الناشط البرازيلي تياغو أفيلا يعود إلى بلاده بعد ترحيله من "إسرائيل": حريتنا لن تكتمل إلا بتحرير فلسطين

عاد الناشط البرازيلي وعضو "أسطول الحرية"، تياغو أفيلا، إلى بلاده، اليوم الجمعة، حيث حظي باستقبال شعبي ورسمي حافل في مطار "غواروليوس" بمدينة ساو باولو، عقب ترحيله من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إثر مشاركته في سفينة "مادلين" ضمن جهود دولية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

وتقدّمت المستقبلين النائبة في برلمان ولاية ساو باولو، مونيكا سيشاس، التي رافقت أفيلا خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد في المطار. كما كان في استقباله زوجته وطفله الرضيع، في مشهد إنساني مؤثر، وسط الهتافات والتصفيق.

وأكدت سيشاس، أن مشاركة أفيلا في "أسطول الحرية" تعبّر عن "الوجه الحقيقي للشعب البرازيلي الداعم لنضال الفلسطينيين ضد الحصار والتجويع".

وقالت في تصريحات خاصة لـ"قدس برس"، "أنا فخورة بتياغو، الذي يمثل صوت البرازيل في مواجهة استخدام الجوع كسلاح حرب. وبينما نتحدث هنا، يُقتل الأطفال الفلسطينيون إما جوعًا أو برصاص الاحتلال أو بتسلية المستوطنين." وأضافت: "أسطول الحرية هو امتداد لآلاف الجهود الشعبية الساعية لكسر الحصار غير القانوني على غزة."

تياغو يروي تفاصيل احتجازه: "اعترضونا في المياه الدولية وسرقوا المساعدات"

من جهته، كشف أفيلا أن قوات الاحتلال اعترضت سفينتهم في المياه الدولية على بعد أكثر من 100 ميل بحري من الساحل، مشيرًا إلى أن الهجوم جاء بعد تشويشٍ استمر ساعات على نظامي الملاحة والاتصال، قبل إرسال زوارق حربية وطائرات مُسيّرة.

وأوضح أفيلا: "لم نكن نعلم إن كانت الدرونز التي تُحلّق فوقنا من النوع القاتل المستخدم في غزة، لكنها كانت ترصدنا بكثافة." وأضاف: "اقتحم الجنود السفينة، صادروا المساعدات الإنسانية المخصصة لأطفال غزة، واحتجزونا ساعات طويلة. لم نكن نحاول دخول (إسرائيل)، بل كنا متجهين إلى غزة وتم اختطافنا قسرًا."

الاحتلال يهين الرموز: "قلادة فلسطين لا تُحتمل لديهم"

وسرد أفيلا واقعة رمزية أثارت غضب جنود الاحتلال، حيث كان يرتدي قلادة تحمل خارطة فلسطين التاريخية، أهديت له في إيطاليا قبيل انطلاق الرحلة.

وقال أفيلا: "حين رأوا القلادة، قالوا: إنه يرتدي قلادة لـ(إسرائيل)! أجبت: لا، إنها لفلسطين. فقالوا بازدراء: فلسطين لا وجود لها... مرحبًا بك في إسرائيل!" وأضاف: "كان ذلك مؤشرًا مبكرًا إلى أن مجرد ذكر فلسطين يُعتبر تهديدًا لهم. حتى قلادة صغيرة أثارت جنونهم."

الحبس الانفرادي والإهانة: "قالوا لي: مرحبًا بك في إسرائيل!"

كما تحدّث أفيلا عن احتجازه في زنزانة انفرادية بعد رفضه التوقيع على وثائق تدّعي أنه دخل "إسرائيل" طوعًا، مؤكدًا تعرّضه للضرب والإهانة.

وأوضح أفيلا: "دفعني الجنود إلى الحائط وقالوا بوقاحة: مرحبًا بك في (إسرائيل) يا تياغو. كرّروا ذلك في كل لحظة عنف، وكأنها رسالة إذلال."

