العدوان الإسرائيلي على إيران: بين الأوهام العسكرية وحقائق الردع

مع استمرار العدوان "الإسرائيلي" على إيران، تتعاظم المخاوف من توسّع رقعة الصراع إلى جبهات جديدة. فبينما تراهن "تل أبيب" على توجيه ضربة حاسمة تُسقط المشروع النووي الإيراني، تردّ طهران برسائل صاروخية دقيقة تستهدف العمق "الإسرائيلي"، في مشهد يوحي بأن الحسابات قد لا تسير وفق ما خطّط له صانعو القرار في "تل أبيب".

يرى المحلل والكاتب السياسي أحمد الحيلة أن الاحتلال "الإسرائيلي" قد يكون أخطأ في تقديراته بشأن الحرب التي أطلقها ضد إيران، مشيرًا إلى أن الأهداف التي أعلنها نتنياهو منذ اليوم الأول للعملية لم تتحقق حتى الآن، بل بدأت المؤشرات تنذر بتصعيد إقليمي مقلق قد يجرّ المنطقة إلى حرب شاملة.

وقال الحيلة في حديث لـ"قدس برس" إن الاحتلال أعلن منذ اللحظة الأولى أن أهدافه تتمثل في "القضاء على المشروع النووي الإيراني بالقوة، وتدمير المنظومة الصاروخية، وإحداث صدمة داخل إيران تُفضي إلى إضعاف النظام وتحريك الشارع ضده... وتغيير النظام".

وأضاف أن القيادة "الإسرائيلية" كانت تراهن على تنفيذ ضربات نوعية تُشلّ البنية العسكرية والسياسية الإيرانية، من خلال استهداف قيادات بارزة ومواقع حساسة، إلى جانب التنسيق مع أطراف معارضة داخلية وخارجية، منها العائلة الملكية البهلوية التي حكمت إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979، في محاولة لدفع الإيرانيين إلى التمرّد على النظام القائم.

وبحسب الحيلة، فإن "تلك الحسابات سرعان ما انهارت، إذ تمكّن النظام الإيراني من استيعاب الضربة الأولى، وأعاد ترتيب صفوفه خلال 24 ساعة، مستفيدًا من عمق مؤسسات الدولة وخبرتها الطويلة في إدارة الأزمات".

ورأى أن "الرد الإيراني جاء صاروخيًا وموجعًا، إذ استهدفت طهران مواقع حساسة داخل الأراضي المحتلة، من الشمال إلى الجنوب، بشكل أعاد ترسيخ معادلة توازن الردع، وأدخل الإسرائيليين في حالة من القلق المتزايد من سيناريو الاستنزاف طويل الأمد".

وأشار إلى أن "تماسك الجبهة الداخلية الإيرانية شكّل عنصرًا مفاجئًا للاحتلال، إذ التفّت شرائح واسعة من الشعب حول النظام، وسط شعور عام بأن البلاد تتعرض لخطر خارجي يهدد سيادتها ووجودها".

وأوضح الحيلة أن أمام "تل أبيب" وواشنطن ثلاثة سيناريوهات: الأول هو القبول بمعادلة توازن الردع والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو خيار ترفضه حكومة نتنياهو. والثاني يتمثل في استمرار "إسرائيل" في الحرب منفردة، بدعم أمريكي غير مباشر، وهو خيار مكلف وقد يؤدي إلى استنزاف يصعب تحمّله. أما الثالث، فهو انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب، وهو السيناريو الذي يدفع نتنياهو باتجاهه بقوة، بحسب الحيلة.

لكنه حذّر من أن السيناريو الثالث ينطوي على مخاطر كبيرة، خاصة إذا توسّعت رقعة الاشتباك بانخراط "حزب الله" في لبنان، و"الحشد الشعبي" في العراق، و"أنصار الله" في اليمن، مما قد يحوّل المواجهة إلى حرب إقليمية مفتوحة.

كما أشار إلى أنه في حال انخراط قوى كبرى مثل الصين وروسيا بدعم غير مباشر لإيران، فإن ذلك قد يفتح باب استنزاف طويل الأمد للولايات المتحدة، في سياق صراع النفوذ العالمي.

ترامب ضلّل إيران... والمفاجأة لا تعني النصر

من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي أسامة أبو ارشيد أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال التصعيد لم يكن متسقًا، بل شابه "قدر كبير من التضليل"، مشيرًا إلى التناقض بين تصريحاته قبل الضربة "الإسرائيلية" وبعدها.

