قوات "شرق ليبيا" توقف "قافلة الصمود" في سرت وسط دعوات لتسهيل عبورها

أوقفت قوات تابعة للسلطات الأمنية في شرق ليبيا، فجر اليوم الجمعة، قافلة "الصمود" التضامنية، التي تهدف إلى الوصول إلى معبر رفح على الحدود المصرية مع قطاع غزة، في إطار مساعٍ لكسر الحصار المفروض على القطاع.
وتم توقيف القافلة عند المدخل الغربي لمدينة "سرت" شرق ليبيا، في خطوة وصفتها "تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين" – الجهة المنظمة للقافلة – بأنها مفاجئة، مؤكدة أن المشاركين قرروا التخييم على جانب الطريق في انتظار السماح لهم بمواصلة السير.
وقالت التنسيقية، في بيان رسمي اليوم الجمعة: "إن المسؤولين الأمنيين برّروا توقيف القافلة بضرورة انتظار تعليمات من بنغازي للموافقة على المرور"، داعية سلطات شرق ليبيا إلى "تجسيد موقفها المرحب بالمبادرة كما ورد في بيان وزارة الخارجية الليبية عشية أمس".
وأكدت القافلة أن "الشعب الليبي لا يفرّق بين شرق وغرب في احتضانه لمبادرات دعم غزة"، مشددة على أن رسالتها الوحيدة "إنسانية بامتياز، وتهدف إلى المساهمة الشعبية في فك الحصار والتجويع والإبادة عن أهل غزة".
وأفاد الفريق الإعلامي بأن "جميع المشاركين في القافلة بخير، ومعنوياتهم مرتفعة، وهم ملتفون حول قيادة القافلة ومصممون على البقاء في أماكنهم حتى السماح لهم بالمرور"، لافتًا إلى "تدهور الظروف الميدانية في المخيم"، حيث تنعدم دورات المياه والخيام الكبيرة والمواقد، إلى جانب استمرار انقطاع شبكات الاتصال والانترنت، والذي بدا "متعمدًا" وفق القافلة.
من جهتها، قالت جواهر شنة، المتحدثة باسم القافلة: "نحن بخير، تم قطع كافة أنواع التغطية على المنطقة لمسافة كبيرة. معنويات كل المجموعة عالية جدًا، ومرابطون في أماكننا حتى يُسمح لنا بالعبور… نريد الذهاب إلى غزة. تحدثوا عنا، نحتاج إلى دعمكم."
ودعا الناطق الرسمي باسم القافلة، وائل نوار، سكان مدينة سرت والمناطق المجاورة إلى مدّ القافلة بالماء والخيام والمستلزمات الصحية، قائلاً: "نحن في منطقة صحراوية نائية، لا توجد فيها وحدات صرف صحي أو دورات مياه، ونأمل توفير خيمة أو وحدة متنقلة خاصة للنساء وكبار السن، في ظل درجات حرارة مرتفعة وصعوبات كبيرة".
وفي الوقت الذي تطالب فيه القافلة بتيسير مرورها، أقدمت السلطات المصرية في الأيام الأخيرة الماضية على ترحيل عدد كبير من الأطباء والنشطاء القادمين من السويد والدنمارك فور وصولهم إلى مطار القاهرة، بينما تم احتجاز المئات من النشطاء الأجانب من جنسيات متعددة في المطار أو في أماكن إقامتهم، على خلفية مشاركتهم في ما بات يُعرف بـ"قافلة الصمود" نحو غزة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن قوات الأمن المصرية اقتحمت عددًا من الفنادق بوسط القاهرة، واحتجزت عشرات من التونسيين والفرنسيين والجزائريين المشاركين في القافلة، فيما انقطع الاتصال بالعديد منهم بعد توقيفهم.
وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان: "لا يُسمح لأي وفد أو قافلة بعبور الأراضي المصرية نحو رفح، إلا عبر التنسيق المسبق مع الجهات الرسمية، ووفق الإجراءات الأمنية المعمول بها في المناطق الحدودية الحساسة".
ويأتي هذا التصعيد بعد يوم من تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي قال إنه "يتوقّع من السلطات المصرية منع وصول قافلة الصمود إلى حدود غزة، وألا تسمح لها بتنفيذ أي استفزازات".
من جهتها، أعربت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، عن أملها في ألا "تأخذ السلطات المصرية أوامرها من مرتكبي الجرائم"، في إشارة إلى الحكومة الإسرائيلية، داعية القاهرة إلى تسهيل المرور السريع للمشاركين في القافلة الذين "تركوا كل شيء خلفهم تضامنًا مع غزة".
وانطلقت القافلة يوم الاثنين الماضي من تونس، وعبرت إلى ليبيا عبر معبر "رأس جدير" صباح الثلاثاء، بمشاركة مئات النشطاء والحقوقيين من دول المغرب العربي، ضمن جهود "تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين"، التي أشرفت على الترتيبات اللوجستية بمشاركة من المجتمع المدني، ونقابات، وأحزاب، وكوادر طبية.
وأكد رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان، وجيه ذكار، أن عشرات الأطباء التحقوا بالقافلة، حاملين معدات طبية وسيارة إسعاف مخصصة لدخول قطاع غزة في حال تم السماح بذلك.
وتُعد هذه المبادرة جزءًا من تحرّك تضامني عالمي يشارك فيه آلاف الناشطين من 32 دولة، في محاولة للضغط على إسرائيل لإنهاء حصارها على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، الذين يواجهون خطر المجاعة، بحسب منظمي الحملة.
وتواصل "إسرائيل" منذ 2 آذار/مارس الماضي إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ما أدى إلى منع دخول أي مساعدات إنسانية، متسببة في مجاعة واسعة، رغم تكدّس مئات الشاحنات على الحدود.
وترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 183 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.