أزمة تمويل تهدد استمرار "أونروا" ومراقبون يحذرون من استهداف سياسي للوكالة

قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عدنان أبو حسنة، إن الوكالة تواجه أزمة مالية خطيرة تهدد استمرارها حتى نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن العجز المالي يقترب من 200 مليون دولار.
وأوضح أبو حسنة أن الأزمة لا تقتصر على قطاع غزة أو الضفة الغربية، بل تشمل أيضاً الأردن ولبنان وسوريا وشرق مدينة القدس المحتلة، لافتاً إلى أن الوكالة تعتمد بنسبة تصل إلى 90 بالمئة من ميزانيتها على التبرعات، وليست جهة تمويلها قائم على الضرائب كما هو الحال مع الحكومات.
وأشار إلى أن مسؤولية تمويل "أونروا" لا تقع على عاتق الوكالة وحدها، بل هي مسؤولية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أنشأت الوكالة بموجب القرار 302 عام 1949، ولا تزال تحظى بدعم سياسي ومعنوي من غالبية الدول الأعضاء، رغم تراجع الدعم المالي.
من جانبه، قال مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" (مستقلة مقرها بيروت)، علي هويدي، إن استهداف "أونروا" يتم في إطار استراتيجية أمريكية وإسرائيلية تهدف إلى تصفية ملف اللاجئين الفلسطينيين، من خلال السعي إلى شطب القرار 194 الذي ينص على حق العودة، عبر تقويض القرار 302 المؤسس للوكالة.
وأضاف هويدي في حديث لـ"قدس برس" أن ما تتعرض له الوكالة من تضييق مالي وسياسي يستهدف نزع الشرعية عن وجودها، مقدّراً أن استمرار هذه المحاولات يرتبط بميزان القوى داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تملك وحدها صلاحية الإبقاء على الوكالة أو إنهاء عملها.
وشدّد على أن "أونروا" ليست مجرد جهة إغاثية، بل تمثل المسؤولية السياسية للمجتمع الدولي تجاه اللاجئين الفلسطينيين، مؤكداً أن "أي محاولة لإحلال منظمة أخرى مكانها تنطوي على بُعد سياسي يتجاوز البُعد الإنساني".
وأشار هويدي إلى أن الوكالة توظف نحو ثلاثين ألف موظف، وتقدّم خدمات التعليم والصحة والإغاثة والبنية التحتية لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في 58 مخيماً، كما تمتلك أرشيفاً متكاملاً حول أوضاعهم واحتياجاتهم.
وأكد أن استهداف الوكالة لا يقتصر على الضفة الغربية وقطاع غزة، بل يشمل جميع مناطق عملها، في محاولة لإنهاء وجود اللاجئ الفلسطيني كصفة سياسية وقانونية، ودفعه نحو التوطين والاندماج في المجتمعات المضيفة.
ودعا هويدي الدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين، خاصة في لبنان، إلى تمكينهم من حقوقهم المدنية والاقتصادية، بما يضمن لهم حياة كريمة إلى حين عودتهم إلى ديارهم في فلسطين.
وفي ظل تفاقم الأزمة المالية واستمرار الضغوط السياسية، يرى مراقبون أن مستقبل "أونروا" بات مرتبطاً بمدى جدية المجتمع الدولي في تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وسط تحذيرات من أن تقويض عمل الوكالة لا يهدد فقط الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين، بل يمس جوهر القضية الفلسطينية وحق العودة كأحد أبرز عناوينها.