مصدر في "القسام" يكشف لـ"قدس برس" تفاصيل المواجهة الاستخبارية مع الاحتلال

كشف أحد مهندسي ركن الاستخبارات العسكرية في "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في حديث خاص لـ"قدس برس" اليوم الثلاثاء، عن تفاصيل العمليات الاستخبارية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، في محاولته لتعقّب تحركات المقاومة واستهداف قياداتها ومواقعها الاستراتيجية.

وأكد المصدر أن جيش الاحتلال، ومنذ بدء عدوانه العسكري على القطاع في تشرين الأول/أكتوبر 2023، اعتمد على حزمة من تقنيات المراقبة والتجسس المتقدمة، بهدف رصد تحركات عناصر المقاومة ومحاولة الوصول إلى الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى "القسام"، إلا أن جهاز الاستخبارات التابع للكتائب تمكن من كشف العديد من هذه الأساليب وإفشال أهدافها.

أجهزة تجسس متطورة مموهة بالأنقاض

وأوضح المصدر أن من بين الوسائل التي استخدمها جيش الاحتلال زرع كاميرات عالية الدقة، وميكروفونات اتجاهية حساسة، وأجهزة رؤية ليلية، وحساسات حرارية تعمل بالأشعة تحت الحمراء. وقد تم تمويه هذه الأجهزة داخل أحجار صناعية، أو تحت أنقاض المنازل، بل وداخل مواسير مخصصة يصعب كشفها بالعين المجردة.

وأشار إلى أن هذه الأجهزة تعمل ببطاريات "ليثيوم" تتيح لها التشغيل لفترات تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، وقد تم ربطها مباشرة بوحدات الاستخبارات الإسرائيلية مثل "الوحدة 8200" و"الوحدة 9900" عبر وصلات فضائية تتيح نقل البيانات بشكل فوري.

الطائرات المسيّرة وسيناريوهات الزرع

وحول طرق زرع هذه الأجهزة، أوضح مهندس "القسام" أن الاحتلال يستخدم عدة وسائل، أبرزها الطائرات المسيّرة الصغيرة من طراز "كواد كابتر"، التي تمتاز بقدرتها العالية على المناورة والسرعة، وتقوم بإسقاط أجهزة المراقبة في مناطق محددة.

كما يلجأ الجنود خلال عمليات التمشيط الميدانية إلى زراعة هذه الأجهزة بين الركام بشكل احترافي يصعب رصدها، خاصة في المناطق التي شهدت قصفًا واسعًا.

تقنيات الرصد والكشف

وبيّن المصدر أن "ركن الاستخبارات" في "كتائب القسام" يمتلك خبرات متقدمة في تعقّب هذه الأجهزة، حيث يتم إجراء مسح إشاري شامل للموجات اللاسلكية في المناطق المشبوهة، إلى جانب إرسال فرق تحقيق ميدانية لفحص المواقع والتأكد من خلوها من وسائل التجسس.

وتنتشر فرق "ركن الاستخبارات" في مختلف مناطق القطاع، وتعمل ضمن تشكيلات قتالية متأخرة، مهمتها تزويد الوحدات الميدانية في العقد القتالية المتقدمة بالمعلومات اللازمة حول النشاط الاستخباري الإسرائيلي، بما يشمل كثافة تحليق الطائرات المسيرة، خاصة تلك ذات المهام الاستراتيجية مثل "هيرمز 450" و"هيرمز 900".

معالجة البيانات وتحويلها لأهداف قصف

وأوضح المصدر أن الاستخبارات الإسرائيلية تعتمد على وحدات متخصصة في تحليل البيانات وتحويلها إلى بنك أهداف لجيش الاحتلال، حيث تضطلع "الوحدة 9900" بمعالجة البيانات البصرية، كصور الأقمار الصناعية والصور الجوية.

فيما تتولى "الوحدة 8200" جمع وتحليل البيانات السمعية، وفك تشفير الإشارات اللاسلكية والسلكية، وتتبع المحادثات بين أفراد المقاومة.

أما جهاز "الشاباك"، فيعمل كمركز معلومات يستقبل البيانات من الوحدتين (8200 و9900)، ويقوم بتحليلها لتحديد القرار التنفيذي، سواء بشن غارة جوية، أو تنفيذ عملية عبر طائرات مسيّرة دقيقة أو طائرات حربية من طراز "F-16".

جهود استخبارية مكثفة ومكشوفة

ويُشار إلى أن منصة "الحارس" الأمنية التابعة لأمن المقاومة في غزة، كشفت في آذار/مارس الماضي (خلال شهر رمضان)، عن تصاعد الجهود الاستخبارية الإسرائيلية في قطاع غزة، ضمن محاولات الاحتلال المستمرة للحصول على معلومات حول الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.

