هل يمكن لحوارات الجزائر إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية؟

أكد سياسيون على أن إصرار الجزائر على إنجاح المصالحة الفلسطينية لا يكفي لوحده، إن لم يكن هناك حرص فلسطيني على إنهاء الانقسام الذي بات يضر بمجمل القضية.

وقال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة "نحن لا نشكك في نوايا الجزائر وحرصها الجاد لإنجاز المصالحة؛ بل نشكك بأنفسنا (الفلسطينيين) لعدم قدرتنا على التلاقي، ولأن التناقضات أصبحت تتسع فيما بيننا".

وأضاف خريشة في حديث مع "قدس برس" أن "الجزائر وباعتبارها حليفاً تقف مع الحق الفلسطيني، وتسعى لكسر الجمود في قضية المصالحة، لكنها عملياً لا تعرف كثيرا عما يجري في الساحة الفلسطينية"، مشيراً إلى أنه لا "توجد خلفية حقيقية لدى الجزائريين أو تداخل موضوعي إلا من خلال رغبتهم بمساعدة فلسطين بإنهاء الانقسام".

ورأى أن "الشارع الفلسطيني لم يعد مهتما بما يجري في موضوع المصالحة سواء في الجزائر أو أي مكان آخر، حيث عاش 15 عاما لم يحدث فيه أي اختراق لتحقيق المصالحة"، مستدركا بأن الانقسام يزداد و"كل ما يستطيعون عمله هو إدارته" على حد تقديره.

وأعرب عن اعتقاده بأن "كل الذاهبين إلى الجزائر يدركون تماما أنه لن يتم أي جديد فالساحة الفلسطينية منقسمة إلى قسمين، أحدهما مع المقاومة، والآخر يبحث عن المفاوضات، ولن يلتقيا مهما حاولنا".

وتابع: "ممكن أن يجدوا صيغة للخروج من الأزمات الحالية بالذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني فلسطيني"، مشيراً إلى ضرورة أن تركز اللقاءات على منظمة التحرير الفلسطينية والتي تمثل العنوان السياسي للشعب الفلسطيني".

وحول الدور المصري أكد خريشة أن مصر لعبت دوراً مهماً لما يقارب عن عشرين عاماً في موضوع إنهاء الانقسام، "ولو أرادت مصر تحقيق المصالحة لفعلت ذلك، إلا أنها لا تمتلك الإرادة ولا الرغبة الحقيقية لإنهائه، حيث أنها تتعامل مع الملف الفلسطيني من منظور أمني بحت".

من جهته، أكد منذر الحايك الناطق باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أن حركته أكثر المتضررين من استمرار الانقسام، "فمشروع (فتح) قائم على وحدة الجغرافية ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس".

وشدد الحايك في حديث مع "قدس برس" على أن إنهاء الانقسام ضرورة وطنية ملحة، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية، من اقتحامات واعتداءات وتهويد للمدينة المقدسة، والقتل على حواجز الموت .

وأوضح ان القيادة الجزائرية ستعرض خلال هذه الجولة من الحوار مبادرتها لإنهاء الانقسام، بعدما التقت كافة الفصائل في الأسابيع الماضية بالمسئولين الجزائريين.

 وقال إن وفد حركة "فتح" قدم رؤيته لإنهاء الانقسام، والتي تضمنت "توحيد مؤسسات السلطة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إزالة الانقسام" مشيراً إلى أن وجود ورقة جزائرية ستعرض على الفصائل الفلسطينية كافة.

وأوضح أن هذا الملف يأتي استكمالا لحوارات القاهرة، ولا مانع من تدخل القيادة الجزائرية، مع وجود تنسيق بين القيادة الجزائرية والمصرية، مستدركا "مشكلتنا في النوايا، نحن ذاهبون لإنهاء الانقسام" على حد تعبيره.

وقال: "الجزائر بذلت جهداً كبيراً من أجل الوصول إلى ورقة مرضية لكل الأطراف، ونحن في حركة فتح سنكون إيجابيين لدرجة كبيرة للموافقة على كل المقترحات التي تقترحها الجزائر على قاعدة إنهاء الانقسام في كافة مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية".

واعتبر الحايك أن الخطوة الأولى لاستعادة الوحدة "تبدأ من حركة (حماس) كونها المسيطر على مؤسسات السلطة الوطنية في قطاع غزة" موكداً أن الانقسام لم يطل منظمة التحرير الفلسطينية.

 وتابع: "حينما تنتهي قضية الانقسام بتوحيد مؤسسات السلطة، وتقوم على حل الملفات العالقة في قطاع غزة، وتوحيد شطري الوطن، نستطيع العودة بمنظمة التحرير على قاعدة الشراكة وليس الخصخصة" وفق ما يرى.

ومن جهته قال الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد إن "الجزائر عبرت عن جدية كبيرة في التعامل مع ملف المصالحة منذ لحظة إطلاق الرئيس الجزائري مبادرة للمصالحة في كانون أول/ ديسمبر 2021".

وأضاف عيّاد لـ "قدس برس": "تعقد الآن لقاءات مكثفة لاستكمال مسودة الاتفاق والأوراق المقترحة، والتي تتضمن طرح مشروع وبرنامج عمل مشترك للفصائل الفلسطينية، تمكنت الجزائر من جمعها".