وقال أبو ارشيد إن التصريحات الهادئة التي صدرت عن ترامب في الأيام الأولى للحرب ساهمت في مفاجأة طهران، ومهّدت الطريق لهجوم مباغت استهدف قيادات إيرانية بارزة، "لكنه سرعان ما بدأ يتراجع في لهجته بعد الرد الإيراني".

وحذّر من أن دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة "لن يكون نزهة، في ظل وجود عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين وقواعد حساسة في المنطقة"، مشيرًا إلى أن "إيران تمتلك أدوات متعددة للرد، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها".

وشدّد على أن "إيران لا تمتلك القدرات العسكرية التقليدية التي تمتلكها إسرائيل أو الولايات المتحدة، لكنها تتفوق عليهما في القدرة على تحمّل الألم والاستنزاف"، الأمر الذي قد يجعل المعركة طويلة ومرهقة للطرفين.

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الاحتلال يناقش خطة لبناء وحدات استيطانية خلف جدار "الفصل العنصري" في الضفة الغربية
يوليو 1, 2025
كشفت مصادر عبرية النقاب عن أن ما يسمى المجلس الأعلى للتخطيط التابع لجيش الاحتلال، سيناقش غدا الأربعاء مخططا استيطانيا لبناء 267 وحدة استيطانية في مستوطنتي معاليه عاموس جنوب شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، وغاني موديعين المحاذية لجدار الفصل العنصري قرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وقالت حركة "السلام" الإسرائيلية المتخصصة بمراقبة النشاطات
إدارة ترامب توافق على صفقة أسلحة بقيمة 510 ملايين دولار لصالح دولة الاحتلال
يوليو 1, 2025
وافقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صفقة أسلحة لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 510 ملايين دولار. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها، إن الصفقة التي تمت الموافقة عليها تشمل أكثر من سبعة آلاف مجموعة توجيه للقنابل من نوع “ذخائر الهجوم المباشر المشترك” بنوعين مختلفين. وجاء في بيان الوزارة: “الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل،
أبو محفوظ: فصل موظفين في أونروا لبنان يخدم الاحتلال ويستهدف تصفية الوكالة
يوليو 1, 2025
دعا القائم بأعمال الأمين العام لـ "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" هشام أبو محفوظ، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان إلى التراجع عن قرار فصل عدد من موظفيها، مشددًا على أن الخطوة تمثل "خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي" وتتماهى مع محاولاته لتصفية الوكالة. واستنكر أبو محفوظ، في تصريح صحفي مكتوب تلقته "قدس برس" اليوم الثلاثاء،
طفل في الكويت شهيد في غزة: كيف طوّر حكم العيسى قدرات المقاومة؟
يوليو 1, 2025
أبو عمر السوري، أو "الصحابي" كما يسميه أهل غزة الذين عاش بينهم طويلًا، هما كنيتان لرجل واحد: حكم العيسى، القيادي في "كتائب القسام"، وأحد من ساهموا في تطوير تجربتها العسكرية. تنحدر عائلته من بلدة "رامين" قضاء طولكرم في شمال الضفة الغربية، وقد نعت العائلة ابنها بفخر واعتزاز. وُلد العيسى في دولة الكويت عام 1967، وأكمل
استشهاد 27 فلسطينيا بنيران الاحتلال في غزة بينهم 12 من منتظري المساعدات
يوليو 1, 2025
أعلنت مصادر طبية فلسطينية في قطاع غزة استشهاد 27 فلسطينيا منذ فجر اليوم الثلاثاء، بنيران قوات الاحتلال، بينهم 12 من منتظري المساعدات. وأكدت مصادر في مجمع ناصر الطبي استشهاد 8 فلسطينيين في عدوان الاحتلال على جنوبي قطاع غزة منذ فجر اليوم بينهم 3 شهداء من منتظري المساعدات. كما ارتقى شهيد بنيران جيش الاحتلال أثناء انتظاره
صحة غزة: تسجيل 337 إصابة بمرض السحايا بينها 259 حالة فيروسية والأعداد في ارتفاع سريع
يوليو 1, 2025
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة تسجيل 337 إصابة بمرض السحايا، من بينها 259 حالة فيروسية، محذّرة من ارتفاع مقلق في عدد الإصابات اليومية في ظل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية في القطاع المحاصر. وأوضحت الوزارة أن هذا التفشي الخطير يأتي في وقت يعاني فيه القطاع من اكتظاظ شديد في مراكز الإيواء، ونقص حاد في المياه