"إمارة الخليل".. محاولة إسرائيلية فاشلة لاختراق النسيج الوطني الفلسطيني

نشر موقع "وول ستريت جورنال" الأمريكي، مساء السبت، تقريرًا بعنوان "عرض سلام جديد مع إسرائيل"، كشف فيه عن وثيقة قُدّمت من قبل رجل يُدعى وديع الجعبري، من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بمشاركة أربعة أشخاص آخرين، إلى وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نير بركات. وتضمنت الوثيقة رغبة المجموعة في التوصل إلى "اتفاقية سلام" مع إسرائيل، تتجاوز السلطة الفلسطينية، عبر فصل الخليل عن الضفة الغربية في إمارة مستقلة.
وفي هذا السياق، أشار الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي، محمد بدر، إلى أن "وول ستريت جورنال" يُعد من أبرز المنابر الإعلامية التي تروّج لرواية الائتلاف الحاكم في إسرائيل، معتبرًا أن ما ورد في التقرير يفتقر إلى المهنية والمصداقية.
وأضاف بدر في حديثه لـ"قدس برس" أن "هناك بالفعل محاولات تواصل تمت مع أحد أبناء الخليل، في إطار مساعٍ لاختراق البنية الاجتماعية للمدينة، خصوصًا العائلات والعشائر الكبرى". وأكد أن هذه المحاولات ليست جديدة، بل تأتي في سياق متواصل يهدف إلى "إعادة تشكيل الفضاء الرمزي الفلسطيني بعيدًا عن الهوية الوطنية الجامعة".
من جانبه، أوضح الباحث الاجتماعي محمد مشارقة أن وديع الجعبري يعمل كمقاول داخل الأراضي المحتلة، وأن لقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الاقتصاد، جاءت في سياق السعي للحصول على تصاريح عمل لعماله، متجاوزًا بذلك التنسيق الرسمي عبر السلطة الفلسطينية.
أما الباحث السياسي مازن الجعبري، فقد وصف الحديث عن "إمارة الخليل" بأنه "امتداد لمحاولات إسرائيلية ممنهجة لصناعة قيادة بديلة تفرض على الشعب الفلسطيني، وتتفادى التمثيل الوطني الحقيقي".
وأضاف مازن الجعبري في تصريح لـ"قدس برس": "هذه المبادرات لا تعكس أي إجماع شعبي، بل تمثّل جزءًا من مشروع سياسي خطير يستهدف تمزيق النسيج الوطني الفلسطيني وتقويض وحدته السياسية والاجتماعية".
ودعا الجعبري القوى الوطنية، والمؤسسات الإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني إلى التعامل مع هذه المساعي باعتبارها "اختراقًا سياسيًا وأمنيًا منظمًا"، مطالبًا بكشف أبعادها والتصدي لها بموقف وطني موحّد. كما شدّد على ضرورة فتح تحقيق شعبي ومجتمعي لمحاسبة كل من يشارك في مشاريع التطبيع أو يسعى لفصل أي جزء من الوطن عن قضيته المركزية.
وفي تطور لافت، أصدرت عائلة الجعبري في مدينة الخليل بيانًا رسميًا، أكدت فيه أن وديع الجعبري لا يمثّل العائلة، ولا تربطه بها أي صلة شرعية أو اعتبارية. وأوضح البيان أن وديع يقيم خارج المدينة، داخل الأراضي المحتلة، مما يفقده أي ارتباط فعلي أو معنوي بالعائلة وقضاياها الوطنية.
وجاء في البيان: "لن نسمح لأي جهة ضالة أو مدفوعة بأجندات مشبوهة أن تنطق باسم العائلة أو تستغل اسمها لتحقيق مصالح خاصة. وسنواجه هذه المحاولات بكل حزم، ولن نتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية والاجتماعية المناسبة لحماية اسم العائلة وصورتها".
تجدر الإشارة إلى أن محافظة الخليل تُعد أكبر محافظات الضفة الغربية المحتلة، وتشهد مركزها استهدافًا مكثفًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، نظرًا لوجود عشرات البؤر الاستيطانية فيها. وقد تم تقسيم المدينة، بموجب اتفاقيات أوسلو، إلى منطقة جنوبية خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وأخرى شمالية تتمتع بوجود رمزي للسلطة الفلسطينية.
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير نُشر أمس السبت، إن "الشيخ وديع الجعبري وأربعة شيوخ آخرين من مدينة الخليل، وقعوا على رسالة يلتزمون فيها بالسلام والاعتراف الكامل بإسرائيل كدولة يهودية".
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن خطتهم تتضمن: الانفصال عن السلطة الفلسطينية، إقامة إمارة مستقلة في الخليل، والانضمام إلى اتفاقيات التطبيع.