تحذيرات من نشاط "غزة الإنسانية": مخاوف من أجندات أمنية واستخباراتية

حذّر باحثون فلسطينيون من خطورة الدور الذي تقوم به مؤسسة "غزة الإنسانية" (شركة أميركية يقع مقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا) في قطاع غزة، مشيرين إلى أنها تمارس أنشطة "تتعارض مع المبادئ الإنسانية"، وتُستخدم "كغطاء لأجندات أمنية واستخباراتية تهدد الأمن الوطني الفلسطيني"، بحسب تعبيرهم.
وقال الباحث الفلسطيني حسن القانوع، في تصريح خاص لـ"قدس برس" اليوم الإثنين، إن اسم المؤسسة "بات مثار قلق وشكوك متزايدة لدى السكان"، مشيرًا إلى أن "نشاطاتها الميدانية تترافق مع حوادث مريبة"، وإلى أن "تحركاتها تفتقر للشفافية وتُثير الريبة، خاصة في ما يتعلق بجمع المعلومات في المناطق المنكوبة".
مقر محاط بكاميرات وتحركات دون تنسيق
وأوضح القانوع أن "المؤسسة تعمل من مقر يقع في منطقة نائية قرب مواقع عسكرية (إسرائيلية)، ومحاط بسياج وكاميرات مراقبة، ما يمنحها طابعًا أمنيًا أكثر من إنساني"، على حد وصفه.
وأكّد أن المؤسسة "نشأت بدعم من جهات أميركية و(إسرائيلية)، وتعمل خارج إطار التنسيق مع الجهات المحلية في غزة".
وأشار إلى أن هناك "رفضًا شعبيًا متزايدًا" للتعامل مع المؤسسة، لافتًا إلى أن "عدداً متزايداً من السكان يرفضون استلام المساعدات التي تقدمها، لما يرونه من توظيف لهذه المساعدات في اختراق النسيج المجتمعي".
كما كشف أن "وزارة الداخلية في غزة أصدرت تحذيرات رسمية تطالب بعدم التعامل مع المؤسسة، بسبب مخاوف من تهديدها للأمن الوطني"، مضيفًا أن مؤسسات دولية، أعربت عن تحفظها على نشاط المؤسسة.
شبهات أمنية وتسريبات ميدانية
وأشار القانوع إلى أن استمرار نشاط المؤسسة "رغم التحذيرات والتقارير الحقوقية"، يثير القلق من "تورطها في تسريب معلومات استخدمت لاحقًا في استهداف مناطق سكنية"، موضحًا أن وجودها ارتبط ميدانيًا بـ"استشهاد أكثر من 600 فلسطيني وإصابة المئات"، وفق شهادات ميدانية تحدثت عن "تحركات مسلحة لموظفي المؤسسة".
اتهامات باستخدام المساعدات كأداة أمنية
وأكّد أن المؤسسة تعمل، بحسب تقديرات محلية، ضمن مشروع يهدف إلى "تفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية، وجمع معلومات حساسة عن السكان والبنية التحتية، وعرقلة وصول المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين"، مشيرًا إلى إدارتها من قبل "ضباط سابقين في أجهزة أميركية و(إسرائيلية)"، مثل نيت كوك وجيك وود، وبتنسيق مع شركات أمنية دولية.
وأضاف أن المؤسسة تحظى بـ"دعم مالي ومصرفي خارجي من جهات يُعتقد أنها تسعى لتغيير البيئة الاقتصادية والأمنية في القطاع بما يخدم أهداف الاحتلال"، داعيًا إلى "تحرك وطني حازم للتصدي لهذا الخطر".
اللداوي: المؤسسة تمارس القتل تحت غطاء إنساني
من جهته، قال الكاتب والباحث الفلسطيني مصطفى يوسف اللداوي إن مؤسسة "غزة الإنسانية" لا تنتمي إلى منظومة العمل الإنساني، بل تُمارس "نشاطًا أمنيًا تحت غطاء المساعدات"، مشيرًا في مقال نُشر ضمن سلسلة بعنوان "مؤسسة غزة الإنسانية: قصة الموت وحكاية الذل"، إلى أن المؤسسة "تستخدم الذخيرة الحية والمتفجرات ضد المدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات".
وأضاف اللداوي أن "أكثر من 170 منظمة دولية طالبت بإغلاق المؤسسة، لأنها تُدار من قبل خبراء عسكريين سابقين، وتعمل خارج إطار الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي".
تأسيس مشبوه وتحركات مثيرة للجدل
تجدر الإشارة إلى أن "مؤسسة غزة الإنسانية" تأسست بعد اندلاع العدوان على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بتمويل أميركي وتنسيق ميداني مع جيش الاحتلال، وروّج لها كمبادرة لتقديم المساعدات في ظل الحصار.
إلا أن تقارير حقوقية وشهادات ميدانية وثّقت انتهاكات وصفت بالخطيرة، من بينها استهداف مدنيين خلال عمليات توزيع المساعدات.
وأكدت جهات حقوقية دولية، بينها منظمات يهودية وأميركية، أن المؤسسة تُشكل خرقًا للمعايير الإنسانية، وتمثل تهديدًا للحياد والشفافية في العمل الإغاثي، محذّرة من استخدامها كوسيلة ضغط سياسي وأمني ضد سكان غزة.