في محاولة لإحياء الثروة الحيوانية... شاب غزّي يُنشئ فقاسة دواجن منزلية

في مواجهة سياسة الأمر الواقع التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، والقيود الصارمة على إدخال الدواجن واللحوم إلى قطاع غزة، قرر الشاب الغزّي أحمد أبو أمين خوض تجربة فريدة بإنشاء فقّاسة دواجن منزلية بدائية، تعتمد في إنارتها على مصابيح "LED" موصولة ببطارية، ضمن شبكة توصيل بسيطة.
أحمد، الذي ورث مهنة تربية الدواجن عن والده، قرر تحدي الظلام والحصار، وأعاد إحياء شغفه الطفولي في تربية الدواجن، معلنًا انتصاره الصغير على واقعٍ قاسٍ يمتد منذ أكثر من عامين، من خلال فقاسة منزلية تهدف إلى إنتاج الدجاج محليًا وتوفير الصيصان للسوق المحلي، في ظل شحّ حادٍ فرضه الاحتلال.
بأدوات بسيطة، طوّع الشاب قسوة الواقع لصالح الأمل، فاستخدم حافظة خبز "كلكل" كوحدة حضانة، وضع بداخلها أعواد ملوخية جافة، وعلّق في أعلاها قضيبًا حديديًا لفّ حوله سلك كهربائي ثبت عليه مصباح LED، موصول بأسلاك نحاسية إلى بطارية خارجية، لتوفير الضوء والحرارة اللازمين لحضانة البيض.
يقول أحمد: "لم أعد أحتمل مشهد الأسواق الخالية من الدواجن والصيصان، ولا عجز المزارعين عن بدء دورة إنتاج جديدة. صنعت الفقاسة باستخدام أدوات منزلية، وبنظام تدوير يدوي لمحاكاة الفقاسات الصناعية، فكانت الخطوة الأولى لاستعادة دورة الإنتاج".
ويضيف في حديثه لـ"قدس برس": "بعد 21 يومًا من وضع البيض، خرجت أول دفعة من الصيصان. حرصت على توفير التدفئة والطعام لها حتى تنمو، لتكون نواة لإعادة دورة الإنتاج المحلية، ودعم المزارعين في القطاع".
وعن مشاعره لحظة فقس البيض، يقول أحمد بتأثر: "كل صوص يخرج من فقّاستي هو بذرة أمل جديدة. شعرت وكأني أُعيد الحياة من تحت الرماد. كانت لحظة جميلة ومؤثرة وسط هذا الدمار الذي نعيشه".
ويتابع: "مشروعي بسيط، لكنه يعيد الروح للأسواق، إلا أن استمراره يتطلب دعمًا حتى لو بأدوات بسيطة. لا نطلب الكثير، فقط أن تتوقف الإبادة ويعمّ الأمن، لنحيا بكرامة بعيدًا عن شبح الاستهداف بسبب محاولة البقاء".
وبحسب تقارير أممية ودولية، تعيش الثروة الحيوانية والقطاع الزراعي في غزة مرحلة انهيار شبه تام. فقد أعلنت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) وبرنامج الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (UNOSAT)، حتى أبريل 2025، أن أكثر من 80 بالمئة من الأراضي الزراعية المنتجة قد تضررت أو تُركت دون زراعة، و77.8 بالمئة من الأراضي أصبحت غير صالحة للزراعة، و71.2 بالمئة من البيوت الزجاجية دُمّرت أو تضررت، و82.8 بالمئة من آبار الري خرجت عن الخدمة.
ويشير أحمد إلى أن غياب الأعلاف وارتفاع أسعارها يشكّلان عائقًا كبيرًا أمام استمرار المشروع، خصوصًا خلال الشهرين الأولين من حياة الصوص، حيث يحتاج إلى تغذية مناسبة ولقاحات غير متوفرة حاليًا.
ويُرجع هذا النقص إلى سياسة الاحتلال المستمرة في إغلاق المعابر ومنع إدخال الأعلاف والبيض المخصب والصيصان، في إطار ما يصفه بمحاولة إبادة ممنهجة للثروة الحيوانية ومنع أي إنتاج محلي.
ويؤكد الشاب على أهمية الضغط الدولي لإجبار الاحتلال على إدخال المستلزمات الزراعية والبيطرية، داعيًا إلى إطلاق برامج دعم زراعي تشمل توزيع الأعلاف والأدوية ومواد البناء الزراعي، وتمويل مشاريع فقاسات صغيرة، إضافة إلى تعويض المزارعين المتضررين.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تشن "إسرائيل" بدعم أميركي هجومًا واسع النطاق على قطاع غزة، ارتقى خلاله نحو 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة حادة أودت بحياة العديد، وسط دمار غير مسبوق، رغم المناشدات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.