وأضاف أنه رفض تناول الطعام أو الشراب داخل المعتقل تضامنًا مع الأسرى الفلسطينيين:
"لا يمكنني أن أقبل طعامهم بينما يُحرم الفلسطينيون في سجونهم من أبسط حقوقهم."

وقال إنه قضى يومين في الحبس الانفرادي، مضيفًا: "كانت التجربة قاسية، لكنها لا تُقارن بما يعانيه الأسرى الفلسطينيون يوميًا، فقط لأنهم وُلدوا فلسطينيين."

إهانة العلم البرازيلي وموقف الحكومة: "أين الرد؟"

وفي حديثه عن موقف الحكومة البرازيلية، قال أفيلا بأسف: "حتى الآن، لا أعلم ما إذا كان هناك أي رد رسمي على الاعتداء الذي تعرّضت له المهمة الإنسانية السلمية. آمل أن يكون هناك موقف واضح."

وأضاف موضحًا: "هذا العلم البرازيلي الذي كنت أحمله خلال الهجوم، لا يزال يحمل بقايا شظايا السلاح الإسرائيلي. لقد داسوا العلم بأقدامهم، بلا أي تردد، تمامًا كما يدوسون على السيادة الوطنية عندما يتدخلون في شؤوننا."

السفير الإسرائيلي وبولسونارو: "يجب طرده فورًا"

وانتقد أفيلا بشدة السفير الإسرائيلي في البرازيل، قائلًا إنه "كان يجب أن يُطرد منذ زمن بعيد، فهو لا يمثل دبلوماسية بل يتعاون مع جايير بولسونارو (الرئيس السابق) لإسقاط الحكومة الحالية."

وأضاف: "يحاول ترهيب النشطاء، وإسكات المنظمات، ويتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية. إذا لم يكن ذلك مبررًا لطرده، فما هو؟ يجب على البرازيل أيضًا قطع علاقاتها مع نظام فصل عنصري يُمارس الإبادة."

لا نريد أن نكون متواطئين

ودعا أفيلا البرازيل إلى اتخاذ موقف حازم، مؤكدًا أن لحظات الأزمات تفرز مواقف القادة.
وقال: "لا نريد أن نكون بلدًا يصدر النفط لتلك الآلة الإجرامية، أو يُدرّب شرطتهم، أو يشتري بنادق اختُبرت على أجساد الفلسطينيين."

وشدّد أفيلا: "عندما تُروى هذه القصة للعالم، كيف ساعد الشعب الفلسطيني في تحرير الإنسانية، أتمنى أن يُقال إن البرازيل كانت في طليعة الداعمين، لا في خانة من انتظروا، أو خافوا، أو ترددوا في لحظة مصيرية."

وأضاف: أنا متأكد أن في قلب كل إنسان في البرازيل وعيًا بأن قتل الأطفال جوعًا وقصف المدارس والمستشفيات والملاجئ، هو جريمة لا يمكن تبريرها."

 

نداء للإعلام: "أخبِروا الحقيقة"

وفي رسالة مباشرة إلى وسائل الإعلام، قال أفيلا: "وسائل الإعلام الكبرى هنا في البرازيل ترسم رواية مختلفة تمامًا عن الحقيقة. الإبادة المستمرة منذ ثمانية عقود لم تكن لتحدث دون تواطؤ من الحكومات، والدبلوماسية، والاقتصاد، والتجارة، وكذلك الإعلام."

وتابع: "أكثر من 200 من زملائكم الصحفيين قُتلوا في غزة، وأقل ما يمكن أن نفعله هو أن نُكرّمهم بقول الحقيقة."

وأشار أفيلا إلى أن ضغط المصالح الاقتصادية موجود، لكن ذلك لا يبرر الصمت: "نحن نعلم أن في قلب كل صحفي رغبة في قول الحقيقة، لكن الهياكل لا تتيح دائمًا ذلك. ومن هنا تأتي مسؤوليتنا جميعًا في ضمان أن الإعلام، من الآن فصاعدًا، لا ينقل إلا الحقيقة."

