مبتورو الأطراف بغزة يترقبون التهدئة أملاً في فرصة للعلاج في الخارج

على سرير متحرك في أحد ممرات مستشفى "شهداء الأقصى" وسط قطاع غزة، يرقد الفتى يوسف أبو خوصة (14 عاما) بعينين تتشبثان بالأمل، وساقٍ واحدة تبقت له بعد أن خطف القصف الإسرائيلي ساقه الأخرى قبل شهور.

يمرّر يوسف كفَّه النحيل على موضع البتر، ويتحدث بصوت خافت عن قصته قائلاً: "كنت نائماً في سريري، وفجأة سقط صاروخ على المنزل، استيقظت بعد ساعات طويلة من الغيبوبة، ووجدت نفسي بلا ساق". يبتلع غصّته، ثم يتابع حديثه لـ"قدس برس": "أخبرتني أمي أن هناك تهدئة قادمة، وأن الجرحى ربما يُنقلون للعلاج في الخارج، وأنا أنتظر دوري، فربما أستعيد جزءاً مما سُرق مني".

يوسف ليس حالة فريدة، بل هو واحد من نحو أربعة آلاف جريح في غزة فقدوا أطرافهم منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في تشرين الأول/أكتوبر 2023. أجسادهم مبتورة، وأحلامهم معلقة، بانتظار علاج ما يزال الاحتلال يحرمهم منه بإغلاقه معبر رفح منذ انهيار وقف إطلاق النار في الثاني من آذار/مارس الماضي.

تعيش فئة مبتوري الأطراف في غزة واقعاً من المعاناة القاسية، وسط انهيار شبه تام للمنظومة الصحية، وغياب شبه كامل لمراكز التأهيل. حتى الأطراف الصناعية المتوفرة في القطاع توصف بأنها بدائية، ثقيلة، ولا تتناسب مع احتياجات الجرحى، ما يجعلها عبئاً إضافياً على من يحاول التكيّف مع إصابته.

في مدينة خان يونس، يجسّد الشاب جهاد (19 عاما) نموذجاً آخر للمعاناة. استهدفته طائرة مسيّرة بينما كان قريباً من منزله شرق المدينة، ففقد إحدى ساقيه نتيجة لذلك. يقول لـ"قدس برس": "لم تعد الحياة كما كانت، الألم لا يفارقني، وكل ما أحلم به هو أن أتمكن من المشي مجدداً بطرف صناعي، في مكان يوفّر لي علاجاً حقيقياً".

يروي شقيقه عماد جانباً آخر من المأساة النفسية التي يعيشها جهاد قائلاً: "انهار نفسياً أكثر من مرة، حتى أن فكرة الانتحار راودته. لا يستطيع المشي ولا حتى الوقوف، وبعض الشظايا لا تزال في جسده ولم تُستخرج بعد، وبالتالي هو غير قادر على خدمة نفسه ويحتاج من يرافقه دائماً".

من جانبها، أكدت وزارة الصحة في غزة لـ"قدس برس" أن مبتوري الأطراف سيكونون على رأس قوائم المرضى المقرر سفرهم لتلقي العلاج في الخارج، فور البدء بتنفيذ التفاهمات الدولية وإعادة فتح معبر رفح.

وأشار مصدر في الوزارة إلى أن "الوزارة جهزت قائمة أولية تضم مئات الحالات الحرجة التي تحتاج تدخلاً جراحياً وتركيب أطراف صناعية غير متوفرة محلياً"، لافتاً إلى أن "ذلك يستوجب من المنظمات الدولية والدول الصديقة أن تكون على أهبة الاستعداد لتجهيز مستشفياتها لاستقبال هذه الحالات".

ويترقّب الغزيون نتائج الجهود السياسية مع نهاية هذا اليوم (الاثنين)، حيث أعلن عن اتفاق على هدنة تمتد لـ60 يومًا، قد تمنحهم بعض الراحة بعد شهور من القصف والدمار. الأمل يحدوهم بأن يكون الفرج بقدر الألم والمعاناة التي تكبدوها خلال حرب الإبادة الجماعية.