ورجّح طرح المبادرة العربية التي قدمت في القمة العربية عام 2002 في بيروت كخطة عمل تتوافق عليها الفصائل والقوى الفلسطينية، وتتبناها في موقف موحد يعرضه الرئيس عباس في قمة الجزائر المقبلة، وتشمل إجراءات تتعلق بالانتخابات التشريعية؛ وتشكيل المجلس المركزي لمنظمة التحرير والمجلس الوطني؛ وإشراك "حماس" و"الجهاد الاسلامي" في الأطر القيادية.

وشدد على أن الغطاء المصري للجهود الجزائرية متوفر وقائم، إذ أنه لا يتناقض مع مبادئ المبادرة العربية أو نتائج الحوارات في القاهرة التي جمعت الفصائل الفلسطينية أكثر من مرة.

وقال عيّاد "يصعب تقدير موقف (فتح) في ظل الانشغالات الداخلية للحركة ولقيادة السلطة بالمرحلة الانتقالية، وانشغالها في ترتيب البيت الفتحاوي، وبتطوير علاقتها مع الإدارة الامريكية، وهي جهود موازية يقودها حسين الشيخ أمين سر منظمة التحرير بعد زيارة واشنطن مؤخرا، فضلا عن التواصل مع أركان الائتلاف الإسرائيلي".

وقال: "ما يمكن أن تحققه هذه الجولة يبقى رهينة تطورات الأحداث في الضفة الغربية، والتي تشهد صعود تيار المقاومة الدافع نحو تشكيل وحدة ميدانية وقيادة وطنية من كافة الفصائل، لإدارة المرحلة والصراع مع الاحتلال؛ وتيار يسعى لإعادة ضبط المشهد على واقع التنسيق الأمني والوعود التي تقدمت بها الإدارة الامريكية الباحثة عن تخفيض التصعيد".

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، قد أعلن في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2021 اعتزام بلاده استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية، ولاحقا استقبلت الجزائر وفودا تمثل الفصائل الفلسطينية.

وتبدأ اليوم جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في الجزائر والتي ستعقد ليومين بعد وصول معظم الفصائل الفلسطينية للتوافق على “رؤية الجزائر” لإنهاء الانقسام الفلسطيني.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
قراءة في المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة
يوليو 3, 2025
في خضم تسريبات متزايدة حول تفاصيل الورقة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، تتحدث تقارير إعلامية عن مقترح مختلف من حيث الشكل والمضمون، تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصيغة تحمل ملامح تحول سياسي لافت. هذه الورقة، التي يُروّج لها على أنها اتفاق متكامل يمتد لـ60 يومًا، تتضمن بنودًا غير مسبوقة، كوقف شامل لإطلاق النار،
خبراء يحذرون: الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية ينهار وديون الموظفين قنبلة موقوتة
يوليو 1, 2025
"الاقتصاد الفلسطيني يواجه كارثة مالية وديونًا متراكمة تهدد بالانهيار البنيوي" – بهذه العبارة الصادمة افتتح البنك الدولي تقريره الأخير الصادر في حزيران/يونيو 2025، ليدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الاقتصادية والمالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة. غير أن الأزمة لم تعد في خانة التحذير، بل تحوّلت إلى واقع يومي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية،
"طوفان الأقصى".. سيناريوهات متوقعة وغير متوقعة بعد 630 يوما
يونيو 29, 2025
تُذكّرنا الحروب الكبرى دومًا بما قاله وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت مكنمارا، في وثائقي "ضباب الحرب" إن للحروب نتائج مقصودة، وأخرى غير مقصودة قد تكون أكثر تأثيرًا وخطورة . وهذا يتقاطع ويتصادى اليوم مع ما أحدثه السابع من أكتوبر في حرب غزة. فمنذ صباح طوفان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح الشرق الأوسط يسير بتوقيت
لماذا دعا ترامب إلى إلغاء محاكمة نتنياهو؟
يونيو 28, 2025
في ظل حالة الارتباك التي يعيشها كيان الاحتلال الإسرائيلي بعد أشهر من العدوان على غزة، أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي طالب فيها بإلغاء محاكمة رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أو منحه عفوًا، جدلًا واسعًا واعتُبرت مؤشرًا جديدًا على تعمق الأزمة داخل الاحتلال الإسرائيلي. ورأى مراقبون أن هذه التصريحات جاءت في توقيت
سوريا…ورش تدريبية للشباب الفلسطيني تحت عنوان "القيادة والتأثير"
يونيو 28, 2025
في وقت تتكاثف فيه التحديات أمام الوعي الفلسطيني الجمعي، من حملات التطبيع والتزييف والسطو على الرواية الأصلية، أطلقت مبادرة "قناديل مقدسية" سلسلة من الورش التدريبية في سوريا، تحت عنوان "القيادة والتأثير للشباب"، بهدف تمكين الجيل الفلسطيني الشاب، وخاصة في الشتات، من أدوات التعبير الرقمي والتأثير المجتمعي. إيمان بالشباب… واستثمار في المستقبل في حديثه لـ"قدس برس"،
البرازيل.. مظاهرة حاشدة أمام القنصلية الأميركية في ساو باولو رفضا للعدوان على غزة
يونيو 27, 2025
شارك العشرات من النشطاء البرازيليين والمنظمات السياسية والنقابية، اليوم الجمعة، في تظاهرة جماهيرية أمام القنصلية الأمريكية في مدينة ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، احتجاجا على استمرار العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، والدعم الأميركي اللامحدود لحكومة الاحتلال. وجاءت التظاهرة بدعوة من قوى يسارية وحركات اجتماعية، بينها الحزب الشيوعي الثوري (P.C.O)، ومركز النقابات الشعبية  (CSP Conlutas)، ومجموعة