نشطاء وأكاديميون كويتيون: الابتعاث إلى جامعات تدعم إبادة غزة يتناقض مع قيم الإنسانية

أكد نشطاء وأكاديميون كويتيون أن الصمت تجاه الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة لم يعد خيارًا أخلاقيًا، مشددين على أن الاستمرار في دعم أو تمويل المؤسسات المتورطة في تلك الجرائم ولو بشكل غير مباشر هو شكل من أشكال التواطؤ المرفوض.
وفي ظل ما تكشفه التقارير الحقوقية من شراكات عسكرية وبحثية تجمع بين عدد من الجامعات البريطانية والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، أطلق هؤلاء دعوات صريحة إلى مقاطعة تلك الجامعات، ووقف الابتعاث الأكاديمي إليها، باعتبار ذلك "الحد الأدنى من الموقف الأخلاقي والإنساني".
وشدد الكويتيون في حديثهم لـ"قدس برس" على ضرورة مراجعة الخيارات الأكاديمية بعين منفتحة وضمير يقِظ، وتوجيه الطلبة الخليجيين نحو جامعات تحترم القيم الإنسانية ولا تتواطأ في تبييض جرائم الاحتلال.
استجابة لرفض شعبي
قال مسؤول منسقية الخليج في "رابطة شباب لأجل القدس"، إن "الحملة الخليجية لمقاطعة الجامعات البريطانية تأتي انسجامًا طبيعيًا مع الموقف الشعبي الرافض للاحتلال الصهيوني الغاشم، ولكل أشكال التطبيع مع كيانه العدواني".
وأوضح العبيد، في حديث لـ"قدس برس"، أن هذه الحملة "تنبع من شعور عميق بالعجز والخذلان أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني خاصة في غزة من إبادة جماعية متواصلة، تُرتكب بأبشع الصور على يد الكيان الصهيوني".
وقال: "إن كنا نعجز عن تقديم الدعم الحقيقي الذي يليق بالمروءة والشهامة العربية، وبأواصر الأخوة الإسلامية، فإن المقاطعة، بكافة أشكالها، تبقى أقل ما يمكن فعله".
وأشار إلى أن "المقاطعة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تشمل أيضًا الأبعاد السياسية، والسياحية، والرياضية، والأكاديمية، والتجارية، وغيرها"، مؤكدًا أن الحملة الراهنة تمثل "جهد المقل في وجه آلة القتل والدعم الدولي لها".
وأضاف: "من المخجل أن نستمر كطلبة خليجيين، وأولياء أمورهم، في إرسال أبنائنا للدراسة في جامعاتٍ متورطة بشراكات بحثية وعسكرية مع جيش الاحتلال، في الوقت الذي لا تزال فيه طائراته تدك غزة، وتهدم بيوتها، وتقتل أطفالها".
وتابع: "نحن أمام إبادة جماعية مستمرة منذ قرابة عشرين شهرًا، خلّفت أكثر من 60 ألف شهيد، وقرابة ربع مليون جريح، في قطاع غزة وحده، دون احتساب ما يجري في الضفة والقدس والداخل المحتل".
وأردف الناشط الكويتي أن "الخيارات الأكاديمية في بريطانيا متعددة، وهناك نحو 180 جامعة يمكن التوجه إليها، فلا مبرر لاختيار جامعات ثبت تورطها في قمع المتضامنين مع فلسطين، بل وصل الحال ببعضها إلى فصل طالبة فلسطينية وسحب تأشيرتها لمجرد مشاركتها في مظاهرة منددة بدعم جامعتها لجيش الاحتلال".
وكشف العبيد أن حجم الشراكة العسكرية بين الجامعات البريطانية والمؤسسات الأمنية الإسرائيلية يُقدّر بنحو مليار جنيه إسترليني، وفقًا لمؤسسة "تجريد التعليم من السلاح"، فيما يقدّر إنفاق الطلبة الخليجيين في تلك الجامعات بما يقارب نصف مليار جنيه إسترليني.
