هل تنجح القوافل الشعبية في كسر الحصار عن غزة؟

في وقت تتصاعد فيه المأساة الإنسانية في قطاع غزة تحت الحصار والعدوان، تشكّل "المسيرة العالمية إلى غزة" و"قافلة الصمود" بارقة أمل ومدًا شعبيًا عابرًا للحدود، يعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي.
ويرى نشطاء أن هذه التحركات الشعبية تمثل كسرًا لجدار الصمت، ورسالة أخلاقية وسياسية تتحدى محاولات تطبيع الاحتلال وشرعنة جرائمه، مؤكدين أن غزة لم تُترك وحدها.
وفي هذا السياق، قال رئيس "رابطة شباب لأجل القدس العالمية" (فريق تطوعي)، طارق الشايع، إن "المسيرة نحو غزة تعبّر عن لحظة صحوة ضمير في وجه صمتٍ دوليٍ مخزٍ، بات شريكًا صريحًا في الجريمة."
وأكد الشايع في حديث لـ"قدس برس"، أن "هذه القافلة تتجاوز الرمزية، فهي فعل أخلاقي وشجاع يعيد تسليط الضوء على واحدة من أكثر القضايا عدالة في العالم، وعلى شعب يُقتل ويُحاصر على مرأى ومسمع من العالم".
وأضاف: "أتابع هذا الحراك الشعبي بكل تقدير، فهو يعكس إصرارًا على كسر الحصار، ويؤكد أن العدالة لم تمت، وأن الاحتلال لا يمكن أن يُغسَل عبر الزمن أو يُشرعن بالصمت."
واعتبر الناشط الكويتي أن "هذه المسيرة تضع الأنظمة المتخاذلة أمام مرآة الحقيقة، وتكشف زيف المعايير الدولية، كما تبعث برسالة أمل لأهل غزة مفادها: أنتم لستم وحدكم في مواجهة الإبادة والعقاب الجماعي".
اختبار الإرادة المصرية
من جانبه، أكد الباحث الفلسطيني علي أبو رزق أن نجاح قافلة الصمود في تحقيق أهدافها مرهون بموقف الحكومة المصرية.
وأوضح أبو رزق في تغريدة على منصة "إكس"، أن "جوهر رسالة القافلة هو دعم الفلسطينيين للبقاء في أرضهم، ورفض مخطط التهجير، وهو ما ينسجم مع الموقف المصري المُعلن."
لكنه أشار إلى "مخاوف مصرية من أن تشكل القافلة حافزًا لتحريك الشارع، وهو ما يفسر مقترحًا بترحيل القافلة مباشرة نحو العريش دون دخول الأراضي المصرية، وهو النهج ذاته الذي يُفرض على الغزيين منذ أكثر من 15 عامًا".
ودعا أبو رزق "السلطات المصرية، إن كانت تخشى تأثير القافلة على اتفاقية كامب ديفيد، إلى تأمين الحدود بفعالية"، مشيرًا إلى "إمكانية تحقق أهداف القافلة من خلال اعتصام دوري سلمي عند المعبر".
وأضاف أن "الزخم الشعبي والإعلامي المترتب على تواجد آلاف النشطاء من عشرات الجنسيات عند الحدود، قد يشكل ورقة ضغط مهمة على الداعمين الدوليين للعدوان، إذا ما صدقت النوايا".
ولفت إلى أن "وجود مئات الصحفيين والمراسلين الدوليين في موقع الاعتصام، يمثل فرصة ذهبية لنقل صوت الشعوب العربية الغاضبة إلى العالم، في ظل المنع المستمر لدخول الإعلام إلى غزة".
وختم أبو رزق بالقول: "منع هذه القافلة العربية، التي تمثل بارقة أمل لمليوني فلسطيني جائع ومحاصر، هو بمثابة رفض لنصرة الشعب الفلسطيني، وسماح ضمني بتصفيته، عبر إغلاق أبواب التضامن الشعبي والسلمي."
ورحّلت السلطات المصرية عشرات النشطاء الأجانب الذين وصلوا إلى البلاد للمشاركة في "المسيرة العالمية إلى غزة"، فيما يواجه آخرون المصير ذاته، بحسب ما أكده منظموا المسيرة.
وكان مئات المشاركين من نحو 80 دولة قد وصلوا إلى مصر هذا الأسبوع للانضمام إلى المسيرة، وهي فعالية دولية تهدف إلى الضغط لرفع الحصار "الإسرائيلي" المفروض على قطاع غزة وتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة فيه.
وأفاد المنظمون بأن "السلطات المصرية منعت بعض المشاركين من الدخول، بينما احتجزت آخرين في مطار القاهرة وفنادق بالعاصمة"، مشيرين إلى أن "من بين المحتجزين مواطنين من الولايات المتحدة وأستراليا وهولندا وفرنسا وإسبانيا والمغرب والجزائر".
وتأتي هذه التحركات في ظل تفاقم غير مسبوق للأزمة الإنسانية في غزة، خاصة منذ أن أغلقت قوات الاحتلال جميع المعابر في 2 آذار/مارس الماضي، وسط استمرار حربها المدمرة على القطاع منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقد أدى هذا العدوان المستمر من قبل قوات الاحتلال وبدعم أمريكي مطلق، إلى استشهاد وإصابة أكثر من 182 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، وتهجير مئات الآلاف، وسط دمار واسع ونقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى.