"العفو الدولية": خطة "إسرائيل" لتجميع سكان قطاع غزة في رفح مشينة وتعكس نية معلنة لارتكاب جرائم حرب

اتهمت "منظمة العفو الدولية"، اليوم الأربعاء، "إسرائيل" بالإعداد المسبق لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من خلال خطة أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تقضي بتجميع سكان قطاع غزة في ما وصفه بـ"مدينة إنسانية" تُقام على أنقاض مدينة رفح جنوبي القطاع، ومنعهم من مغادرتها.
وفي منشور رسمي عبر منصة "إكس"، قالت المنظمة إن "وسط الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تُعدّ خطط كاتس مشينة، وغير إنسانية، وغير مشروعة".
وأكدت المنظمة الأممية أن هذه التصريحات "تمثل نية مُعلَنة لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، وتكشف عن "موقف إسرائيل المنحط وغير الأخلاقي تجاه شعبٍ تُواصل قصفه وتجويعه وتهجيره وإهانته".
وشددت "العفو الدولية" على أن نقل الفلسطينيين قسرًا داخل قطاع غزة أو ترحيلهم خارجه دون إرادتهم، يُعد جريمة حرب تتمثل في "النقل أو الترحيل غير المشروع"، وإذا تم ذلك ضمن هجوم واسع النطاق أو ممنهج على السكان المدنيين، فإنه يشكل "جريمة ضد الإنسانية".
وأضافت أن "إطلاق مثل هذه التهديدات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية علنًا دون خجل، يدلّ على فشل قادة العالم في محاسبة "إسرائيل" وقادتها على ارتكاب الإبادة الجماعية وغيرها من الفظائع".
ودعت المنظمة جميع الدول إلى الامتناع عن تقديم أي دعم لخطة النقل القسري، محذّرة من أن ذلك قد يجعلها "متواطئة في جرائم إسرائيل الدولية".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد صرّح، الإثنين، خلال لقائه مع صحفيين، بأنه وجّه الجيش الإسرائيلي لإعداد خطة لإقامة "مدينة إنسانية" على أنقاض رفح، تُنقل إليها لاحقًا جميع سكان قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى ستتضمن إدخال نحو 600 ألف فلسطيني، معظمهم من منطقة المواصي، بعد إخضاعهم لفحص "أمني"، ولن يُسمح لهم بمغادرتها بعد ذلك.
وأوضح كاتس أن تنفيذ الخطة قد يبدأ خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت المتوقع أن يستمر 60 يومًا، موضحًا أن الجيش الإسرائيلي سيتولى "تأمين" الموقع من الخارج، دون إدارة المدينة أو توزيع الغذاء داخلها.
ولم تُحدد الجهة التي ستتولى إدارة هذه "المدينة"، لكن كاتس أشار إلى سعي "إسرائيل" لإشراك أطراف دولية. وعيّن مدير عام وزارة الأمن ونائب رئيس الأركان السابق، أمير برعام، مسؤولًا عن قيادة تنفيذ المشروع.
وقال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" إن الخطة التي أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بشأن نقل سكان قطاع غزة قسرًا إلى ما تُسمى "منطقة إنسانية" تُقام فوق أنقاض مدينة رفح، تمثّل تصعيدًا خطيرًا في مسار الإبادة الجماعية المستمرة، وتهدف إلى إفراغ غزة من سكانها الأصليين وفرض واقع ديموغرافي جديد بالقوة، في إطار مشروع استعماري يسعى إلى محو الوجود الفلسطيني في القطاع.
وأوضح المرصد (حقوقي مقره جنيف)، في بيان صحفي اليوم الأربعاء، أن المخطط الإسرائيلي يستهدف تجميع مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين في مرحلة أولى، تمهيدًا لحصرهم داخل منطقة مدمّرة تفتقر إلى مقومات الحياة، وتخضع لسيطرة أمنية مشددة وقيود صارمة على الحركة، بما في ذلك منع الخروج منها، ما يجعلها فعليًا معسكر اعتقال جماعي مغلق، يُحتجز فيه السكان خارج أي إطار قانوني مشروع.
وأضاف أن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي المرحبة بما وصفه بـ"الهجرة الطوعية"، تعكس تبني "إسرائيل" لسياسة التهجير الخارجي للسكان، وتكشف أن تجميعهم في الجنوب ليس لأغراض إنسانية بل هو مرحلة انتقالية ضمن خطة منهجية لتفريغ غزة، استمرارًا لسياسات الاقتلاع والتطهير العرقي منذ نكبة عام 1948.
وأشار المرصد إلى أن كاتس كشف أن الخطة تنص على نقل 600 ألف فلسطيني بعد "فحوصات أمنية"، مع فرض قيود صارمة على الحركة ومنع المغادرة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، خاصة حظر النقل القسري، وحرية التنقل، والحق في العودة، والحماية من الاحتجاز التعسفي والتمييز العنصري، والحق في الحماية من الإبادة الجماعية.
وأكد المرصد أن هذه التصريحات الرسمية تُثبت أن "إسرائيل" تمضي قدمًا في تنفيذ خطة تهجير قسري ممنهجة، تقوم على هندسة ديموغرافية قسرية عبر تجميع السكان في "مخيمات احتجاز جماعية" أو "غيتوهات" مفروضة بالقوة.
وانتقد المرصد استخدام مصطلحات مضللة مثل "المنطقة الإنسانية"، معتبرًا أنها محاولة لتمويه جريمة جماعية مكتملة الأركان تحت غطاء لغوي زائف، يهدف إلى إعادة تشكيل التركيبة السكانية في غزة وطرد الفلسطينيين من أرضهم.
ولفت المرصد إلى أن نقاط توزيع المساعدات التابعة لما يُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" تحولت إلى مصائد موت، قُتل في محيطها 758 فلسطينيًا وأُصيب أكثر من 5,000 آخرين منذ أواخر مايو الماضي، ما يُعد نموذجًا لما قد يواجهه المدنيون عند نقلهم القسري إلى تلك المنطقة.
وترتكب فيه "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 194 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.