًا فوريًا.
في السياق نفسه، جدّد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إدانته لما يجري في غزة، قائلًا: "أريد من ترمب أن يكون له دور في إنهاء الإبادة الجماعية في غزة. الإبادة الجماعية، أكرر: الإبادة الجماعية، التي لا يوجد لها توصيف آخر."
وأضاف خلال مؤتمر صحفي بالتزامن مع زيارة ترامب للشرق الأوسط الأسبوع الماضي، بأنه "يجب أن تأخذ الأمم المتحدة دورها، وأن على ترمب أن يدعم هذا التوجه. أما إذا كان ما زال يتطلع لإنشاء مشروع عقاري، فهذا ليس صحيحًا، لأن هذه أرض يعيش فيها شعبها ويجب احترامهم، كما أتمنى لنفسي الاحترام."
وكان رئيس بلدية ساو باولو، ريكاردو تيكسيرا، قد ألغى في 14 أيار/مايو فعالية رمزية كانت مقررة لإحياء ذكرى النكبة داخل مقر البلدية، ما أثار موجة استنكار بين أبناء الجالية الفلسطينية ونشطاء برازيليين، واعتبرته مؤسسات تضامنية رضوخًا لضغوط "جماعات صهيونية" محلية.