ماذا وراء قرار نتنياهو بمنع سفر "الإسرائيليين" إلى الخارج؟

في مشهد يعكس ارتباك القيادة السياسية في كيان الاحتلال الإسرائيلي أمام التحديات المتصاعدة داخليًا وخارجيًا، تبرز أزمة "الهجرة العكسية" كأحد تجليات الانكشاف الاستراتيجي لحكومة نتنياهو. 

فبينما تحاول تل أبيب تسويق عمليات "إجلاء الإسرائيليين" من الخارج على أنها جهود إنسانية لحماية مواطنيها، تتكشف أبعاد أعمق تتعلق بموجة هروب جماعي، ورفض شعبي متزايد للبقاء في أرض باتت محاصرة بالتوتر الأمني والتفكك الداخلي.

في هذا السياق، أطلق باحثون ومراقبون تحذيرات من أن ما يُقدَّم للجمهور العالمي بوصفه "تدبيرًا وقائيًا"، يخفي في الواقع نزوعًا متناميًا لدى شرائح من الإسرائيليين للرحيل الطوعي، مدفوعًا بالخوف وفقدان الثقة. 

وفي تعليقات متزامنة، اعتبر أكاديميون وخبراء في الشأن الصهيوني أن هذه التطورات تمثل إحراجًا بالغًا لحكومة نتنياهو، التي تسعى جاهدة للتغطية على أزمة داخلية تهدد "رواية العودة" ذاتها، بينما تواصل محاولات تصدير الأزمة عبر التصعيد العسكري مع إيران.

 

تلميع نتنياهو

وقال الأكاديمي والباحث في الشؤون الصهيونية، خالد سعيد، إن "رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، لا يريد إفساح المجال أمام الصهاينة الراغبين في الهجرة الطوعية إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكنه يرغب في تلقي المساعدات العسكرية الأمريكية والأوروبية، وهو ما كشفته هيئة البث الإسرائيلية في أكثر من تقرير لها، مساء أمس الأحد".

وأكد سعيد في حديث لـ"قدس برس" أن "الكثير من وسائل الإعلام العبرية لم تعر الاهتمام بالإسرائيليين الباقين خارج الأراضي المحتلة، وإنما تولي الاهتمام الجارف بمحاولة تحسين صورة حكومة نتنياهو الراغبة في تدمير إيران، وإجهاض أي مقاومة تذكر للجيش الإيراني".

وأشار إلى أن "عددا كبيرا من الصهاينة لديه جواز سفر ثاني، غير الإسرائيلي، يمكنه بسهولة السفر به خارج البلاد، ولكن نتنياهو لا يريد في الوقت فضح نفسه وتعرية حكومته الحالية، بأن جزء كبير من المستوطنين يرغبون في مغادرة "أرض الميعاد"، كما يدعون".

 

مفارقة تاريخية 

من جانبه، قال رئيس مركز "ريكونسنس" للبحوث (مستقل مقره الكويت) وعضو نادي الصحافة الوطني في واشنطن عبدالعزيز العنجري، إن "ما يُسوَّق على أنه (إجلاء)، ليس سوى ستار يُخفي مشهد الهروب الجماعي، ويُجنّب الحكومة الإسرائيلية الإحراج أمام العالم، حيث يظهر الشعب وهو يفرّ من أرضه في اللحظة التي يُفترض أن يتمسك بها".

وأضاف العنجري، في تغريدة نشرها عبر حسابه على منصة "إكس": "المفارقة أن أغلب العالقين في الخارج لم يُبدوا رغبة حقيقية في العودة، بينما في الداخل تتزاحم آلاف العائلات الإسرائيلية في مطاري بن غوريون ورامون، سعيًا للهجرة إلى وجهات مثل قبرص، البرتغال، الإمارات وغيرها."

وتابع قائلًا: "قارن هذا بما يحدث في غزة: لا مطارات، لا جوازات سفر أجنبية، لا قنصليات تنسّق عمليات خروج. فقط الحصار والموت تحت القصف. ورغم ذلك، لم يغادر الغزّيون أرضهم."

واختتم العنجري بالقول: "هنا تتجلى المفارقة التاريخية؛ من يُفترض أنه عاد إلى (أرض الميعاد) يفرّ منها، ومن يُقال إنه (طارئ على الأرض) يُثبت أنه صاحبها الحقيقي."

