الحصار وإغلاق المعابر يكبدان المزارعين خسائر فادحة في الأغوار وشمال الضفة

أفضى مشهد إغلاق المدن الفلسطينية والمعابر، وتوازيًا مع سياسات الاحتلال الرامية إلى مصادرة الأراضي وتهجير سكانها وضمّها، ولا سيّما في منطقة الأغوار، إلى إصابة الموسم الزراعي لأغلب المحاصيل بانتكاسات وخسائر فادحة راكمت من حجم التحديات التي يعيشها المزارعون في الأراضي الفلسطينية.
وشهد الموسم الزراعي في منطقة شمال الضفة الغربية والأغوار، التي تُعتبر سلة مهمة ترفد الأسواق الفلسطينية باحتياجاتها، أضرارًا كبيرة جعلت المزارعين يتكبدون خسائر كبيرة نتيجة ضخامة التكلفة وانخفاض الأسعار إلى درجة الخسارة.
بدوره يقول المزارع معن ضراغمة، والذي يمتلك حقلًا تُقدّر مساحته بـ 20 دونمًا خصصه هذا الموسم لزراعة محصولي الخيار والكوسا، بأنه قد مُني بخسائر فادحة نتيجة سوء تسويق المنتجات التي غرقت بذات السلعتين من مصادر أخرى.
وشدد ضراغمة خلال حديثه لـ "قدس برس"، على أنّ الأسواق الفلسطينية، وفي الوقت الذي تعيشه المدن بحالة من الحصار والإغلاقات وتضييقات من قبل الاحتلال، بقيت مفتوحة أمام استيعاب المحاصيل الزراعية التي يكون بالعادة مصدرها المستوطنات، أغلب منتوجاتها للضفة.
ويشكو المزارع ضراغمة، كما غيره، من غياب لأي سياسات وقوانين وطنية تحمي الأسواق، وتابع: "الأولى أن يكون هناك إرشادات للمزارعين أولًا بطبيعة وحاجة الأسواق، ومن ثم منع استيراد البضائع والمزروعات من المستوطنات أو الخارج، وأخيرًا تنظيم عملية تسويق الخضار وتوزيعها بشكل يضمن المحافظة على روح المزارعين المعنوية وقوتهم وتواجدهم في السوق".
بالإضافة إلى ما قاله ضراغمة، عزا المزارع سعيد ملالحة من بلدة كردلة في منطقة وادي المالح، إلى ممارسة قطعان المستوطنين ومن خلفهم دولة الاحتلال التي تمارس التهديد والتهجير من جهة، وتمنع المياه وتقلصها بشكل كبير وتصادر مياه الينابيع، الأمر الذي يُجبر كثيرًا من المزارعين على شراء المياه أو نقلها عبر تنكّات خاصة، مما يرفع من الكلفة ويؤثر على أسعار الخضار التي يذهب أغلب منتوجها لتغطية المصاريف التكليفية.
ولفت المزارع فهد ضبابات إلى أن إغلاق المدن الشمالية، وتحديدًا جنين وطوباس ومحيطها بالحواجز، والحيلولة دون التنقل المريح، أدّى إلى فساد كثير من البضائع قبل وصولها لأي أسواق.
وأشار ضبابات إلى أن المزارعين يضطرون في بعض الأحيان إلى الانتظار لساعات طويلة على الحواجز قبل السماح لهم بالمرور عبرها أو العودة من حيث أتوا، وهذا يتسبب بخسائر نتيجة تلف الخضار، أو ارتفاع أو انخفاض أسعارها، أو زيادة كلفتها التسويقية.
الصحفي والإعلامي عبد الباسط خلف وصف ما يحدث بخصوص المزارعين بالعام العصيب الذي يلاحق ما أسماهم حراس الأرض.
وشدد خلف على أن كساد بعض المحاصيل الزراعية، وتحديدًا محصول الخيار الربيعي هذا العام، يعود إلى إغلاق الحواجز وصعوبة تسويقه، أدت إلى ترك المزارع وحيدًا، وكبدته خسائر فادحة، وبات غير قادر على اتخاذ أي خطوة لإنقاذ نفسه.
وأشار خلف إلى أن المزارعين والفلاحين يشعرون بالمرارة، وهم يرون ثمرة تعبهم تُعدم، أو لا تجد من يشتريها، ويقعون تحت ضغط وقف خسارتهم، فالريّ اليومي وأجور العمال والتسميد ومكافحة الآفات تتطلب مبالغ طائلة.
وعن الحلول قال: "سبق أن قلنا إن الحل باتحاد زراعي قوي، وتخطيط فعّال للمساحات والأصناف، وتنويع في المحاصيل، وفرض سقف سعري عادل للمزارع وللمستهلك، وتحديد سعر كل منتج مثلما نحدد أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي وكل سلعنا في الأسواق".
وختم: "لوم الفلاح الذي تنعدم لديه البدائل ليس الحل، فالخسائر كبيرة، وفاتورة الديون تتضاعف، والنزيف يزداد، والقدرة على التفكير غائبة".
تشير دراسة نُشرت في مجلس الدراسات الفلسطينية حول واقع الزراعة بعد السابع من أكتوبر 2023 إلى أنه، ووفقًا لتقديرات تقرير الأونكتاد “التقرير الاقتصادي عن فلسطين”، فإن الخسائر السنوية للمزارعين الفلسطينيين في الأغوار تُقدّر بحوالي 50 مليون دولار أمريكي، وذلك نتيجة للقيود المفروضة على حركة البضائع عبر الحواجز والمعابر، مما يؤدي إلى تأخير أو إتلاف المنتجات الزراعية.
وتوضح ذات الدراسة أن الأغوار تُسهم بحوالي 60% من إنتاج الخضروات في الضفة الغربية، و30% من إنتاج الفواكه (وزارة الزراعة الفلسطينية، 2023)، ما يجعلها عنصرًا حاسمًا في الاقتصاد الفلسطيني.