وذكرت المنصة آنذاك أن الأجهزة الفنية لأمن المقاومة تمكنت من ضبط أجهزة تجسس مموهة بأشكال مختلفة في مناطق متفرقة من القطاع، التي شهدت نشاطًا للمقاومة، خاصة أثناء مراسم تسليم الأسرى.

ووفقًا لما ذكره "أمن المقاومة"، فإن الفنيين المختصين قدّروا أن أجهزة التجسس المضبوطة تم زرعها بواسطة حوامات صغيرة، على غرار حوامة "الكواد كابتر".

وأشارت المنصة الأمنية إلى أن الاحتلال يواصل استغلال أوقات الإفطار والسحور، بالإضافة إلى ساعات الليل المتأخرة، لتشغيل وتوجيه هذه الحوامات.

إبادة مستمرة وسط تجاهل دولي

وترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وقد خلّفت هذه الإبادة نحو 194 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة العديد، بينهم أطفال، فضلًا عن دمار واسع.

 

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
بريطانيا تهدد "إسرائيل" بعقوبات جديدة.. وتدعمها في عدوانها على غزة
يوليو 8, 2025
هدد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بفرض عقوبات جديدة على الاحتلال الإسرائيلي إذا لم يتم التوصل إلى وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكداً أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني أن الوضع في غزة "لا يُحتمل" ويجب أن يتوقف. لكن في تناقض واضح مع هذا الموقف، كشف تقرير حديث للجنة البريطانية الفلسطينية، عن
"فصائل المقاومة": القدوة خارج النسيج الوطني
يوليو 8, 2025
أدانت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تصريحات وزير خارجية السلطة الفلسطينية الأسبق ناصر القدوة التي انتقد فيها دور وحجم ومكانة بعض الفصائل في القطاع، وفي مستقبل المشهد السياسي واليوم التالي لغزة. وقالت الفصائل في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم الثلاثاء، إننا "ندين ونرفض بالمطلق تصريحات المدعو ناصر القدوة التي لا تمثل إلا شخصه
غزة تعود إلى المقايضة: طحين مقابل أثاث وحلاقة بثمن كوب شاي
يوليو 8, 2025
في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة، تشهد الأسواق الشعبية عودة واسعة لنظام "المقايضة" (أسلوب قديم من أساليب التبادل التجاري، يقوم على تبادل السلع أو الخدمات مباشرة دون استخدام النقود كوسيط) حيث تُعرض عشرات السلع غير التقليدية ليس للبيع، بل للمبادلة بسلع أخرى، في ظل انعدام السيولة النقدية والتوقف شبه الكامل للدورة
عمال ميناء "بيرايوس" اليوناني يرفضون تفريغ سفينة تنقل معدات عسكرية إلى "إسرائيل"
يوليو 8, 2025
أعلنت نقابة عمال الموانئ في ميناء "بيرايوس" اليوناني عزمها رفض تفريغ سفينة حاويات تحمل شحنة معدات عسكرية موجهة إلى إسرائيل، في خطوة احتجاجية تؤكد رفضهم لأي تورط يوناني في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأكدت نقابة "إينديب"، التي تمثل عمال الموانئ في مدينة أثينا الساحلية، في بيان لها اليوم الثلاثاء: "لن نفرغ ولو إنشًا واحدًا من
"حماس": اغتيال 6 أسرى محررين في غزة يكشف منهجية التشفي والقتل الإسرائيلي
يوليو 8, 2025
اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، جيش الاحتلال الإسرائيلي باغتيال 6 من الأسرى المحررين والمبعدين إلى قطاع غزة، في إطار ما وصفته بسياسة "التشفي والقتل الممنهج" التي تستهدف من قاوموا وصمدوا في سجون الاحتلال. وقال القيادي في الحركة عبد الحكيم حنيني، في بيان صحفي اليوم الثلاثاء، إن "عمليات الاستهداف الممنهجة التي ينفذها الاحتلال بحق الأسرى المحررين،
"أونروا": حياة أطفال غزة موسومة بـ"الحرب والدمار"
يوليو 8, 2025
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن الأطفال في قطاع غزة يشكلون نحو نصف عدد السكان ووسمت حياتهم بـ"الحرب والدمار". وذكرت الوكالة الأممية، في بيان اليوم الثلاثاء: "يُشكّل الأطفال نصف عدد السكان في غزة (يبلغ عددهم 2.4 مليون نسمة)، وحياتهم موسومة بالحرب والدمار". وأوضحت الأونروا أن الأطفال يقضون أوقاتهم خارج الصفوف الدراسية، ومجبرون على