وأصدر رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأحد توجيهات بمنع سفر الإسرائيليين إلى الخارج، مبررًا ذلك بالحاجة إلى تخصيص الطائرات لإجلاء أكثر من 100 ألف إسرائيلي عالقين في الخارج، وفق ما أفادت به صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.

وأكدت وزارة النقل الإسرائيلية أن عمليات إجلاء الإسرائيليين من الخارج ستكون تدريجية وتمتد لأسابيع، ولن تُنفّذ إلا خلال فترات توقف إطلاق الصواريخ من إيران، في ظل تصاعد التوتر بين الطرفين.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"أونروا": لدينا غذاء لغزة يكفي لثلاثة أشهر لكنه محجوز خلف المعابر
يوليو 19, 2025
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إنها "تمتلك مخزونا غذائيا كافيا لجميع سكان قطاع غزة لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، لكنه لا يزال في المستودعات ينتظر السماح بدخوله". وأوضحت في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) اليوم السبت، أن "هذه الإمدادات، ومنها ما هو مخزن في مستودع بمدينة العريش المصرية، جاهزة للتوزيع"، مشيرة إلى
"حماس" تُثمّن قرار "مجموعة لاهاي" بفرض عقوبات على الاحتلال وتدعو لجبهة دولية لعزله
يوليو 19, 2025
ثمنّت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، القرار الصادر عن "مجموعة لاهاي لدعم فلسطين" (تحالف دولي أسسته تسع دول هي: جنوب أفريقيا، ماليزيا، كولومبيا، بوليفيا، كوبا، هندوراس، ناميبيا، السنغال، وجزر بليز) في العاصمة الكولومبية بوغوتا، والذي تضمَّن فرضَ عقوباتٍ على الاحتلال الإسرائيلي، من بينها منع توريد الأسلحة والذخائر إليه، ومراجعة الاتفاقات المبرمة معه، وتسهيل التحقيقات الدولية في
تصاعد التضامن الشعبي مع غزة في وجه حرب التجويع: صيام وإضرابات ومقاطعة
يوليو 19, 2025
أعلن العديد من النشطاء عن شروعهم في خطوات تضامنية مع أهالي قطاع غزة، في ظل حرب التجويع التي يتعرضون لها، من خلال بدء بعضهم بالإضراب المفتوح عن الطعام أو الصيام، إلى جانب مقاطعة البضائع الأميركية و"الإسرائيلية"، كأقل واجب يمكن تقديمه في ظل المجاعة التي يعيشها القطاع نتيجة استمرار العدوان والحصار القسري المفروض عليهم. من جهتها،
هل يواجه الأردن خطر تهريب المخدرات من الاحتلال الإسرائيلي؟
يوليو 19, 2025
برزت في الإعلام الأردني مؤخراً تقارير متزايدة عن ضبط وإحباط محاولات متعددة لتهريب المخدرات عبر طائرات مسيّرة انطلقت من الجهة الغربية باتجاه الحدود الأردنية، ما أثار تساؤلات مهمة حول حجم هذه العمليات، والجهات القائمة عليها، وما إذا كان الأردن يواجه تحديًا أمنيًا متصاعدًا جراء هذا التطور. في ظل التحولات الأمنية المتسارعة على الساحة الإقليمية، يبرز
صحة غزة: 70 ألف طفل يعانون سوء تغذية حاد و250 ألف شخص بانعدام غذائي متقدم
يوليو 19, 2025
قال مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، إن القطاع يشهد أوضاعًا كارثية على صعيد الأمن الغذائي والصحي، مؤكدًا أن أكثر من 250 ألف شخص في غزة وصلوا إلى مرحلة متقدمة من انعدام الأمن الغذائي. وأضاف البرش، في تصريحات صحفية اليوم السبت، أن هناك 70 ألف طفل في القطاع يعانون من سوء تغذية حاد،
صحة غزة: 98 شهيدا و511 جريحا وصلوا المستشفيات خلال الـ48 ساعة الماضية
يوليو 19, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة نقل 98 شهيدا فلسطينيا (منهم 3 شهداء انتشال)، و511 جريحا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ48 ساعة الماضية. وأضافت الوزارة، في تصريح صحفي، اليوم السبت، أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/مارس 2025، وصلت إلى 7,938 شهيدا و28,444 جريحا، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الضحايا ما زالوا تحت الركام