هل تستنسخ قوات الاحتلال نموذج الضفة في الجنوب السوري؟

فجر الحادي عشر من الشهر الجاري، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية محدودة في بلدة بيت جن بالريف الغربي للعاصمة السورية دمشق.
نحو 100 من جيش الاحتلال و10 آليات عسكرية اقتحموا البلدة تحت غطاء مكثف من الطائرات المسيّرة، بذريعة ملاحقة خلية تابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
انتهى الاقتحام باستشهاد شاب سوري من أبناء البلدة، واعتقال سبعة آخرين، وسط حالة من الصدمة الشعبية، وتساؤلات حول مغزى العملية وتوقيتها، وما إذا كانت تمهيدًا لفرض نموذج أمني مشابه لما هو قائم في الضفة الغربية.
مقاربة أمنية جديدة؟
تأتي هذه العملية في سياق سلسلة من الغارات الجوية المتفرقة التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية على مناطق متفرقة من الجنوب السوري.
وهو ما يثير تساؤلات جدية حول إمكانية اعتماد الاحتلال لنمط أمني مشابه لذلك المتّبع في الضفة الغربية، يتمثل في تنفيذ اقتحامات خاطفة واعتقالات نوعية دون إعلان مسبق أو تواجد دائم.
يرى الدكتور كمال عبدو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب، أن "استنساخ سيناريو الضفة في الجنوب السوري أمر وارد، رغم غياب الرابط الجغرافي أو السكاني بين المنطقتين".
ويضيف: "الاحتلال لا يشترط السيطرة المباشرة لتحقيق أهدافه الأمنية، بل يسعى إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح تحت رقابة أمنية سورية، تكفل له أمن الحدود".
ويشير عبدو إلى أن "التفاهمات غير المعلنة بين الأطراف الفاعلة تتيح هذا النمط من العمليات، بشرط ألا تشكل تهديدًا مباشرًا للاحتلال الإسرائيلي".
ومع إقراره بأن الجنوب السوري يختلف عن الضفة من حيث البنية الديمغرافية والجغرافية، إلا أنه لا يستبعد "تنفيذ عمليات محدودة كلما اقتضت الضرورة الأمنية".
اختلاف السياق.. لكن الخطر قائم
في المقابل، يرى المحلل السياسي باسل معرواي أن احتمال "نسخ النموذج الفلسطيني بالكامل في سوريا" يبقى ضعيفًا، نظراً لاختلاف السياقين السياسي والميداني.
ويقول إن "ما جعل الضفة الغربية بيئة مفتوحة أمام الاحتلال هو وجود سلطة فلسطينية منخرطة في تنسيق أمني فعلي، وهو ما لا يتوفر في الحالة السورية".
لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن "استمرار الغموض الرسمي السوري إزاء الاعتداءات (الإسرائيلية)، قد يمهّد تدريجياً لتكريس واقع جديد، شبيه بما جرى في الضفة الغربية".
ويتابع: "الاحتلال الإسرائيلي لا يعترف بحدود طالما لا يُواجه بموقف سياسي حازم أو ردع عسكري فعّال"، مضيفًا أن "استهداف قيادات (حزب الله) اللبناني في سوريا، رغم محدودية تدخل الحزب في الجنوب، يعكس توجّهًا (إسرائيليًا) لاستغلال الفراغ السياسي لفرض قواعد اشتباك جديدة".
نمط إقليمي مكرّر
من جانبه، يرى الباحث والمحلل السياسي سليمان بشارات أن ما جرى في بيت جن ليس حدثًا معزولًا، بل يندرج ضمن سياسة (إسرائيلية) إقليمية أشمل.
ويقول: "الاحتلال يتّبع نموذجًا أمنيًا موحدًا في تعامله مع المناطق المحيطة، سواء في الضفة الغربية أو جنوب لبنان أو غزة، يقوم على إخضاع الجغرافيا المجاورة لرقابة أمنية تمنع تكرار أحداث كبرى، مثل السابع من تشرين الأول".
ويرجّح بشارات أن تكون العملية في بيت جن جزءًا من هذا النمط الإقليمي، وليست مجرد رد فعل ميداني عابر.