إيرلندا تبحث مشروع قانون يجرّم استيراد منتجات المستوطنات

تواصل اللجنة المشتركة للشؤون الخارجية والتجارة في أيرلندا، اليوم الأربعاء، جلسات الاستماع بشأن مشروع قانون المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (حظر استيراد السلع)، وهو مشروع تدعمه الحكومة ويهدف إلى تجريم واردات المنتجات القادمة من مستوطنات الضفة الغربية، التي تُعدّ غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وكان الاجتماع قد بدأ أمس الثلاثاء، حيث قدّم كبار المسؤولين في وزارة الخارجية عرضاً مفصلاً لأعضاء مجلس النواب والشيوخ حول بنود المشروع، الذي أقرّه مجلس الوزراء الأيرلندي في 27 أيار/مايو الماضي. ويُصنّف المشروع منتجات المستوطنات على أنها "سلع محظورة" بموجب قانون الجمارك، ما يجعلها عرضة للغرامات أو المصادرة عند الحدود.
وفيما يتعلق بالخدمات، تم استثناؤها من الحظر بناءً على تحذير من المدعي العام، الذي أشار إلى أن شمولها قد يتعارض مع قواعد السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي — وهي نقطة تعهّد عدد من أعضاء اللجنة بالطعن فيها خلال جلسات الاستماع التي تستكمل اليوم الأربعاء، بمشاركة السيناتور فرانسيس بلاك، صاحبة مشروع قانون الأراضي المحتلة الأصلي لعام 2018.
ورغم أن حجم التجارة مع المستوطنات يُعد ضئيلاً — إذ لا يتجاوز 685 ألف يورو خلال أربع سنوات وفقاً للتقديرات الرسمية الأيرلندية — إلا أن دبلن، بحسب صحيفة /تايمز أوف إسرائيل/، تعتبر هذه الخطوة بمثابة "اختبار سياسي" قد تحتذي به عواصم أوروبية أخرى مناهضة للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وكانت تسع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، تقودها بلجيكا وإسبانيا، قد طالبت الشهر الماضي بروكسل ببحث إمكانية فرض حظر شامل على تجارة المستوطنات، مستشهدة برأي محكمة العدل الدولية الصادر العام الماضي والذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني.
تداعيات دبلوماسية
في أيار/مايو 2024، استدعت تل أبيب سفيرتها دانا إيرليتش من دبلن، بعد إعلان أيرلندا نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية. ووصفت الحكومة الإسرائيلية هذه الخطوة، إلى جانب مشاريع القوانين الأيرلندية المماثلة، بأنها "مقاطعات غير أخلاقية" تكافئ "حماس"، محذّرة في الوقت نفسه من تأثيرها السلبي على الاستثمارات التكنولوجية.
ولا تزال السفارة الإسرائيلية في دبلن مغلقة حتى اليوم، في ظل توتر متصاعد في العلاقات الثنائية. ومع ذلك، يُصرّ المسؤولون الأيرلنديون على أن مشروع القانون يهدف فقط إلى مواءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية، والضغط في الوقت ذاته على الاتحاد الأوروبي لتبنّي موقف موحد.
وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، سيمون هاريس، الأسبوع الماضي أثناء الكشف عن مسودة القانون: "نُفضّل أن تتحرّك بروكسل، ولكن حتى ذلك الحين، لن تبقى أيرلندا وحيدةً في هذا الوضع".
ويناقش المشرّعون حالياً إمكانية توسيع نطاق الحظر ليشمل خدمات مثل السياحة أو الاستعانة بمصادر خارجية في مجال تكنولوجيا المعلومات، إذا كانت مرتبطة بالمستوطنات.
وفي حال إقرار القانون، ستكون أيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تشرّع حظراً على منتجات المستوطنات، ما سيُفاقم التوتر القائم أصلاً مع إسرائيل، ويستدعي مراجعة قانونية من جانب بروكسل بشأن مدى التوافق التجاري — وهو الصدام الذي تقول حكومة دبلن إنها مستعدة لخوضه.
ويرتكب الاحتلال الإسرائيلي مدعوما من الولايات المتحدة، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، وسط تجاهل واضح للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.
وقد أسفرت الإبادة حتى الآن عن نحو 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين. كما تسببت المجاعة في وفاة كثيرين، بينهم أطفال، فضلاً عن الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية.