الحراك الأوروبي تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة.. الدلالات والأسباب

تشهد الساحة السياسية الأوروبية تحوّلات ملحوظة في المواقف تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في ظل تصاعد الضغط الشعبي على الحكومات لاتخاذ خطوات واضحة للضغط على الاحتلال لوقف العدوان، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وقد برزت هذه التحوّلات من خلال عدد من الخطوات اللافتة، أبرزها قرار الاتحاد الأوروبي بمراجعة اتفاقية الشراكة مع "إسرائيل"، بسبب ما وصفه بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة. جاء هذا القرار عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في العاصمة البلجيكية "بروكسل".
وفي السياق ذاته، أعلنت بريطانيا تعليق محادثات التجارة الحرة مع "إسرائيل"، وفرض عقوبات جديدة على مستوطنين في الضفة الغربية. كما صادق البرلمان الإسباني، أمس الثلاثاء، على توصية تدعو إلى حظر بيع الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي، وتطالب بمنع توقيع أو استمرار أي عقود عسكرية مع دول متورطة في الإبادة الجماعية.
وترافقت هذه الخطوات مع تصعيد في لهجة عدد من الحكومات الأوروبية تجاه جرائم الاحتلال، ملوّحة باتخاذ خطوات عملية للضغط على "إسرائيل" لوقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني.
أسباب وعوامل تغيّر الموقف الأوروبي
يرى رئيس "المجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية"، ماجد الزير، أنّ "أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تغيّر الموقف الأوروبي هو الحراك الشعبي المتصاعد، والمستمر والمتنوع، حيث بلغ عدد الفعاليات والتظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني -عدا بريطانيا- نحو 620 مدينة، و35 ألف مظاهرة وفعالية، في 20 دولة أوروبية، ما شكّل ضغطاً كبيراً على الحكومات الغربية".
وأضاف الزير، في حديثه لـ"قدس برس"، أن من بين أسباب هذا التغيّر أيضاً "الإجراءات القانونية الدولية الصادرة عن محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات، التي تجرّم أي طرف ثالث يدعم الاحتلال الإسرائيلي". كما أشار إلى أن أوروبا باتت تشعر بأنها فقدت تأثيرها في الساحة الفلسطينية، نتيجة تراجع خيار "حل الدولتين" الذي تتبناه منذ سنوات.
دور الحراك الشعبي في أوروبا
من جانبه، قال القائم بأعمال رئيس "المنتدى الفلسطيني" في بريطانيا، عدنان حميدان، إن "الحراك الشعبي هو الوقود الحقيقي لهذا التغيير، إذ شكّل ضغطاً جماهيرياً وإعلامياً وسياسياً على صنّاع القرار في أوروبا، ونجح في تحويل القضية الفلسطينية من ملف سياسي إلى قضية إنسانية تمسّ الضمير العام الأوروبي"، على حد تعبيره.
وأضاف حميدان أن "التظاهرات الكبرى، والحملات الطلابية، والبيانات الصادرة عن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، ساهمت بشكل كبير في خلق حالة وعي جديدة تحرج الحكومات الغربية وتمنعها من الاستمرار في الصمت أو التواطؤ كما كان الحال سابقاً".
تأثير الخطوات الأوروبية تجاه العدو الإسرائيلي
وحول مدى تأثير الخطوات الأوروبية، يرى حميدان أن "هذه التغيّرات، رغم أهميتها، ما تزال جزئية ومحدودة الأثر حتى اللحظة"، مضيفاً: "شهدنا إدانات لفظية، واستدعاء سفراء، وتعليق بعض الاتفاقيات التجارية، لكن على أرض الواقع، ما زالت الإبادة قائمة، وما زالت بعض الدول الأوروبية تزوّد الاحتلال بالأسلحة رغم كل ما يحدث، لذلك فإن الحراك الشعبي سيستمر حتى تحقيق الهدف الأسمى، وهو وقف الإبادة بشكل كامل".