وأشار إلى أنه "يبتعث سنويًا من الكويت وحدها قرابة 700 طالب وطالبة إلى بريطانيا، ومتوسط تكلفة الطالب السنوية تصل إلى 17 ألف جنيه إسترليني".
وختم بالقول، "ومن هنا، فإن أقل ما يمكننا فعله هو التوقف عن تمويل الجامعات العشر التي اختيرت في الحملة، والتي تُعد من أبرز الداعمين للكيان الصهيوني وقمع التضامن مع فلسطين داخل أروقتها. هذا الضغط الشعبي قد يشكّل رادعًا لجامعات أخرى، ويدفعها إلى مراجعة شراكاتها مع جيش الاحتلال".
واجب أخلاقي
وقال الأستاذ المشارك في "الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب" في الكويت، خالد العتيبي، "في ظل ما يشهده العالم من مجازر مروعة وجرائم إبادة جماعية تُرتكب بحق شعبنا الفلسطيني الصامد، وفي مقدمتهم أهلنا في غزة، لم يعد الصمت موقفًا محايدًا، بل صار تواطؤًا يُغذّي الظلم ويمنح الغاصب غطاءً أخلاقيًا لا يستحقه".
وعبر العتيبي في حديث لـ"قدس برس"، عن "بالغ قلقه مما كشفته الحملات الحقوقية، وعلى رأسها حملة "ائتلاف الخليج ضد التطبيع"، من أدلة موثقة على تورّط عدد من الجامعات الغربية – وعلى رأسها بعض الجامعات البريطانية – في دعم الاحتلال الصهيوني، من خلال شراكات أكاديمية مع مؤسسات عسكرية إسرائيلية، أو عبر استثمارات مباشرة في شركات الأسلحة والتقنيات التي تُستخدم في قتل المدنيين الفلسطينيين".
وتابع: "بوصفي أكاديميًا من الخليج، أؤمن بأن من واجبنا الأخلاقي والمهني أن نرفع صوتنا عاليًا في وجه هذا التواطؤ، وأن نُرشد أبناءنا الطلبة نحو خيارات تعليمية تتوافق مع قيمنا، ولا تساهم – عن قصد أو جهل – في تمويل آلة القتل والعدوان".
وأكد العتيبي أن "من الخطأ أن نمنح الشرعية لجامعات فقدت بوصلتها الأخلاقية، وأسهمت في تبييض جرائم الاحتلال تحت لافتة البحث العلمي. نحن، كأهل تعليم، مطالبون بعدم تحويل أموال أبنائنا إلى دعم غير مباشر لهذه الجرائم".
ودعا إلى مقاطعة ما أسماها "جامعات العار" المتورطة في دعم الاحتلال، والتوجه إلى البدائل الأكاديمية التي تحترم المبادئ الإنسانية وتلتزم بالعدالة، مؤكدًا أن "قرار الابتعاث يجب ألا يكون أكاديميًا فقط، بل أخلاقيًا وإنسانيًا أيضًا".
وختم بالقول: "من الخليج، نقولها بوضوح: لا تكن شريكًا في سفك الدم الفلسطيني. قاطع جامعات الإبادة، وكن جزءًا من ضمير هذه الأمة".
ويواصل نشطاء كويتيون تسليط الضوء على حملة موسعة أطلقها "ائتلاف الخليج ضد التطبيع" (يهدف لنصرة القضية الفلسطينية)، لمقاطعة الجامعات البريطانية المتورطة في دعم جرائم الاحتلال الإسرائيلي، تحت شعار: "دم غزة مو رخيص".
وأكد الائتلاف في بيان رسمي، أن "الحملة تستهدف الجامعات التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تمويل وتطوير الأسلحة المستخدمة في العدوان على غزة، إضافة إلى تورطها في قمع الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين داخل حرمها الجامعي".