مركز حقوقي: "إسرائيل" تواصل منع انتشال جثامين ضحايا مجازر "المساعدات" شمال غزة

أدان "المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا"، استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في منع طواقم الدفاع المدني من الوصول إلى منطقة "السودانية" شمال قطاع غزة، للبحث عن مفقودين وانتشال جثامين مدنيين قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية.
وقال المركز في بيان له، اليوم الإثنين، إن قوات الاحتلال تواصل منذ أيام عرقلة الوصول إلى محيط "الصالة الذهبية" في "السودانية"، وهو الموقع الذي شهد مجزرة مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال بحق عشرات المدنيين الفلسطينيين، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى، لا تزال جثامينهم محتجزة في العراء.
وأوضح البيان أن محاولات متكررة جرت بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إلا أن قوات الاحتلال ما زالت ترفض منح التصاريح اللازمة لطواقم الدفاع المدني، ما يُبقي الضحايا في عداد المخفيين قسرًا، ويحرم عائلاتهم من دفن أحبائهم بكرامة وإنسانية.
وأشار المركز إلى أن طواقم الإنقاذ تمكنت يوم الأربعاء الماضي، وبعد خمسة أيام من ارتكاب المجزرة، من انتشال جثامين 15 قتيلاً فقط، بعضهم كانوا في حالة تحلل متقدمة، في مشهد إنساني قاسٍ يكشف عن استهتار الاحتلال الإسرائيلي بحياة الإنسان الفلسطيني وكرامته.
ووفق البيان، لا تزال قوات الاحتلال تمنع استكمال عمليات البحث والانتشال، كما تعرقل جهود البحث عن امرأتين مفقودتين شمال القطاع، إحداهما من عائلة سالم فقدت قرب مدخل مشروع بيت لاهيا، والأخرى من عائلة العطار فُقدت قرب مدرسة أبو تمام في بلدة بيت لاهيا.
وأكد المركز أن مأساة المفقودين تتعاظم، إذ لا تزال جثامين كثيرة محتجزة تحت الأنقاض أو في مناطق يمنع الاحتلال الوصول إليها، مما يشكّل جرحًا نازفًا لعائلات آلاف الضحايا، في ظل عجز المجتمع الدولي عن فرض قواعد القانون الدولي الإنساني.
وشدد المركز الحقوقي على أن سلوك الاحتلال يشكّل انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي الإنساني، الذي يلزم أطراف النزاع باحترام جثامين القتلى وضمان وصول الطواقم الطبية والدفاع المدني للبحث والإنقاذ دون تأخير.
وحمل المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تغييب مصير الضحايا ومنع دفنهم، مطالبًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأوتشا، إلى جانب كافة الجهات الدولية، بالتحرك الفوري والفعّال للضغط على الاحتلال وتمكين فرق الإنقاذ من الوصول الآمن وانتشال الجثامين، والكشف عن مصير المفقودين.
وختم المركز بيانه بالتأكيد على أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الممارسات اللاإنسانية يشجع الاحتلال على الاستمرار في سياسات الاحتجاز والتغييب، ويضاعف معاناة ذوي الضحايا.
وفي السياق ذاته، حذر رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، جوناثان ويتال، من أن قطاع غزة يواجه "مجزرة بطيئة"، حيث يُقتل المدنيون يومياً فقط لمحاولتهم الحصول على الطعام.
وخلال مؤتمر صحفي عقده، أمس الأحد، من مدينة غزة، قال ويتال: "بينما أنظار العالم تتجه إلى أماكن أخرى، يُقتل الناس هنا فقط لأنهم يحاولون البقاء على قيد الحياة. الوصول إلى الطعام أصبح بمثابة حكم بالإعدام".
وأوضح المسؤول الأممي أن أكثر من 400 فلسطيني قتلوا منذ التخفيف الجزئي للحصار قبل أكثر من شهر، أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال أطلقت النار مراراً على الحشود قرب مواقع توزيع المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية، التي تقع في مناطق عسكرية.
وأكد ويتال أن كثيراً من الجرحى سقطوا في مناطق لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليها، وسط أنباء عن مفقودين يُعتقد أنهم قُتلوا أيضاً. كما أشار إلى حادثة استهداف دبابة إسرائيلية لحشد ينتظر شاحنات المساعدات قبل أيام، ما أدى إلى استشهاد نحو 60 مدنياً وإصابة المئات، مشيراً إلى أن بعض الضحايا سقطوا أيضاً برصاص مجموعات مسلحة تنشط قرب الجيش الإسرائيلي.
وأصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، السبت 21 يونيو 2025، إحصائية رسمية لضحايا الاعتداءات الإسرائيلية الأمريكية على المدنيين الفلسطينيين الباحثين عن الغذاء.
وجاء في الإحصائية أن عدد الشهداء بلغ 450 شهيداً، فيما بلغ عدد المصابين 3,466 جريحاً، إلى جانب 39 مفقوداً، وذلك نتيجة الاستهداف المتكرر لما وصفه المكتب بـ"مصائد الموت" قرب نقاط توزيع المساعدات شمال القطاع.
وترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 187 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.