"الحمى الشوكية" تفتك بأطفال غزة.. وباء صامت ينتشر وسط انهيار النظام الصحي

حذر مسؤولون طبيون في قطاع غزة من تفشٍ خطير لوباء "الحمى الشوكية" بين الأطفال، في ظل انهيار شبه تام للمنظومة الصحية، واستمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
وقال الدكتور إياد جبري، المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، اليوم الإثنين، إن 39 طفلًا تم تشخيص إصابتهم بـ"الحمى الشوكية" في مجمع "ناصر" الطبي، إلى جانب حالات أخرى في مستشفى "شهداء الأقصى"، مؤكدًا أن هذه النسبة تُعد الأعلى التي يتم تسجيلها حتى الآن.
وأوضح جبري، أن المستشفيات تعاني من انعدام القدرة على عزل الأطفال المصابين، مع وجود جميع المرضى في غرفة واحدة داخل مستشفى "شهداء الأقصى"، ما يفاقم من احتمالية انتقال العدوى. وأشار إلى أن عدد الإصابات مرشّح للارتفاع في ظل الاكتظاظ الحاد وسوء التغذية وتدهور البنية التحتية الصحية في القطاع.
وأضاف أن من أبرز أعراض المرض ارتفاع درجات الحرارة وتصلب عضلات الرقبة وظهور طفح جلدي، مشيرًا إلى أن هذه العلامات تدل على تقدم العدوى إلى مراحل خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة.
وأكد أن العلاج يتطلب إعطاء مضادات حيوية بالوريد لمدة 10 أيام، وهو ما يفوق الإمكانيات الحالية للمستشفيات الغزية المحاصرة.
من جانبه، قال الدكتور منير البرش، المدير العام في وزارة الصحة بغزة، إن ما يجري "هو محاولة ممنهجة لنشر الأوبئة في القطاع"، محذرًا من أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد دفع الأوضاع نحو الانفجار الصحي من خلال منع تدفق الأدوية والمطعومات، والتسبب بانتشار أمراض مثل الإسهال المدمم الحاد، والتهاب السحايا، وأمراض منقولة أخرى، بالتزامن مع حرمان السكان من الأمن المائي، حيث يعاني 90% من سكان القطاع من انعدام الأمن المائي.
من جهته، طالب أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة، بإرسال طواقم طبية متخصصة لعلاج الأطفال الخدج والمصابين، داعيًا كافة الأطراف الدولية إلى الضغط الفوري على "إسرائيل" لفتح المعابر والسماح بدخول الإمدادات الطبية والفرق الصحية.
ويعيش قطاع غزة كارثة صحية متصاعدة منذ بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث لا يأتي الموت فقط من القصف، بل من الجوع، التلوث، والأمراض المهملة.
وتحوّلت مخيمات النزوح المزدحمة، ونقص الأدوية، وسوء التغذية، إلى بيئة خصبة لانتشار الأمراض، ما يجعل من وباء "الحمى الشوكية" شكلًا جديدًا من أشكال الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع، وسط صمت دولي يعتبره كثيرون شراكة في الجريمة.
وترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 190 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.