خبراء ومسؤولون: استهداف قاعدة "العديد" يقوّض موقف إيران ويخدم "تل أبيب"

يرى مسؤولون وباحثون أن دخول إيران في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة يمثّل انزلاقًا خطيرًا قد يخدم الأهداف الإسرائيلية أكثر مما يخدم المصلحة الإيرانية، محذرين من أن توسيع الحرب باتجاه دول الجوار –لا سيما قطر– قد يعزل طهران إقليميًا ويفقدها أي تعاطف دولي في ظل التصعيد المتسارع في المنطقة.
ففي أول تعليق له على تطورات التصعيد، حذّر رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، عبر حسابه على منصة "إكس"، من "انجرار طهران إلى مواجهة عسكرية مع واشنطن"، مؤكدًا أن "هذا هو بالضبط ما تسعى إليه إسرائيل منذ زمن طويل".
وأضاف أن "إسرائيل تريد أن تخلّص نفسها من عبء المواجهة، وتقف موقف المتفرج على حرب طاحنة بين إيران وأمريكا".
في السياق ذاته، انتقد الباحث والأكاديمي محمد المختار الشنقيطي ما وصفه بـ"الخطأ الاستراتيجي الفادح" في توسيع إيران للحرب باتجاه دول الخليج، وعلى وجه الخصوص قطر، التي قال إنها "تحافظ على علاقات طيبة مع طهران"، محذرًا من أن مثل هذه الخطوة قد تدفع إلى "بناء حلف واسع ضد إيران ويضعف موقفها في مواجهة العدوان الإسرائيلي".
وذكّر بأن "قطر أعلنت عن إخلاء القاعدة الأمريكية قبل أيام"، في إشارة إلى قاعدة العديد الجوية.
الباحث في الشأن الاستراتيجي سعيد زياد أكد بدوره أن "رغم المحاولات الحثيثة لحصر الرد الإيراني في نطاق الهجمات الأمريكية على إسرائيل فقط، فإن طهران اختارت توسيع دائرة الرد لتضرب، ولأول مرة، القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط"، مضيفًا أن "الجرأة الإيرانية تهدف إلى كبح جماح التدخل الأمريكي وإيصال رسالة بأن أي عدوان لن يمر بلا ثمن".
وأعلن التلفزيون الإيراني مساء الاثنين عن بدء عملية عسكرية أطلق عليها اسم "بركة الفتح"، مستهدفة قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر، بالتزامن مع ضربات استهدفت قواعد أمريكية أخرى في العراق.
وأكدت وسائل إعلام إيرانية أن الهجوم شمل إطلاق ستة صواريخ باتجاه القاعدة، معتبرة ذلك بداية الرد الإيراني المباشر على الهجوم الأمريكي.
القوات المسلحة الإيرانية قالت في بيانها إن "إرادة قواتها ستحول أي تكرار للعدوان إلى أداة لتسريع انهيار البنية العسكرية الأمريكية في المنطقة"، بينما شدد الحرس الثوري الإيراني على أن "الرسالة للبيت الأبيض وحلفائه واضحة: إيران لن تترك أي اعتداء على سيادتها دون رد".
من جانبه، أعرب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية أمجد الأنصاري عن إدانة دولة قطر الشديدة للهجوم الذي استهدف قاعدة العديد الجوية من قبل الحرس الثوري الإيراني، ونعتبره انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة،
وقال الأنصاري في تصريح نقلته /وكالة الأنباء القطرية/ إن دولة قطر تحتفظ بحق الرد المباشر بما يتناسب مع شكل وحجم هذا الاعتداء السافر وبما يتوافق والقانون الدولي.
وأكد أن الدفاعات الجوية القطرية أحبطت الهجوم وتصدت للصواريخ الإيرانية بنجاح، مشيرا الى ان سيصدر بيان توضيحي حول ملابسات الهجوم لاحقا من قبل وزارة الدفاع.
كما أكد على أن استمرار مثل هذه الأعمال العسكرية التصعيدية من شأنه أن يقوض الأمن والاستقرار في المنطقة، وجرها إلى نقاط سيكون لها تداعيات كارثية على الأمن والسلم الدوليين، داعيًا إلى وقف فوري لكافة الأعمال العسكرية، والعودة الجادة إلى طاولة المفاوضات والحوار.
وشدد أن دولة قطر كانت من أوائل الدول التي حذرت من مغبة التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، ونادت بأولوية الحلول الدبلوماسية، وحرصت على مبدأ حسن الجوار وعدم التصعيد، مؤكدًا أن الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات الراهنة والحفاظ على أمن المنطقة وسلام شعوبها.
وأوضح المسؤول القطري أن القاعدة كانت قد أُخليت في وقت سابق وفقًا للإجراءات الأمنية والاحترازية المعتمدة، وذلك في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة، كما تم اتخاذ كافة الإجراءات لضمان سلامة العاملين في القاعدة من منتسبي القوات المسلحة القطرية والقوات الصديقة وغيرهم، مؤكدًا عدم وقوع أي إصابات أو خسائر بشرية جرّاء الهجوم.