هتافات في المطار: "من النهر إلى البحر... فلسطين حرة"

واختُتم المؤتمر وسط هتافات مؤثرة من الحضور، أبرزها: من النهر إلى البحر... فلسطين حرة"، و"إسرائيل دولة إبادة" كما ردد العشرات شعارات تضامنية مع غزة والمقاومة، مطالبين برفع الحصار، وقطع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وكان الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قد صرّح في 5 حزيران/يونيو الجاري، خلال مؤتمر صحفي عقده في قصر الإليزيه بباريس، أن "ما يحدث في غزة ليس حربًا، بل إبادة جماعية يرتكبها جيش مجهز ضد النساء والأطفال"، مؤكداً أن العالم لم يعد يستطيع التزام الصمت، ومشدداً على أن "الاعتراف بدولة فلسطين هو واجب أخلاقي وضرورة سياسية". ودعا لولا إلى رفع الصوت الدولي لوقف الجرائم الإسرائيلية، وانتقد ازدواجية المعايير في التضامن مع الضحايا، قائلاً: "لا يمكن معاملة الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، فهم يريدون الحياة والحرية مثلنا".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"القسام" و"سرايا القدس" تستهدفان بشكل مشترك 3 دبابات "ميركافا" شرقي مدينة غزة
يوليو 20, 2025
أعلنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" أنها استهدفت بالاشتراك مع "سرايا القدس" (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) ثلاث دبابات ميركافا شرقي مدينة غزة. وقالت "القسام" في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الأحد، "بعد عودتهم من خطوط القتال.. أكد مجاهدو القسام بالاشتراك مع مجاهدي سرايا القدس استهداف 3 دبابات صهيونية من نوع
جرافات المستوطنين تدمر موقعا أثريًا على جبل "قرقفة" جنوب نابلس
يوليو 20, 2025
في تصعيد خطير يضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية التي تحمي التراث الإنساني، شرعت جرافات تابعة للمستوطنين، صباح اليوم، بأعمال تجريف واسعة في البؤرة الاستيطانية المقامة جنوب بلدة عقربا جنوب شرق نابلس، مستهدفة الموقع الأثري التاريخي القائم على قمة جبل قرقفة.   وأكدت منظمة "البيدر للدفاع عن حقوق البدو" أن أعمال التجريف تتم تحت حماية
الصحة في غزة: 130 شهيدا و 495 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
يوليو 20, 2025
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 130 شهيدًا و 495 إصابة خلال (الـ 24 ساعة الماضية). وقالت الوزارة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الأحد، "لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة". وأكدت ارتفاع حصيلة العدوان
"الإعلامي الحكومي": غزة تتجه نحو كارثة إنسانية مع تواصل الإبادة بالقتل والتجويع الجماعي
يوليو 20, 2025
أعلن "المكتب الإعلامي الحكومي"، أن غزة تتجه نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة مع تواصل الإبادة بالقتل والتجويع الجماعي ضد أكثر من 2.4 مليون إنسان بينهم 1.1 مليون طفل في قطاع غزة. وقال "الإعلامي الحكومي" في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الأحد، "نحن على أعتاب مرحلة الموت الجماعي بسبب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لجميع المعابر منذ
"أونروا": إسرائيل تُجوّع مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة
يوليو 20, 2025
أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تجوّع مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة.   وطالبت "أونروا" في تصريحات إعلامية اليوم الأحد، بفك الحصار والسماح لها بإدخال الأغذية والأدوية وجميع الاحتياجات المعيشية اللازمة لمواطني غزة، بشكل عاجل.   وكانت "أونروا" حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن
"الصحة" تهيب ببذل أقصى الجهود لحماية شاحنات أدوية ستصل لمستشفيات القطاع
يوليو 20, 2025
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الأحد، عن تنسيق دخول ثلاث شاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات، عبر منظمة الصحة العالمية (WHO)، مشيرة إلى أن الشحنة لا تتضمن أي مواد غذائية. وأكدت الوزارة أن الأصناف الطبية المنتظر وصولها تُعد بالغة الأهمية وتمثل حاجة ملحة لاستمرار تقديم الرعاية الطبية للمصابين والمرضى، وإنقاذ الأرواح