طفل في الكويت شهيد في غزة: كيف طوّر حكم العيسى قدرات المقاومة؟

أبو عمر السوري، أو "الصحابي" كما يسميه أهل غزة الذين عاش بينهم طويلًا، هما كنيتان لرجل واحد: حكم العيسى، القيادي في "كتائب القسام"، وأحد من ساهموا في تطوير تجربتها العسكرية. تنحدر عائلته من بلدة "رامين" قضاء طولكرم في شمال الضفة الغربية، وقد نعت العائلة ابنها بفخر واعتزاز.
وُلد العيسى في دولة الكويت عام 1967، وأكمل فيها دراسته حتى "الثانوية العامة"، ثم توجه إلى مدينة "بوبال" في ولاية "ماديا برادش" الهندية لإكمال دراسته الجامعية. ومن هناك بدأت رحلته الجهادية، انطلقت من التدريب العسكري في "خوزستان" بإيران، مرورًا بالشيشان وسوريا ولبنان، قبل أن يصل إلى قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي من المستوطنات عام 2005.
طفولته وصباه في الكويت
يقول أحد أصدقاء الشهيد حكم، الذي عاش معه في الكويت وفضّل عدم ذكر اسمه، إن العيسى نشأ في عائلة فلسطينية متواضعة، كحال معظم الفلسطينيين في الكويت آنذاك. وأضاف: "لأنّ العائلات الفلسطينية كانت حريصة على تحصيل أبنائها التعليم الجامعي، كانت الهند والباكستان وجهتين مفضلتين، ومن بينها عائلة حكم".
وعايش الشهيد حكم أثناء فترة طفولته وصباه في الكويت، عصر النهضة، والتي كان من أبرز سماتها انطلاق الحريات، والسماح للعمل الفلسطيني بالنشاط. تلك الفترة التي شهدت أنشطة متميزة لـ "فتح" و "حماس" وعدد من الفصائل الفلسطينية.
ويتابع الصديق: "توجه حكم إلى الدراسة في مدينة بوبال شمال الهند، وتميز هناك بين زملائه، وكان قلبه معلقًا بالمساجد والعمل الدعوي بين الطلاب الذين جاؤوا من مختلف الدول العربية والإسلامية".
ويضيف: "تمتع حكم بقدرة كبيرة على إقامة علاقات صداقة مع طلاب من جنسيات مختلفة، كالسودان وأرتيريا والصومال، وكان يحظى باحترام واسع بين أقرانه".
"الصحابي" في غزة
ويقول صحفي فلسطيني من غزة، عرف الشهيد بعد قدومه إلى القطاع، إن "حكم كان معروفًا بوجهه البشوش، وقد أُطلق عليه لقب 'الصحابي'، لتأثره الشديد بالصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه. كان يتشبّه بسيرته في الزهد والتضحية، إذ ترك ملذات الدنيا وسلك طريق الجهاد، ورفض مغادرة غزة إلا إلى الضفة الغربية وهي محررة"، على حدّ تعبيره.
ويضيف: "عُرف الشهيد بتواضعه الجم، فلم يكن يُعرّف بنفسه في المجالس إلا إذا سُئل، وكان يشارك المقاومين في تدريباتهم رغم كونه مشرفًا ومدربًا في منظومة التدريب، لا يعرف الكلل ولا الملل، ويتنقل باستمرار بين مواقع الإعداد".
قائد بالفكر والتجربة
وأشار مصدر في "كتائب القسام" إلى أن حكم العيسى جاء إلى قطاع غزة قبل نحو 20 عامًا، حاملاً معه "خبرات وفكرًا عسكريًا مختلفًا، لفتت انتباه القائد العام آنذاك محمد الضيف، الذي استفاد من تجربته إلى أقصى حد".
كما ذكر أن الشهيد كان في مرحلة من حياته عضوًا في المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام، وهو موقع نادر لا يُمنح إلا لذوي الكفاءة والتجربة والموثوقية.
شهادة مكللة بالتضحية
نال حكم العيسى الشهادة مساء السبت 28 حزيران/يونيو 2025، إلى جانب زوجته وحفيدته، وذلك على تخوم قطاع غزة، قرب المنطقة الحدودية مع "غلاف غزة". ورغم خطورة التواجد في تلك المنطقة، فإن شجاعته دفعته إلى المضي دون اكتراث بالمخاطر.