لبنان.. أنشطة ثقافية في المخيمات الفلسطينية تؤكد على التمسّك بحق العودة

في كل عام، تُعيد النكبة الفلسطينية إنتاج حضورها في ذاكرة اللاجئين، لا كذكرى فقط، بل كواقع مستمرّ من الشتات والاقتلاع والحرمان.
ومع حلول الذكرى الـ77 لتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم عام 1948، تبرز المبادرات الشبابية والثقافية كأداة مقاومة معرفية، تسعى إلى صون الذاكرة الجماعية، وترسيخ مفاهيم الهوية والانتماء، خاصة في أوساط الجيل الجديد الذي وُلد في الشتات، بعيدًا عن أرض الأجداد، لكنه ما زال يحملها في وجدانه.
وتكتسب المخيمات الفلسطينية في لبنان خصوصية رمزية وسياسية، بوصفها شاهدًا حيًا على النكبة المستمرة، ومساحات مقاومة ثقافية واجتماعية في وجه مشاريع التوطين والنسيان.
ففي مخيم "عين الحلوة" بمدينة صيدا، جنوبي لبنان، نظّم اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني "أشد" (يساري مقره بيروت) نشاطًا ثقافيًا هادفًا استهدف فئة الشباب، تحت عنوان "القرى والمدن الفلسطينية المهجّرة عام 1948".
وشارك في الفعالية عدد من الطلاب الفلسطينيين، حيث تضمّنت عرضًا تفاعليًا وخرائط توضيحية تناولت تاريخ القرى والمدن المهجّرة، وعادات أهلها، ومعالمها، بالإضافة إلى جلسات نقاش وسرد شفوي تطرّقت إلى عمليات التهجير والتطهير العرقي التي تعرض لها السكان الأصليون.
وأكد القائمون على النشاط أن "الهدف منه هو تعزيز الوعي بالهوية الوطنية الفلسطينية، وربط الأجيال الجديدة بجذورهم وأرضهم، في مواجهة مشاريع التهجير والنسيان، وذلك ضمن سلسلة برامج ثقافية وتوعوية ينفذها الاتحاد بالتزامن مع ذكرى النكبة، تأكيدًا على التمسك بحق العودة ورفض كل أشكال التوطين أو التخلي عن الأرض".
وفي السياق ذاته، أحيا قطاع الشباب والطلاب لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" (أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) في مخيم البرج الشمالي، جنوب لبنان، يومًا تراثيًا فلسطينيًا حضره ممثلون عن الأطر الطلابية والشبابية، والفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، واللجان الشعبية، وعدد من الأهالي.
تخلّل اليوم التراثي عرض فيلم وطني عن النكبة، وتقديم لوحات فنية فلكلورية، ومعرض صور للقرى والمدن الفلسطينية، بالإضافة إلى زوايا ثقافية ومطرزات ومنتوجات تراثية، عكست غنى التراث الفلسطيني وأصالته.
وافتُتحت الفعالية بكلمة لهديل دحويش، عضو قيادة "أشد" في البرج الشمالي، رحّبت فيها بالحضور، وأكّدت على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية ونقلها إلى الأجيال الجديدة، خصوصًا في ظل محاولات طمس الهوية وسرقة التاريخ.
كما ألقت الناشطة لمى سليمان كلمة تناولت فيها معاني النكبة ودورها في تشكيل الوعي الجمعي الفلسطيني، مؤكدة أن "النكبة لم تنتهِ ما دام الاحتلال قائمًا"، داعية الشباب إلى "أن يكونوا صوت فلسطين في وجه التهويد".
وألقى عضو قيادة "أشد"، عادل فؤاد، كلمة باسم قطاع الشباب والطلاب للجبهة الديمقراطية، حيّا فيها شهداء الشعب الفلسطيني، وتناول تداعيات النكبة، معتبرًا أن "العدوان الصهيوني المستمر يستدعي توحيد جهود الأحرار في العالم لفضح جرائم الاحتلال، والعمل على مقاطعته، ووقف كل أشكال الدعم له".
وشدد على "تمسك الشباب الفلسطيني بحق العودة، ورفض مشاريع التصفية والتوطين، مؤكدًا أن "النضال الوطني والشعبي سيستمر حتى التحرير والعودة والدولة المستقلة وعاصمتها القدس".
واختُتم اليوم التراثي بجولة للحضور في المعرض الوطني بكافة زواياه، تأكيدًا على أن فلسطين ليست فقط قضية سياسية، بل حضارة وهوية وثقافة لا تسقط بالتقادم.