وفي هذا السياق، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم 1 تموز/يوليو الجاري، في منشور على منصته "تروث سوشيال" أن "إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوماً"، مبيّناً أن "الوسطاء القطريين والمصريين سيتولون تقديم مقترح نهائي".

فيما أعلنت حركة "حماس"، يوم الجمعة 4 تموز/يوليو الجاري، أنها سلّمت ردها للوسطاء على المقترح القطري المبني على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف المعدّل، واصفةً إيّاه بـ"الإيجابي" مع إدخال بعض التعديلات الفنية.

وتواصل قوات الاحتلال، بدعم أمريكي مطلق، منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدوانها على قطاع غزة، ما أسفر حتى اليوم عن أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد على 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين.

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
مراقبون فلسطينيون: موقف الفصائل الموحد يعزز قوة التفاوض ويقطع الطريق على مشاريع الالتفاف
يوليو 7, 2025
في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يرافقه من ضغوط إقليمية ودولية لفرض صيغة لإنهاء الحرب، برزت مؤخرًا سلسلة من التصريحات والبيانات الصادرة عن قوى وفصائل فلسطينية، تؤكد على وحدة الموقف الوطني خلف خيار المقاومة. الأمر الذي يعكس وفق ما يرى مراقبون فلسطينيون حالة من التماسك الوطني غير المسبوق في مواجهة الضغوط الخارجية
"حماس" تجدد إدانتها لـ "الآلية القاتلة للمساعدات" في غزة
يوليو 7, 2025
جددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إدانتها لما وصفته بـ"الآلية القاتلة للمساعدات" التي تُدار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي، معتبرةً أنها تحولت إلى "مصائد موت" تودي بحياة مزيد من المدنيين في قطاع غزة. وقالت الحركة، في بيان صحفي اليوم الإثنين، إن استمرار استخدام هذه الآلية يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع أعداد الضحايا، مشددة
دبلوماسيون بريطانيون سابقون يحثون ستارمر وماكرون على الاعتراف بالدولة الفلسطينية
يوليو 7, 2025
وجّه نحو 26 دبلوماسيًا بريطانيًا سابقًا رسالةً مفتوحة، نشرتها صحيفة /التايمز/ البريطانية اليوم الاثنين، إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعوهم فيها إلى الاعتراف بـ "دولة فلسطينية". وقد ضمّت الرسالة توقيع عدد من السفراء البريطانيين السابقين لدى دول في الشرق الأوسط، من بينهم السير دومينيك تشيلكوت، السفير السابق لدى تركيا، وبيتر
لحظاتٌ أحدُّ من السيف... على نار الانتظار يترقب الغزيون إعلان هدنة الـ 60 يوما
يوليو 7, 2025
تسود قطاع غزة حالةٌ من الخوف والقلق والترقب، بحثًا عن خبرٍ يحمل بشرى نهاية كابوسٍ دام لما يقارب العامين، لم يعرف خلالهما الغزيون طعمًا للراحة، وتجرّعوا صنوف العذاب والقهر والحرمان. يحدّقون بعيون شاخصة نحو العواجل، لعلّ إحداها تحمل نبأً واحدًا يُنذر بانتهاء هذه المقتلة. يتأمل الغزيون أن تكون نهاية هذا اليوم (الاثنين) بوابة لبداية جديدة،
من التعطيش إلى التهجير: كيف تستخدم "إسرائيل" المياه أداة طرد للفلسطينيين؟
يوليو 7, 2025
في موازاة ممارساتها العسكرية والاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، تنتهج حكومة الاحتلال سياسة ممنهجة تقوم على الاستيلاء على مصادر المياه وسرقتها، وفرض سياسة التعطيش على الأرض والسكان، بهدف إحكام الهيمنة على الينابيع والآبار، وخلق واقع معيشي طارد يدفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية، لا سيما من مناطق الأغوار والريف. في هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي
الصحة في غزة: 105 شهداء و 356 إصابة خلال 24 ساعة
يوليو 7, 2025
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 105 شهداء، و 356 إصابة خلال 24 ساعة الماضية. وقالت الوزارة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الإثنين، إن عددا من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.  وأفادت بـ"ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 57 ألفاً و